اليوم .. وزارة الداخلية تُعلن شروط قبول الدفعة العاشرة من معاوني الأمن (تفاصيل)    بطريرك الأقباط الكاثوليك يلتقي كهنة الإيبارشية البطريركية    اليوم.. «محلية النواب» تناقش إجراءات الحكومة بشأن تطوير وتحديث مواقف سيارات نقل الركاب    اليوم.. «تضامن النواب» تناقش موازنة المركز القومي للبحوث الجنائية    «المالية» تعلن تبكير مواعيد صرف مرتبات شهر يونيو    الطرق الصوفية تعلق على قرار السيسي بتطوير أضرحة آل البيت    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "سكن لكل المصريين" بالمدن الجديدة    جولة لأوقاف الإسكندرية على مساجد العامرية    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض "الإبداع في التصميم التنفيذي للمنشآت الخشبية الخفيفة"    انطلاق فعاليات الملتقى التوظيفي الأول بجامعة طيبة التكنولوجية.. اليوم    أسعار اللحوم اليوم الأحد 12 مايو 2024.. البتلو ب 450 جنيهًا    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 12 مايو    الأونروا: نزوح قرابة 300 ألف شخص من رفح خلال أسبوع    شولتس: الهجوم الإسرائيلي البري على رفح سيكون عملا غير مسؤول    زوارق جيش الاحتلال الإسرائيلي تقصف رفح الفلسطينية    «القاهرة الإخبارية»: القيادة المركزية الأمريكية تسقط 3 مسيرات جنوب البحر الأحمر    موعد مباراة الزمالك ونهضة بركان في ذهاب نهائي الكونفدرالية والقنوات الناقلة    ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر يونايتد وآرسنال اليوم    مصرع شاب في حادث تصادم بطريق شبرا بنها – الحر في القليوبية    «الأرصاد»: انخفاض درجات الحرارة في القاهرة اليوم بسبب كتل هوائية أوروبية    موعد عيد الأضحى المبارك 1445ه: تفاصيل الإجازة وموعد وقفة عرفات 2024    تحسين مظهر تطبيق واتسآب للأجهزة المحمولة    الرئيس السيسي: مصر لديها خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت والصحابة والصالحين    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    كلمة الرئيس السيسي خلال افتتاح أعمال تطوير مسجد السيدة زينب (فيديو)    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    طريقة عمل مولتن كيك، في البيت باحترافية    الصحة: تطوير وتحديث طرق اكتشاف الربو وعلاجه    عاجل.. حدث ليلا.. قمع واعتقالات بمظاهرات تل أبيب وغضب في لبنان بسبب عصابة التيكتوكرز    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يفتتح أعمال تطوير المدينة الشبابية الدولية بالأقصر    رئيس اليمن الأسبق: نحيي مصر حكومة وشعبًا لدعم القضايا العربية | حوار    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12- 5- 2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    الهدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية قد تبدأ خلال ساعات بشرط وحيد    ارتفاع مبيعات الجملة للسيارات في إبريل بواقع 9.3% سنويا    بطولة العالم للإسكواش 2024| تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة    الحكومة: تعميق توطين الصناعة ورفع نسبة المكون المحلى    «آمنة»: خطة لرفع قدرات الصف الثانى من الموظفين الشباب    ما التحديات والخطورة من زيادة الوزن والسمنة؟    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    تحذير مهم من "تعليم الجيزة" للطلاب وأولياء الأمور لهذا السبب    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    يسرا: عادل إمام أسطورة فنية.. وأشعر وأنا معه كأنني احتضن العالم    الآن.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 12 مايو 2024 (للبيع والشراء)    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة نهضة بركان    "الأوقاف" تكشف أسباب قرار منع تصوير الجنازات    على خطى مبابي.. نافاس يعلن رحيله عن باريس سان جيرمان    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    حبس سائق السيارة النقل المتسبب في حادث الطريق الدائري 4 أيام على ذمة التحقيقات    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    أخبار × 24 ساعة.. وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    أستاذ لغات وترجمة: إسرائيل تستخدم أفكارا مثلية خلال الرسوم المتحركة للأطفال    بعيداً عن شربها.. تعرف على استخدامات القهوة المختلفة    علي الدين هلال: الحرب من أصعب القرارات وهي فكرة متأخرة نلجأ لها حال التهديد المباشر للأمن المصري    حظك اليوم برج العذراء الأحد 12-5-2024 مهنيا وعاطفيا    وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أعوام الدبلوماسية الخمسة».. الخارجية تفقد بريقها و5 وزراء فشلوا في المهمة.. قطر وتركيا من الود المعلن إلى العداء الخفى.. تداعيات «عام الرمادة» الدبلوماسية مستمرة في أمريكا وأوربا
نشر في فيتو يوم 24 - 01 - 2016

«مصر دور» قبل أن تكون دولة.. دور مرتبط بأربع دوائر هي العربية والإسلامية، الأفريقية، والعلاقات مع أوربا لطبيعة المشتركات التاريخية على امتداد حوض البحر المتوسط، وأخيرا الدول الكبرى المتمثلة في أمريكا وروسيا.
هذا الدور ارتبط بقوة القاهرة الدبلوماسية منذ أسس محمد على باشا مصر الحديثة، وشرع في بسط أذرع نفوذه خارجيا، لتثبيت دعائم حكمه وتقويتها، توالت العقود والقرون وتمكنت مصر في أحلك الظروف من امتلاك أوراق اللعبة الخارجية، حتى المحتل استغل موقعها الجغرافى ومكانتها التاريخية لفرض هيمنته أمام القوى الاستعمارية الأخرى بالعالم.
ومع ثورة يوليو 1952، والانتقال من العصر الملكى إلى حياة الجمهورية، ظلت مصر رائدة لأمتها العربية وزعيمة لمحورها الأفريقى، ناوشت الولايات المتحدة الأمريكية وتقربت من السوفيت، حتى تولى الرئيس الأسبق حسنى مبارك السلطة، صحيح أنه تمكن من الحفاظ على هذه الريادة لعدة سنوات، انتهت بتخليه عن أفريقيا عقب حادث محاولة اغتياله في العاصة الإثيوبية «أديس أبابا» عام 1995، تبعه تراجع في الملفات العربية وترك المساحة شاغرة لدويلة بحجم قطر للعب دور المناوئ بقناة فضائية، تجنبا للصدام مع الأنظمة العربية خشية فتح ملف توريث نجله جمال في وسائل الإعلام بالمنطقة بعد نجاحه في تكميم الأفواه الداخلية.
اليوم ومع حلول الذكرى ال 5 لثورة يناير، حان وقت فتح كشف حساب خمس سنوات «عجاف» في تاريخ الدبلوماسية المصرية التي ما زالت ترقد في الإنعاش وتسير وفقا للأهواء وتصادق وفقا للتداعيات المرحلة، وتنفصل على طريقة المراهقين بسبب «تصريح».
2011.. عام الرمادة الدبلوماسى
عقب تنحى حسنى مبارك عن حكم البلاد، وتسليم الدولة إلى المجلس العسكري، حكم ميدان التحرير القاهرة، وأصبح تولى المناصب الوزاية تلبية لمطالب الميدان بغض النظر عن الكفاءة والقدرة على أداء المهمة، ولما كان حينها من نفوذ خفى لعناصر الإخوان في ميادين الثورة، وتحول صفوت حجازى إلى مصدر فرمانات التعيين في المناصب الوزارية، رفع اسم الدبلوماسى نبيل العربي، وطالبت القوى الثورية بتعيينه وزيرا للخارجية في حكومة عصام شرف، خلفا لنظيره أحمد أبو الغيط الذي عوقب على عمله مع نظام مبارك.
اختيار العربي، جاء بقرار مراهقة سياسية على خلفية تصريح سابق له ضد دولة الاحتلال الإسرائيلى، وتفسرت فيما بعد أسباب الدفع به عقب الكشف عن علاقته بالنظام القطرى التي عززتها تصريحات أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر محمد المسفر، والذي تبنى الترويج للعربى على أنه «طوق نجاة» لدبلوماسية مصر الغائبة.
وخلال الشهور التي تولى العربى رأس الدبلوماسية المصرية، شهد سجله الوظيفى عدة بيانات تبدأ بحرف «النون» على غرار «نشجب ونندد وندين ونستنكر ونتفهم»، إلى أن ترك منصبه لتولى منصب أمين عام جامعة الدول العربية، خلفا لعمرو موسى، في صفقة إخوانية كشفها أيضا نية حزب الحرية والعدالة «المنحل» الذراع السياسية لجماعة الإخوان مساندته كمرشح توافقى للرئاسة مصر.
قبل انقضاء السنة الأولى من ثورة يناير التي تستحق أن يطلق عليها «عام الرمادة» لما شهدته من جفاف في السياسة المصرية داخليا وخارجيا، شغل السفير محمد العرابى منصب وزير الخارجية لمدة شهرين، ووجوده كان اشبه بالديكور الحكومى للحفاظ على شكل مؤسسة الدبلوماسية التي تجمدت خلال هذا العام، وملء المنصب الشاغر، وسارع بتقديم استقالته للقفز من مركب غارق في يوليو من نفس العام متعللا برفع الحرج عن عصام شرف أثناء مشاروته لتشكيل الحكومة الجديدة.
الدبلوماسية الشعبية
في ظل غياب وزارة الخارجية عن الملفات المهمة، ظهر على سطح الحياة السياسية ما يسمى «الدبلوماسية الشعبية»، وفود وشخصيات تشكل على أهواء الميدان والإخوان، بهدف تنشيط العلاقات.. مارست هذه الوفود مراهقة سياسية حقيقية في جميع الملفات العربية والأفريقية، وسيطر على غالبية أعضائها المصالح الخاصة، من بينهم من تملك أرضا زراعية في السودان، وأخر كان يبحث عن سوق لمنتجات شركات أدوية بمتلكها، علاوة على بعض الرموز الإعلامية المستهلكة منذ عصر مبارك تواجدت على طائرة هذه الوفود للبحث عن فرصة لتمويل مطبوعة صحفية من إحدى الدول الخليجية.
استمرت الظاهرة لشهور وانتهت كما بدأت، وعلى غرار الائتلافات الثورية التي كان يعلن عنها في مقاهى وسط البلد، توالت الإعلانات عن المسميات ووفود الدبلوماسية الشعبية على الفضائيات.
الحداد.. يسيطر على الخارجية
بالعودة إلى عام الرمادة 2011، عقب استقالة العرابي، اختار عصام شرف، رئيس الحكومة آنذاك السفير السابق محمد كامل عمرو، والذي استمر في منصبه وعاصر سنة حكم الرئيس «المعزول» محمد مرسي.. وبحسب حديث دبلوماسى سابق مطلع على كواليس وزارة الخارجية، سيطرت جماعة الإخوان - المصنفة إرهابية- على مفاصل الوزارة وجميع البعثات الدبلوماسية في الخارج، وقت وجود كامل عمرو في منصبه.
وهيمن عصام الحداد حينها على صناعة القرارات الدبلوماسية، وشهدت مصر بركانا دبلوماسيا أحرق جميع الملفات الخارجية والتي ما زالت تعانيه القاهرة حتى الآن عربيا وأفريقيا ودوليا.
قصف سد النهضة على الهواء
تعمد الجماعة تهميش وزارة الخارجية وهيمنت رجلها على الملفات الخارجية، جعل الأزمات تتوالى، ويأتى على رأس «قائمة المصائب» أزمة «سد النهضة» التي ظلت كأمنة منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ونجح مرسي في اجتماعه الشهير ب«المشايخ» في تفجيرها وقلب الأوضاع رأسا على عقب، عندما أذاع الاجتماع السرى لمناقشة قصف أديس أبابا على الهواء مباشرة، ومثل فضيحة كبرى للدبلوماسية المصرية.
وما زالت تعانى مصر تداعيات هذا الاجتماع حتى الآن، بعد إصرار الجانب الإثيوبى على تشييد السد نكاية في القاهرة، التي كانت تخطط لقصفه بشكل سرى في اجتماع مذاع على الهواء.
الدوحة تحكم القاهرة
خلال عام 2012 الذي شهد فوز مرسي بالرئاسة، سيطرت قطر من خلال رجال الإخوان عصام الحداد، على مفاصل المؤسسة الدبلوماسية وحركتها بناءً على أهواء الأمير سواء على صعيد البيانات الرسمية، أو ترتيب الزيارات الخارجية.
الملفت في الأمر حينها، تحول قصر الاتحادية إلى مقر لاستقبال أعضاء التنظيمات المسلحة –حماس، وممر لتمكين قطر وتركيا من مقدرات الدولة المصرية.
«جان آجون».. رجل تركيا بالقاهرة
هدم أسوار القاهرة الدبلوماسية لم يقتصر على المعول القطري، وطاله أيضا العثمانيون الجدد، وتمكن رجب طيب أردوغان، الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء حينها من التحكم في دفة الدبلوماسية المصرية، وكانت التعليمات العثمانية تأتى من الباب العالى إلى مكتب الإرشاد بعيدا عن مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية.
وعمل رجل أردوغان الخفى بالقاهرة، «جان آجون» رئيس مؤسسة الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التركية «سيتا»، على نقل الرسائل والتوصيات من خلال مكتب المؤسسة الذي تم تدشينه في منطقة وسط البلد، كوجهة خفية لنقل التوصيات الدبلوماسية التي تتحرك القاهرة خارجيا بناءً عليها.
مصر وأروبا.. «دونت مكس»
في سياق محاولة جماعة الإخوان رسم خريطة دبلوماسية جديدة تقوم على تركيع القاهرة أمام الغرب بغية دعم حكم الجماعة، سارع مرسي لزيارة عدة عواصم أوربية أهمها لندن وبرلين، وقدر الله أن يحفظ الجيش المصرى من صفقة قذرة عقدها «الحداد» مع الجانب البريطانى نظير دعم «مرسي» أمام الحراك الشعبى ضده، تضمنت تعهد مصر بإرسال قوات برية إلى سوريا للمعاونة في الإطاحة بنظام الأسد.
برلين هي الأخرى، شهدت فضيحة هزت مصر داخليا وخارجيا بتصريحات «مرسي» وتصرفاته أثناء المؤتمر الصحفى مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأصبحت جملته الشهيرة «الدرايف والكحول..دونت ميكس» مادة ساخرة في الصحافة الأوربية والتي تحتفظ بها في أرشيفها عن أعوام الثورة في مصر حتى الآن.
القطيعة مع الخليج
دول الخليج العربى التي تربطها بالقاهرة علاقات جذورها ضاربة في التاريخ، لم تسلم من مشروع الإخوان الدبلوماسي، ونالت السعودية والإمارات والكويت والبحرين نصيبها من أعوام التصحر الدبلوماسي.
السعودية التي كانت تحت حكم الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، تعرضت لسهام تحريض الجماعة منذ ثورة 25 يناير، حتى عزل مرسي، لصالح أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، الذي كان يناصب النظام السعودى وقتها العداء بسبب أحلامه في قيادة الخليج العربي.
الإمارات هي الأخرى تجرعت مرارة مشروع الإخوان فوق أراضيها، وكانت دائما هدفا للهجوم الإخوانى، وتعلقت أبو ظبى أكثر من مرة في اتخاذ خطوة سحب سفيرها من القاهرة حرصا على العلاقات التاريخية مع الشعب المصري.
علاقات متخبطة مع إيران
مشروع الجماعة منذ البداية تبنى نهجا دبلوماسيا يرسخ لفكرة الدولة الدينية تنفيذا لتعليمات أمريكا الداعمة للوبى الصهيونى المطالب ب«دولة يهودية»، وفى ظل الخدمات المقدمة على بياض لواشنطن، سعت الجماعة للتقرب من إيران رغم الخلافات المذهبية وتضاد الأهدف في سوريا، وزار «مرسي» طهران لحضور قمة «عدم الانحياز».
لم تخل العلاقات من غزل متبادل بين مرشد القاهرة محمد بديع، والمرشد الإيرانى على خامنئي، الذي حرص في أكثر مناسبة على طمس الثورة المصرية –يناير- بالصبغة الإسلامية.
من جهة أخرى اعتبرت قيادات الجماعة، التقرب من طهران انتقاما من نظام مبارك الذي ظل مقاطعا لها طوال عقود حكمه، وانتقاما من شخص السادات الذي سمت إيران أحد شوارع طهران باسم قاتله «خالد الاسلامبولى» للرد على استضافة القاهرة وقت حكمه للشاه الإيرانى السابق محمد رضا بهلوي.
ثورة 30 يونيو
استمر تخبط الجماعة خارجيا، وحاولت السعى نحو المعسكر الشرقى الرافض لها، وسجلت زيارة المعزول إلى روسيا فضيحة دبلوماسية للقاهرة التاريخية، حينما خطط لها الحداد دون علم وزارة الخارجية، ما أدى إلى استهانة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بضيفه، وتم استقباله بطريقة مهينة.
انتهى مشروع الجماعة برمته داخليا وخارجيا، باندلاع ثورة 30 يونيو وبيان عزل مرسي في الثالث من يوليو، وبدأت القاهرة صياغة السياسة الخارجية من جديد، وتولى السفير نبيل فهمى وزارة الخارجية في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور.
فهمى لما يملكه من تاريخ طويل في العمل الدبلوماسي، بدأ مرحلة المواءمات والمصالحات الخارجية، ونظرا لتعاطف دول الخليج مع ثورة يونيو وتأييدها لإنهاء مشروع الإخوان الرامى إلى تفتيت المنطقة.
العودة للدائرة العربية
خطوة العودة إلى الدائرة العربية والإسلامية لم تتطلب بذل جهود مصرية، خاصة أن العواصم الخليجية كانت على قناعة بعدم قدرة الجماعة على قمع شعب ثار في وجه مبارك، واستشعر خطر سقوطه في سيناريو سوريا وليبيا واليمن والعراق.
ساندت المملكة العربية السعودية، مصر بكامل طاقتها الدبلوماسية والاقتصادية، وحمل كتاب التاريخ في العلاقات بين البلدين صفحات مضيئة للراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز في مساندة مصر وشعبها، والذي ودع العالم والقاهرة بلقاء خاطف مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمطار القاهرة في لقاء خاطف على طائرته الخاص أثناء عودته من رحلة علاج بالمغرب.
بالمثل حشدت الإمارات طاقتها السياسية الخارجية لدعم النظام المصرى على كل الأصعدة، ومارست ضغوطا هائلة على الغرب لإقناع أوربا بإرهاب جماعة الإخوان، وسخرت مواردها المالية لمواجهة اللوبى الإعلامي لقطر وتركيا في الغرب، الذي تعمد تشويه الحقائق وحرض على القاهرة بكافة الوسائل.
وسط هذا المعترك ظلت العلاقات مع إيران مجمدة رغم حاجة مصر إلى إعادة هيكلتها في ظل الدور المرتقب لطهران بالمنطقة، والتقرب الحثيث من دولة الملالى القائم على الندية وفتح سبل للتواصل لن يضر الخليج المعادى لها بقدر ما يحمله من إيجابيات مستقبلية تضع جميع الأطراف على الطاولة، والقاهرة مؤهلة بقوة للعب دور الوسيط النزيه لابتعادها منذ فجر التاريخ عن الصراعات المذهبية بين «السنة والشيعة» التي تفخخ طريق التواصل بين طهران والعواصم الخليجية.
الزواج الكاثوليكى
«الدائرة العربية رغم سهولتها» لكن القاهرة عادت إلى النقطة «صفر» في علاقتها مع الدوحة، بعد شعور الأخيرة بخسارة ملايين الدولارات بإجهاض القاهرة لمشروعها بعزل الإخوان، وأيضا تركيا بعد أن كشف أردوغان عن وجهه الإخوانى دون مواربة.
وسط هذا المعترك الدبلوماسي، ظلت واشنطن العقبة الأساسية أمام القاهرة واتسمت العلاقات الدبلوماسية مع إدارة الرئيس باراك أوباما بالفتور، في ظل عدم القدرة على فك الارتباط بين ليلة وضحاها بعد عقود من التبعية وعامين من الانبطاح.
التصريحات التي تخرج عن القاهرة حول العلاقات تتسم ب«الدبلوماسية» واتباع سياسة إمساك العصا من المنتصف، حتى تبدد غيوم العلاقات، واشنطن بما تملكه أكثر جرأة بطبيعة الحال وتدافع عن مشروعها في جماعة الإخوان، بين الحين والآخر دون مجاملات، وتتبع سياسة الكيد الدبلوماسى في هذا الشأن.
بدوره حرص وزير الخارجية السابق نبيل فهمى على هذه الصيغة، حتى سقوطه دبلوماسيا في تشبيه العلاقات بين مصر وأمريكا ب«الزواج الكاثوليكى».. هذا التصريح رغم قساوته على فهمى لتسببه في الاطاحة به من منصبه، وضح خارطة التوجهات الدبلوماسية التي انتوى «السيسي» السير فيها وكشفت قرار القاهرة بتعدد الخيارات والتحرك شرقا بخطوات متسارعة.
بوتين وبرج القاهرة
هبطت طائرة القاهرة الدبلوماسية فوق الأراضى الروسية، وبدأت ملامح سياسة خارجية جديدة أظهرت نية النظام الجديد في تحريك الملفات العالقة في واشنطن إلى موسكو.
ورغم المحادثات الهاتفية الدائمة بين وزير الخارجية جون كيرى ونظيره سامح شكري، بدا أن وزير خارجية روسيا سيرجى لافروف أصبح يحتل مكانة خاصة لدى رأس الدبلوماسية المصرية الذي يميل هو الآخر لهذا الانتقال الهادئ ويجد توافقا مع موسكو.
التردد الأوربي
فتح الدائرة العربية وكسر الدائرة الأمريكية بالحليف الروسي، اتضحا خلال الفترة الماضية مدى سهولته، مقارنة بالدائرة الأوربية المغلقة في ظل هيمنة تركيا على عدد من العواصم الأوربية واستثمارات قطرية تحرك الهوى السياسي لأصحاب البشرة البيضاء.
ربما تكون زيارات السيسي إلى عدد من العواصم الأوربية بردت من سخونة الخلافات، على خلفية إغلاق بعض المنظمات والجميعات الحقوقية الأوربية التي تمثل أذرع استخبارات خفية تعمل تحت لافتات إنسانية.
البعد الأسمر
يتبقى أمام النظام الحالى مهمة شاقة أيضا لا تقل صعوبة عن اختراق الدائرة الأوربية، وهى قارة أفريقيا التي تعج بالمشاكل والخلافات وعلى رأسها «سد النهضة»، وكذلك الجارة الشقيقة السودان التي تصافح القاهرة في العلن وتتناحر معها أيديولوجيا في الخفاء.
ولعل تأسيس «الوكالة الأفريقية المصرية من أجل التنمية» الهادفة إلى مد جسور التواصل مع القارة السمراء، خطوة في بداية طريق العودة بالرغم من عدم بذلها الجهد المطلوب حتى الآن ولم يتعدى نشاطها العناوين البراقة في وسائل الإعلام.
الطلاق البائن
خلال الخمسة أعوام التي انقضت من تاريخ ثورة 25 يناير، تأرجحت العلاقات الدبلوماسية تبعا لأهواء صانع القرار، وتنقلت من الغرب إلى الشرق ومن الزواج الكاثوليكى إلى الطلاق البائن.. الأمر الذي يلحق بالغ الضرر ب»مصر الدور»، ما يستدعى السير في نهج دبلوماسى منضبط يقوم بتعدد الخيارات الحقيقية، وتجنب الانجرار من الانبطاح غربا إلى التبعية شرقا تجنبا لصراع الدوائر التي تتطلب التواجد الدبلوماسى المصرى بهدف شد القاهرة الدبلوماسية من كبوتها وعودتها إلى كوزموبوليتان فاعل لا مفعول به في معادلة الصراع السياسي الدولى والإقليمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.