قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار فريد نزيه تناغو بوقف 43 دعوى قضائية تطالب ببطلان التشكيل الثانى للجمعية التأسيسية للدستور وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا، للفصل فى مدى دستورية المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 2012، والخاصة بتعيين أعضاء مجلس الشعب فى "التأسيسية" للفصل فى مدى دستوريتها. وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن نص المادة الأولى من قانون 79 لسنة 2012 تضمن إخضاع قرارات أعضاء مجلسى الشعب والشورى غير المعينين فى انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية للرقابة على دستورية القوانين والرقابة على أعمالها، الأمر الذى يشوب ذلك النص بمخالفة حكم المادة "48" من الإعلان الدستورى، التى أسندت إلى مجلس الدولة الإختصاص بنظر المنازعات الإدارية. وأشارت إلى أن حكم المادة "48 من الإعلان الدستورى" واجب الاحترام عند استعمال المشرع سلطته فى توزيع إختصاصات الهيئات القضائية. وأضافت أن القرارت المشار إليها فى المادة الاولى قرارات إدارية فردية ولا تعد تشريعا بالمعنى الموضوعى، ما تختص المحكمة الدستورية العليا بالرقابة على دستوريتها، كما أنها لا تعد من الأعمال البرلمانية التى لا تخضع يوما لرقابة أى جهة قضائية فى مصر، ولم يتضمن تاريخ التشريع فى مصر إسناد أي رقابة على الأعمال البرلمانية لأية جهة قضائية، بما فى ذلك المحكمة الدستورية العليا. وأوضحت المحكمة أن ما تضمنه المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 2012 تشوبه شبهة مخالفة المادة "21" من الإعلان الدستورى، التى كفلت حق التقاضى، وحظرت النص فى القوانين على تحصين أى عمل من رقابة القضاء، وكذلك شبهة مخالفة ما تضمنه نص المادة "47" من الإعلان الدستورى، من أنه لا يجوز لأى سلطة التدخل فى القضايا. وأشارت إلى أن قانون معايير انتخاب الجمعية التأسيسية لإعداد دستور جديد للبلاد صدر بعد انتخاب الجمعية التأسيسية بالفعل، وبعد أن باشرت عملها لمدة شهر تقريبا، ولم يتضمن القانون أى ضوابط للاختيار، وصدر خاليا من المعايير. الأمر الذى يشير إلى أن وضع المادة المشار إليها كان بهدف منع محكمة القضاء الإدارى من نظر الطعون التى أقيمت لوقف تنفيذ القرار الجديد الصادر بتشكيل الجمعية، بعد أن حكمت المحكمة بوقف تنفيذ قرار تشكيل الجمعية الأولى، وبعد أن تصاعدت الاحتجاجات الشعبية ضد القرار الجديد الصادر بتشكيل الجمعية الجديدة وقدمت ضده طعون عديدة. وقصد من المادة الأولى تحصين قرارات الجمعية التأسيسية من رقابة المشروعية التى تختص بها محاكم مجلس الدولة، تفلتا من هذه الرقابة على وجه ينطوى على إساءة استعمال سلطة الانحراف. ولجأ المشرع فى سبيل ذلك إلى إطلاق أوصاف على القرارات الدستورية والبرلمانية مخالفا نوعها وكونها وجوهرها بطبيعة الأعمال القانونية تظل مرتبطة بحقيقتها فى ذاتها، وليس بما يضفيه المشرع عليها من أوصاف غير صحيحة. ولما كان قد تبين للمحكمة أن نص المادة الاولى من القانون رقم 79 لسنة 2012 قد شابتها شبهات عدم الدستورية سالفة البيان، وكانت المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية تنص على أن تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالى، إذا تراءى لإحدى المحاكم أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع، أوقفت الدعوى، وأحالت أمرها للمحكمة الدستورية للفصل فيها. وأشارت إلى أن المحكمة الدستورية بعد أن تفصل فى مدى دستورية هذه المادة، ستعيد الدعاوى إلى محكمة القضاء الإدارى، فإذا قضت المحكمة بدستوريتها تكون المحكمة غير مختصة وكذلك إذا قضت بعدم دستوريتها. جدير بالذكر أن الحكم صدر برئاسة المستشار فريد نزيه تناغو رئيس محاكم القضاء الإدارى وعضوية المستشارين عبد المجيد المقنن وسامى درويش، وأمانة سر سامى عبد الله.