رئيس "الشيوخ": ذكري تحرير سيناء صنعتها تضحيات رجال القوات المسلحة    محافظ القليوبية يتابع توريد القمح بصومعةغلال عرب العليقات- صور    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية -تفاصيل    وزير الخارجية السعودي: الأمم المتحدة تقدر إعادة إعمار غزة في 30 عامًا    "محدش هينزل معايا القبر".. رضا عبدالعال يفتح النار على مخرج مباراة الأهلي بسبب هدف مازيمبي    علوم حلوان تناقش دور البحث العلمي في تلبية احتياجات المجتمع الصناعي    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    "البحوث الإسلامية" يطلق حملة "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا" بمناسبة عيد العمال    إيران: وفد كوري شمالي يزور طهران لحضور معرض تجاري    تكلفة الطحن وتسويق النخالة تصعد بأرباح مطاحن ومخابز الإسكندرية 43% خلال 9 أشهر    ذا أثلتيك: صلاح سيبقى في ليفربول.. ولم يُظهر رغبته بالرحيل    الأبناء قتلوا أبوهم وأبلغوا الشرطة.. ماذا جرى في قضية أرض الذرة بأسيوط؟    باركود وتعليمات جديدة.. أسيوط تستعد لامتحانات نهاية العام    لاستكمال المرافعة.. تأجيل محاكمة 35 متهمًا في حادث قطار طوخ    وزيرة الثقافة تلتقي نظيرها الإماراتي قبل افتتاح معرِض أبو ظبي الدُولي للكتاب    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    المخرج خالد جلال يشهد عرض مسرحية "السمسمية" بالمنيل (صور)    تحت شعار "غذاء صحي وآمن لكل مواطن".. "الصحة" تفتتح المؤتمر السنوي الثالث للمعهد القومي للتغذية    عضو مجلس الزمالك يعلق على إخفاق ألعاب الصالات    عاجل.. شوبير يكشف آخر خطوة في تجديد علي معلول مع الأهلي    البنك المركزي يبيع أذون خزانة ب 997.6 مليون دولار بمتوسط عائد 5.149%    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    حكم رادع ضد المتهم بتزوير المستندات الرسمية في الشرابية    المشدد 5 سنوات والعزل من الوظيفة لرئيس حي السلام ومهندس بتهمة تلقي «رشوة»    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    «تشريعية النواب» توافق على رفع الاختصاص القيمي للمحاكم الابتدائية    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    وزيرة التضامن تستعرض تقريرًا عن أنشطة «ال30 وحدة» بالجامعات الحكومية والخاصة (تفاصيل)    «للمناسبات والاحتفالات».. طريقة عمل كيكة الكوكيز بالشوكولاتة (فيديو)    عامر حسين: الكأس سيقام بنظامه المعتاد.. ولم يتم قبول فكرة "القرعة الموجهة"    «القومي لثقافة الطفل» يقيم حفل توزيع جوائز مسابقة رواية اليافعين    تراجع نسبي في شباك التذاكر.. 1.4 مليون جنيه إجمالي إيرادات 5 أفلام في 24 ساعة    التضامن : سينما ل ذوي الإعاقة البصرية بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    إزالة 22 حالة تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    بث مباشر.. مؤتمر صحفي ل السيسي ورئيس مجلس رئاسة البوسنة والهِرسِك    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    "سنوضح للرأي العام".. رئيس الزمالك يخرج عن صمته بعد الصعود لنهائي الكونفدرالية    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    «العمل» تنظم فعاليات سلامتك تهمنا بمنشآت الجيزة    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    محمد شحاتة: التأهل لنهائي الكونفدرالية فرحة كانت تنتظرها جماهير الزمالك    بالاسماء ..مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    وكيل مجلس الشيوخ: الجمهورية الجديدة تضع التعليم في صدارة أولوياتها    مؤسسة أبو العينين الخيرية و«خريجي الأزهر» يكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين.. صور    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    ضحايا بأعاصير وسط أمريكا وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل    خلي بالك.. جمال شعبان يحذر أصحاب الأمراض المزمنة من تناول الفسيخ    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    لهذا السبب.. ريال مدريد يتخلى عن نجم الفريق    أسعار الذهب فى مصر اليوم الاثنين 29 أبريل 2024    البحوث الفلكية: غرة شهر ذي القعدة فلكيًا الخميس 9 مايو    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقيقة أوضاع العرب والمسلمين بفرنسا
نشر في فيتو يوم 22 - 11 - 2015

أمضيت أسبوعي في الرد على رسائل الأصدقاء عن حقيقة فيديوهات وصور وأخبار كاذبة انتشرت كالنار في الهشيم بعد أحداث باريس الأخيرة؛ كوني أعيش بفرنسا منذ سنوات طويلة ومتابعة لإعلامها وتطوراتها السياسية، والحقيقة أن أحد أسباب انسياق الناس لهذه الشائعات التي كان هدفها التقليل من التعاطف مع أبرياء مدنيين سقطوا ضحايا للإرهاب الذي عانينا منه في بلادنا العربية سنوات طويلة، هو عدم معرفتهم بمثلت ثلاثي الأضلاع بفرنسا، أوضاع العرب والمسلمين، وطبيعة الشعب الفرنسي، والأحداث المؤثرة على الرأي العام والساحة السياسية.
فرنسا بها ما يقارب الستة ملايين عربي ومسلم، بعض الشباب يعيش بأوراق إقامة دول أوربية أخرى كإيطاليا واليونان، وهناك عائلات كاملة بلا أوراق شرعية تنتظر تسوية أوضاعها، ومن وقت لآخر يصدر قانون يساعدهم في الحصول على أوراقهم بشروط معينة.
أدركت فرنسا من فترة مشكلة الزواج "الأبيض"، وهو زواج فرنسية بشاب عربي، فوضعت قوانين صارمة للتحقق من صدق الزواج، نسبة لا بأس بها من العرب تعمل "بالأسود"، وهو عمل غير معلن للحكومة ولا تدفع الضرائب، نسبة لا بأس بها أيضا تنجب أطفالا للحصول على أموال من الدولة وسكن بالمساكن الشعبية بإيجارات زهيدة، شريحة كبيرة من العرب تعمل ومندمجة في المجتمع الفرنسي بشكل جيد جدا، ولكن شريحة أخرى لا يستهان بها تجمعت في ضواحي المدن الكبيرة وكونت ما يشبه دولة داخل دولة، فليس لديهم احتكاك كبير بالفرنسيين أو انفتاح على الثقافة الفرنسية، ولا يجيدون اللغة الفرنسية وطبيعة أعمالهم في الحرف اليدوية، بطبيعة الحال أولادهم خرجوا إلى الحياة مختلفين، منهم من استطاع تخطي هذا التناقض الذي يعيش فيه بين مجتمعه والمجتمع الفرنسي الخارجي وتفوق ونجح، ومنهم من اتجه إلى الجريمة والسرقة والمخدرات، خاصة هؤلاء الذين تركهم أهلهم عالة على فرنسا في الملاجئ، فربما حمل من الحقد الكثير لمجرد كلمة جرحته وذكرته أنه عربي، وأمثاله استطاع داعش تجنيدهم لأن علاقتهم بالإسلام الصحيح ضعيفة.
والحقيقة أن فرنسا دورها ممتاز في التعليم والصحة بالمجان لهؤلاء جميعا، إلا أن هذا لا ينفي بعض العنصرية الفردية التي تؤثر كثيرا في الشخصية العربية الحساسة بطبيعتها، وأذكر في أحد الأفلام الفرنسية أن تعرض مشهد لهذه الفكرة، حين قال ضابط فرنسي لزميله من أصول عربية: لماذا أهل الحي الذي أنت منه على هذا القدر من العنف؟، فقال له لو أن الحكومة تنفق عليهم ما تنفقه على نافورة في باريس، لما كان هذا حالهم، ورغم أن المشهد حمل بعض المبالغة إلا أنه يوضح أن سمة انفصالا موجودا بين المجتمع الفرنسي.
حتى المجتمع العربي داخله فيما يشبه الانقسام غير المرئي، الذي أصبح واضحا جليا بعد مأساة شارل إيبدو، حين وقف الجميع دقيقة حدادا على الضحايا ولم يقف بعض الطلبة في المدارس بالأحياء العربية، وهنا أدركت فرنسا متأخرا أن بها من لا ينتمي إليها رغم أنه على أرضها، وقد كانت تتصور أنها قدمت لهم ما يضمن ولاءهم من رعاية، ولكن المراهقين الصغار يعيشون مع أهلهم المسلمين الذين غضبوا من رسومات شارل إيبدو، فبدأت فرنسا تحاول عمل حوار مع هؤلاء قبل أن يكبروا ويصبحوا ضدها بشكل مباشر أو غير مباشر.
قبل الانتخابات الفرنسية الأخيرة منذ ثلاثة أعوام، كانت حادثة محمد المراح وهو فرنسي من أصل جزائري، له تاريخ إجرامي، كان يركب موتوسيكلا ويضع على صدره كاميرا في مدينة تولوز وقتل عسكريين من أصول عربية كانا في أفغانستان، وأطلق النار عشوائيا أمام مدرسة يهودية وقتل ثلاثة أطفال، وبعد تصفيته كان للحادثة المريعة أثرها على الانتخابات.
وعلى الرغم من صعود هولاند للحكم، وهو من حزب اليسار المعتدل في تعامله مع المهاجرين، والراغب في إعطائهم مزيدا من الحقوق، إلا أنها كانت المرة الأولى التي يحصل فيها اليمين المتطرف متمثلا في رئيسته مارين لوبين، على 20 بالمائة في الجولة الأولى، في حين حصل ساكوزي على نسبة 25 بالمائة، وهولاند على 26 بالمائة، وهذا هو رد الفعل الذي ننتظره من الفرنسيين في الانتخابات القادمة، فردود أفعالهم كشعب ليست مثلنا انفعالية عاطفية وليدة اللحظة ثم تختفي بعد ذلك وكأنها لم تكن، وإنما ردود أفعالهم أكثر هدوءا وعمقا وتأثيرا على المدى الطويل، فوصول اليمين المتطرف المنتظر للحكم والراغب في تقنين التواجد العربي والإسلامي بفرنسا، من ِشأنه أن يغير قوانين وطريقة تنازل ملفات كثيرة عربية وإسلامية في أوربا كلها، وليس في فرنسا وحدها، وسيصل تأثيرها إلى الدول العربية.
ولكن هذا لا يمنع أن فرنسا أدارت أزمتها الأخيرة بجدارة، خاصة هولاند الذي نادى بفرنسا متوحدة، تلك الكلمة التي لم يفهمها الكثيرون، التي تذكرني بانفعال مانويل فالس رئيس الوزراء، في مؤتمره بعد ضحايا شارل إيبدو والمتجر اليهودي منذ شهور، أنه لا يريد ليهودي أن يكون خائفا على أرض فرنسا، ولا مسلما محرجا على أرض فرنسا، وأن علينا جميعا أن نتعامل كفرنسيين، إن أخطر ما يهدد فرنسا في الواقع ليس الإرهاب في حد ذاته، وإنما الحرب الأهلية التي ربما تنشب إن استفزت مشاعر الستة ملايين العرب والمسلمين بها.
هذا وقد كان التناول الإعلامي للأزمة على مستوى المسئولية؛ حيث لم يسيئوا إلى المسلمين كما يتصور من يصدقوا الشائعات بحرق القرآن على قناة تليفزيونية على الهواء، وإنما أكملوا مسيرة رئيسهم بالتشديد على التوحد والتعامل مع المسلمين على أرض فرنسا كضحايا ليس لهم ذنب.
وليس معنى هذا أنه لن تندلع مظاهرات من وقت لآخر من قبل اليمين المتطرف المتواجد في كل بلاد العالم ضد المسلمين، فكلنا نذكر الدكتورة كاميليا المحجبة التي قتلت في المحكمة على يد متطرف بألمانيا، وهذا ما دفع بعض المحجبات بباريس لخلع الحجاب؛ حتى لا يقعن ضحية لمجنون يكره المسلمين، وهذا لا يمنع أيضا أن فكرة طرد العرب لن تكون سهلة، بل تكاد تكون مستحيلة التنفيذ؛ لما لفرنسا من احترام قوي جدا لحقوق الإنسان، ولما للواقع العربي من جذور متوغلة على أرضها، وربما يقع الضرر الأكبر على من لهم أوضاع غير قانونية، وهذا لا يمنع أيضا نظرات الفتور والاتهامات التي أصبحت تحاصرنا أينما ذهبنا، التي أجدها بشكل شخصي، الأكثر إيلاما من الصراخ بوجوهنا بمكنون صدورهم، وأيضا أعمال وتجارة العرب التي ستتأثر كثيرا في الفترة القادمة والنظرة السلبية المعممة للإسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.