هناك فئة من البشر انتزعت من قلوبها الرحمة، فارتكبت أبشع الجرائم وأكثرها ألما للنفس، فاستحقت لقب شياطين الإنس.. وإن كانت شياطين الجن قد سُلسلت فى الشهر الكريم بأمر الخالق عز وجل، فإن شياطين الإنس مازالت حرة طليقة تعيث فسادا فى الأرض.. تقتل وتخطف وتسرق وتنشر الفزع والذعر بين الناس.. وفى العشر الأوائل من رمضان وهى أيام الرحمة قتل الأب ابنه، والأخ أخاه.. ونُحرت رضيعة بين أحضان أمها، ومثَل أهالى قرية بجثث القتلى وسحلوها فى الشوارع.. وتخلصت عصابة من طفل عمره 4 سنوات اختطفته رغم دفع والده للفدية المطلوبة.. تلك الجرائم وغيرها تابعها محقق «فيتو» ويرصد تفاصيلها فى السطور التالية: الدقهلية: «فادى» .. ضحية «حفل تعذيب» والده وعمه! كانت البداية من محافظة الدقهلية، حيث انشغل الناس بقصة مقتل طفل على يد والده وعمه بعد 4 ساعات متواصلة من التعذيب.. وداخل مركز شرطة دكرنس جلس المحقق يستمع للمقدم هيثم الدكرورى رئيس المباحث الذى شرح تفاصيل الحادث قائلا: «القتيل يدعى فادى جمعة ناصر، عمره 12 سنة، وبحسب التقرير الطبى فإنه توفى نتيجة تعرضه لعمليات تعذيب شديدة تم صعقه خلالها بالكهرباء وضربه على رأسه حتى تهشمت تماما مع كيه بالنار فى أماكن متفرقة من الجسم.. وفى المحضر رقم «5422» جنح دكرنس اتهمت جدة الطفل، والده وعمه «عطية» بتعذيبه حتى الموت، وذلك لرغبته فى الإقامة الدائمة معها.. وتوصلنا من خلال التحريات الى أن المتهمين استعانا بشخص ثالث اختطف المجنى عليه من أمام منزل جدته وسلمه لهما، لتبدأ عملية التعذيب بعد تقييده بسلاسل حديدية.. وفى التحقيقات أنكر المتهمان الجريمة تماما وأكدا أن مجهولين هم الذين قتلوا الطفل وسرقوا دراجته». خرج المحقق من مركز الشرطة واتجه مباشرة إلى قرية المحمودية التي شهدت الحادث.. وهناك اكتشف أن الشغل الشاغل للأهالي هو الحديث عن تلك الجريمة الغريبة، والتقى بجارة القتيل وتدعى نادية مصطفى وسألها عن شهادتها حول الحادث فأجابت: « فادى كان طفلا مهذبا يحترم الجميع ويحبه الناس، ولكنه كان دائم الشكوى من سوء معاملة والده له واعتدائه المتكرر عليه بالضرب، لذلك كره العيش معه وجاء ليقيم مع جدته لأمه.. ليلة الحادث وأثناء صلاة العشاء والتراويح، شاهدنا شخصين من القرية يختطفان الطفل بالقوة ويضعانه فى توك توك وهو يصرخ وقالا إن والده هو الذى كلفهما بإحضاره إليه.. وعند صلاة الفجر فوجئنا بأحد الأهالي وهو يحمل جثته عارية وبها آثار تعذيب واضحة، وعندما سألنا عما حدث سمعنا روايتين.. الأولى ذكرها زوج عمة القتيل وفيها أكد ان فادى «كهرَب» نفسه.. والثانية قالها والده موضحا أنه وجد الجثة ملقاة أمام منزله ولا يعلم من قتله.. وفى المقابل قال الشخص الذى اختطف فادى إنه سلمه لوالده سليما بعد أن تقاضى منه خمسون جنيها. داخل منزلها البسيط.. التقى المحقق جدة القتيل وتدعى آمال هلال واستمع لشهادتها حول الجريمة.. قالت وسط دموعها: «توفيت والدة فادى منذ سبع سنوات وتوليت أنا مهمة تربيته بسبب رفضه الإقامة مع والده.. وعندما أنهى دراسته الابتدائية طلب أبوه أن يأخذه ليساعده فى العمل بشركة الزيوت التى يمتلكها، وبعد عدة أيام عاد الطفل إلىَ وأخبرنى أن والده يضربه ويعذبه بل ويصعقه بالكهرباء بلا سبب واضح وطلب عدم الذهاب إليه مرة أخرى فوعدته بأن يبقى معى».. صمتت الجدة قليلا واستطردت: « ليلة الحادث أرسل والده شخصا اختطفه فى توك توك.. ظننت أنه سيأخذه لعدة أيام كالمعتاد، ولكنه تجرد من كل معانى الرحمة والإنسانية وعذب ابنه حتى الموت.. كدت أفقد عقلى من هول الصدمة وأسرعت الى مركز الشرطة وقدمت بلاغا اتهمت فيه والد فادى وعمه بقتله».. انخرطت الجدة فى بكاء مرير ولم تستطع النطق بأى كلمة أخرى.. أما « أسير» شقيقة القتيل فرغم حزنها الشديد وبكاءها الدائم، فقد أكدت للمحقق أنها شاهدت والدها وعمها وهما يقيدان فادى من قدميه ويديه فى «بير السلم» ويعتديان عليه بالضرب ثم صعقاه بسلك «المكواة»، وضرباه على رأسه حتى فارق الحياة.