عجبت أشد العجب، حين قرأت مقالاً متعجلاً لإعلامى معروف، يقول فيه «لا تتهموا الفلسطينيين، قبل أن يثبت بالدليل أن بعضهم شارك فى الحادث الإرهابى الإجرامى ضد القوات المسلحة فى رفح». وهذا المقال المتعجل الذى لابد أن يدين صاحبه بتهمة النفاق السياسى المفضوح فى محاولة يائسة لتبرئة حماس على وجه الخصوص، يدل على أن انتقاداتنا التى وجهناها للنخب السياسية صحيحة تماماً. وهذا المقال مقدمة لمقالات شبيهة ستظهر تباعاً، ويكتبها بعض من يريدون إزاحة المسئولية عن حماس خصوصاً، وعن الفلسطينيين عموماً، وكأن الإرهابيين هبطوا إلى سيناء من المريخ! لقد توافرت الأخبار الصحيحة أن عدداً من الإرهابيين تسللوا من غزة إلى سيناء عبر الأنفاق، وانضم لهم أفراد مصريون ممن ينتمون إلى الجماعات الدينية الإرهابية المتشددة، وشاركوا جميعاً فى الهجوم الغادر والجبان ضد القوات المسلحة المصرية التى لم تتوقف عن الدفاع عن الشعب الفلسطينى منذ حرب 1948، قبل إنشاء الدولة الإسرائيلية حتى الآن. ونحن لا نجد حرجاً من تأكيد أن بعض أفراد هذه الجماعة الإرهابية التى قامت بالهجوم مصريون، فهل فى هذا اتهام للشعب المصرى ككل؟ ما هذا المنطق المتهافت؟ وأليس هناك إرهابيون من صفوف الشعب الفلسطينى ارتكبوا عشرات الأحداث الإرهابية، وخلطوا خلطاً معيباً بين المقاومة والإرهاب؟ وأليست هناك جماعات إرهابية مصرية أبرزها جماعة «الجهاد» و»الجماعة الإسلامية» والتى قامت بجرائم القتل والاغتيال والإرهاب ضد الشعب المصرى، مما ترتب عليه سقوط مئات القتلى وعشرات المصابين، قبل أن ينجح النظام السابق في استئصال شأفتهم سواء بالطرق الأمنية التقليدية, أو عن طريق استتابتهم التى عبر عنها كتب المراجعات المتعددة التى أصدروها، والتى اعترفوا فيها صراحة أنهم استخدموا آلية القياس الخاطئ والتأويل المنحرف لتبرير قتل المسلمين والأقباط بدون أى تمييز، واستحلال أموالهم بدعوى أن ذلك ضرب من ضروب الجهاد؟ وأليس أعضاء هذه الجماعات الإرهابية الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والذى أصدر الرئيس «محمد مرسى» قراراً معيباً بالعفو عنهم بدون بيان بالأسباب القانونية المبررة لهذا العفو؟ ومن هنا فحرص هذا الإعلامى وغيره على التبرئة المبكرة للفلسطينيين – هكذا إجمالاً كما قال- ليس خطأ ولكنه فى الواقع خطيئة. وأشد منها هؤلاء المرضى النفسيين من كارهى القوات المسلحة المصرية، الذين ادعوا بعد الحادث أن السبب هو تقصير المؤسسات الأمنية والعسكرية فى تلافى الحدث قبل وقوعه. مع أنه فى كل أنحاء العالم تفاجئ الجماعات الإرهابية الدولة والمجتمعات بأحداث إرهابية يصعب التنبؤ بمكانها وزمانها، حتى لو توافرت معلومات مبكرة عنها. وهذا ما تم فعلاً بالنسبة لأحداث 11 سبتمبر الأمريكية الشهيرة. ليس من باب الوطنية تبرئة المجرمين لأنهم فلسطينيون، وليس من باب النزاهة الفكرية تبرئة «حماس» التى أعلنت أنها أغلقت من ناحية غزة كل الأنفاق، مما يعنى أن الحركة داخل الأنفاق وخارجها تحت سيطرتها الكاملة. نريد لكل طرف من الأطراف أن يتحمل مسئوليته فلسطينياً كان أو مصرياً، لأن دماء الشهداء لا ينبغى أبداً ان تضيع سدى. ومن هنا لابد أن ننتظر حتى تنشر نتيجة التحقيقات كاملة، بدلاً من الوقوع فى فخ الدفاع الكاذب عن المجرمين الذين أسهموا بشكل مباشر أو غير مباشر فى ارتكاب الحادث