توجه تهمة الخيانة العظمي أو التجسس إلى من يتصل بدولة خارجية بهدف تقويض الأمن والاستقرار في بلاده، أو أن يقاتل مع طرف آخر ضد بلاده،أو يخطط لقتل رأس الدولة، أو يتخابر مع دول أخرى ويسرب لها أسرارها كتحديد الموارد الإستراتيجي (الغذاء والطاقة والمواد) وتقييمها أو معرفة السياسات الداخلية والخارجية للدولة للاضرار بها. ويعتبر التجسس أحد الأنواع والسبل الملتوية في الحروب القديمة والحديثة إضافة إلى أنه يمثل تربصا وخطرا داهما،والخيانة عبارة عن علم له قواعده وأصوله التي يجب إرشاد الخائن «الجاسوس» إليها ليتمكن من إنجاز واجباته كما تتطلبها الغاية التي يسعي إليها، كما أن بعض التشريعات الأجنبية كالتشريع الألماني ميز بين حالتين للخيانة هما: الخيانة العظمى وخيانة الوطن فالخيانة العظمى تشمل العديد من الجرائم المخلة بأمن الدولة الداخلي كالجنايات الواقعة على الدستور، أما خيانة الوطن فتتعلق بالجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي كالمساعدة العسكرية للعدو زمن الحرب أو إفشاء أسرار الدولة قصد الإضرار بها. في القانون الأمريكي.. تتم الإدانة بالخيانة العظمى إذا انضم شخص إلى عدو الولاياتالمتحدةالأمريكية وثبوت ذلك من خلال الاعتراف في محكمة علنية أو شهادة شاهدين من نفس الفعل العلني،لذلك يقضي قانون العقوبات في اغلب دول العالم على أن تكون عقوبة تهمة الخيانة العظمي أو التجسس هي الإعدام أو الاشغال الشاقه المؤبدة أو المؤقته. ويعتبر التشريع المصري جريمة التجسس أوالخيانة العظمي من بين الجرائم التي وصفها قانون العقوبات ب«الجنايات المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل أو الخارج» وتعاقب المادة «77»، الفقرة «ب» (من قانون العقوبات بالإعدام لكل من سعى لدى دولة أجنبية أو تخابر معها أو مع أحد ممن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد مصر)، وأن القانون حدد المادة «77» الفقرة «د» (لمعاقبة كل من ارتكب جريمة التجسس بالسجن في زمن سلم، وبالإعدام إذا ارتكبت في زمن حرب). ولكن نظرا للنتائج الضارة التي قد تنشأ عن انتهاك أسرار الدفاع لمصلحة دولة أجنبية عمدا ولخطورة الآثار التي يمكن أن يتعرض لها أمن الدولة وسلامتها، تم تغليظ وإنزال أقصى العقوبة لمرتكبي مثل هذه الجرائم عمدا حيث رصد لها عقوبة الإعدام سواء وقعت في وقت السلم أو الحرب، ولم يكن المشرع الجنائي مبالغا في تشديد العقاب على مرتكب هذه الطائفة من الجرائم، حيث أن أغلب التشريعات الجنائية المقارنة مثل فرنسا وإيطاليا وغيرهما قد رصدا عقوبة الإعدام لمرتكب هذه الجريمة. ونصت المادة «80» من قانون العقوبات «على أن يعاقب بالإعدام كل من سلم لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها أو أفشي إليها بأية صورة وعلي أي وجه وبأية وسيلة سرا من أسرار الدفاع عن البلاد أو توصل بأية طريقة إلى الحصول على سر من هذه الأسرار بقصد تسليمه أو افشائه لدولة أجنبية أو لأحد يعملون لمصلحتها، وهو ما فعله مرسي وإخوانه عندما سلموا قطر ملفات مخابراتية لدويلة قطر، وكذلك كل من أتلف لمصلحة دولة أجنبية شيئا يعتبر سرا من أسرار الدفاع وجعله غير صالح لأن ينتفع به». كما لم يغفل الدين الإسلامي عن ذكر الخيانة أو التجسس وعقوبتها، فإن حرص الإنسان على ما اؤتمن عليه من التكاليف الشرعية التي ألزمه الله تعالى بها أو ألزم بها نفسه،وخيانة الأمانة ذنب عظيم وخلق ذميم، يقول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) [الأنفال:27]. اختلفت آراء العلماء حول عقوبة الجاسوس «الخائن» فمذهب الحنابلة أنه يقتل، وعند أبي يوسف ومحمد من الحنفية وبعض المالكية هو: أنه يعزر ولا يقتل، وهذا هو المشهور عند الشافعية أيضا، وفصل بعض أهل العلم فقال: إن تكرر منه التجسس قتل، وإن لم يتكرر بل وقع منه مرة أو نحوها لم يقتل، ولعل هذا الرأي هو الراجح، لما في تكرير التجسس على المسلمين من الإضرار الذي لا يقل عن الفساد في الأرض، أما وقوعه فلتة فقد لا يحصل منه من الضرر ما يستحق صاحبه به القتل. وفي الصحيحين وغيرهما أن حاطب بن أبي بلتعة «رضي الله عنه» كتب إلى قريش أسرار المسلمين ولم يقتله رسول الله «صلى الله عليه وسلم» بل نهى عنه من هم بقتله.