فى ظل ما يحدث على الساحة السياسية منذ قيام ثورة يناير من حالة تشكيك وتخوين لكل طرف للآخر، أصبح لزاما على المرء أن يكرر موقفه كل يوم، حتى يؤكد ثباته على المبدأ الذى يؤمن به، بغض النظرعما يمكن أن يلحقه من أذى بسبب هذه المواقف، وهوما يجعلنى أعيد الكشف عن أيديولوجيتى لأذكر بها من حولى كل حين، حتى لا يعتقدوا أن تغييراً طرأ عليها سواء بسيف ذلك الطرف، أو بذهب الطرف الآخر، وأقول للمرة المليون إننى واحد من المؤمنين بالمشروع الإسلامى، ولكنى لم أكن يوما تنظيميا داخل أى من التنظيمات الإسلامية، ليس اعتراضا أو سخطا عليها، ولكن إيمانا بأن من يريد خدمة أفكاره يمكن أن يخدمها من أى موقع دون قيود تنظيمية ... هذه المقدمة الطويلة كانت ضرورية فى هذا الظرف الحالك الذى تمر به مصر والذى يكشف كل يوم عن حقائق خطيرة فى الوجوه وفى المواقف، تتغير كلما تغيرت المعطيات على أرض المعركة السياسية مابين قوة وضعف , لذا فإننى أرى أن الأزمة الحالية قبل أن تكون أزمة سياسية هى أزمة فى الأخلاق، وكما يردد كل الساسة فإن السياسة لا تعرف الأخلاق، وأنها فن الممكن، وكيفما أستطاعت أن تحقق الممكن فلا تفكر بأى طريقة حققته، ولا بأى وسيلة حققت غايتك، وهذا وان كان مقبولا فى لعبة السياسة فى وقتها العادى، فبالتأكيد هوغير مقبول فى ظروف كالتى يمر بها الوطن الآن وتهدد سلامته وأستقراره .. لا يمكن قبول أن تتحالف المعارضة مع من كانت تعتبرهم أعداء للثورة من أنصار النظام السابق، بحجة أنهم فى حاجة الى الحشد لمواجهة الاسلاميين، ولا يمكن أن يكون هدف بعض قادة المعارضة هو إسقاط الرئيس مهما كانت التكلفة لأنهم يعلمون أن انتظار أربع سنوات أخرى يمكن أن يضيع عليه فرصة المنافسة على المنصب الرئاسى مرة أخرى .. لا يمكن قبول فكرة استعداء الغرب على النظام، ولا فكرة التمهيد بل والمطالبة بانقلاب عسكرى، يعيدنا مرة أخرى لحكم العسكر باعتباره أرحم من حكم الإخوان .. العديد من المواقف التى لا أراها تحتاج الى وطنية قدر احتياجها الى أخلاق، أما عن الطرف الآخر فلا يمكن قبول فكرة حصار المحكمة الدستورية لمنع حكم قضائى حتى ولو كان فى غير صالحنا ولا يمكن قبول فكرة نزول الإسلاميين الى الاتحادية لمواجهة المعتصمين حتى ولو كانت هناك فكرة عن اقتحام القصر, ولا يمكن محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى لتطهير الإعلام الذى أراه بالفعل متحيزا ومهيجا .. صدقونى لو التزمنا جميعا بالأخلاق لخرجنا من هذه الأزمة دون قطرة دم، ودون جرح فى القلب سيظل يفرز هرمونات العداء بين أبناء الوطن الواحد لأوقات طويلة .