سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
9 أعوام على محرقة «مسرح بنى سويف».. لا يزال المتهم «شمعة».. «من منا» مسرحية كتبت نهاية مشوار 50 مبدعًا.. «المحرقة» غطت أجساد وعرت نظام.. و«مبارك» رفض استقالة «حسني» بعد الحريق
اصطف الأبطال لتحية الجمهور فوق خشبة المسرح، فبادرهم الجمهور بالتصفيق الحار إعجابا بإبداعهم، وروعة مشهد الخاتمة الذي سبي الجميع حضورا كانوا أو أبطالا، وإذ بنيران تتسلل من الجدران ، ظنها البعض في البداية «حبكة» صاغها المخرج في زاوية العرض، لتأكل بعضا من فضاء النص، وتعكس ظل أبطال بين صفوف الجالسين، لكن سرعان ما كبر الظل، واستبدلت دموع الفرحة بأخرى استحضرتها كثافة الدخان . انسابت النيران وبدأت تلامس الأجساد، فلا هي حبكة المخرج، أو ابتهالا بختام العرض، وسط محاولات نفض النيران تسارعت الأقدام تسبقها الدعوات، وتطرق الأيادي الأبواب أملا في الحصول علي فرصة جديدة للحياة، وسط حالة التدافع سقط شخوص ناحلين والتهمت النيران شبابا يافعين، فكانت المحصلة مصرع أكثر من 50 مبدعا ، وإصابة 20 آخرين فى حريق قصر ثقافة بني سويف. الخامس من سبتمبر عام 2005، أسدل الستار عن العرض المسرحي «من منا»، المأخوذ عن قصة حديقة الحيوان، وانتهت معه حياة أكثر من 50 مبدعا، بعد أن تصاعدت ألسنة النيران لتلتهم كل من في قاعة الفنون التشكيلية الملحقة بقصر ثقافة بني سويف. 9 أعوام مرت علي محرقة «مسرح بني سويف»، ولا زال الحادث يترك أوجاعا وألما في صدور المثقفين، فقد حصد الحادث أرواح مبدعين كبار، كانوا علامة من علامات المسرح المصري، وعمق الشعور لدي مثقفي مصر، أن دولة مبارك كانت تنتهك عن عمد ثقافة وتراث وطن، بل ولا تبالي بآدمية شعب ، وكان الحادث بداية لفضح نظام أصبح الفساد والإهمال فيه أسلوب حياة، يدفع المبدع فيه حياته ثمنا لإبداعه. تقرير تقصى الحقائق أفاد بأن رجال الحماية المدنية الذين لا يبعد مقرهم عن مكان الحادث سوي 5 دقائق، لم يتحركوا إلا بعد مرور 50 دقيقة، ولم يتمكنوا من إخماد الحريق إلا بعد ساعتين من اندلاعه، بعد أن تفحمت الجثث. وأشار التقرير أن سبب الحادث هو سقوط «شمعة» كانت ضمن ديكور العرض أدت إلى ثلاث انفجارات التهمت القاعة. تقدم وزير الثقافة حينها الدكتور فاروق حسني باستقالته من المنصب الذي شغله منذ عام 1987 إلا أن الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك رفض هذه الاستقالة . ووقع أكثر من 200 من الكتاب والمثقفين والفنانين والأدباء علي بيان بشأن الحادث وتداعياته طالبوا فيه وزير الثفافة فاروق حسني بسحب استقالته، وناشد الموقعون علي البيان الرئيس حسني مبارك عدم قبول استقالة فاروق حسني وتحقيق عاجل عادل . بعد بضعة أسابيع من الحادث أصدرت وزارة الثقافة المصرية قائمة بأسماء الضحايا من النقاد والمبدعين إثر الحادث الأليم. 9 أعوام و «من منا»، لا يريد أن تطفو الحقيقة الغارقة في صدور أصحابها، لتكشف السبب الحقيقي وراء كارثة كتبت نهاية 50 مبدعاً، وتركت جرحا غائرا في نفوس مثقفي مصر، لن تمحوه الأيام، ليبقى السؤال: «هل ستظل الشمعة هي الجاني ويفلت نظام تعمد الإهمال».