أظنني كنت شاهد عيان على إنشاء صحيفة فيتو قبل أن تظهر للقراء بعام كامل، كانت الفكرة تقوم على نمط جديد من الصحافة السياسية، صحافة تسير في معالجتها للشأن العام من خلال تلك النظرة الساخرة التي يتميز بها العقل المصري، وما زلت أذكر هذا الحوار الذي دار بيني وبين صديقي الرائع الأستاذ عصام كامل رئيس التحرير وقت أن طرح لي فكرة «فيتو» حيث قال لي إن كل الصحافة في مصر تقريبا تضع للقراء ذات الإناء حيث لا فروق بين هذا وذاك، وأنه يفكر في أن تكون صحافته ومشروعه الصحفي الكبير الذي سيطرحه مختلفا في المضامين وطرق المعالجة للأخبار والآراء ، ومن هنا انطلقت صفحات الساخر وقهوة متاتيا ودرب المهابيل والفشارين والكاريكاتير المتميز، إلا أن العدد الأول من فيتو فرض نفسه وشخصيته على مسار هذه الجريدة إذ أنه احتوى على خبر قنبلة يتضمن زيارة قيادات الإخوان للرئيس المخلوع مبارك في مستشفى المركز الطبي العالمي، ومن هذا العدد أصبح من الوجوب لفريق فيتو كله أن يصنعوا صحيفة تتميز بالسبق الصحفي ، ومع ذلك فإنهم جمعوا بين الصحافة الساخرة والصحافة الجادة فضلا عن انفرادهم بعشرات من الأخبار هي في حقيقتها سبق صحفي متميز، ومع هذا وذاك أضافت فيتو لنفسها رسالة وطنية، فقد وقفت وما زالت ضد ممارسات الإخوان وسطوتهم واستبدادهم، فتحت فيتو النوافذ ليرى العالم كله جماعة الإخوان على حقيقتها، ومع ذلك فإن فيتو حافظت على الخط الفاصل بين النقد والسب ، الرأي والقذف، صحيح أن الرأي كان حادا في كثير من المعالجات إلا أنه في نهاية الأمر رأي، وكان الانفراد الذي انفردت به فيتو هو تحويل نقدها للإخوان إلى سخرية جامحة خفيفة الظل . وكان أكبر ما ميز فيتو أنها جمعت في صفحاتها مجموعة من الرموز الفكرية المصرية ، كان على القمة عمنا الدكتور السيد ياسين، وعمنا الدكتور محمد حبيب، فضلا عن مفكرين كانوا من اكتشافات فيتو منهم المهندس أحمد إبراهيم حلمي صاحب المقالات المستبصرة النافذة ، والغريب أن فيتو جمعت اسم أحمد إبراهيم حلمي في كاتبين آخرين ، الأول هو الكاتب المبدع الأستاذ أحمد إبراهيم، والثاني هو الكاتب الحكيم خفيف الظل أحمد حلمى . ومن باب إحقاق الحق فإن فيتو كانت بوابة لظهور كثير من المبدعين ويكفي أنني من خلالها عرفت الصحفي المحترم أبو قلب طيب الأستاذ زكريا خضر الذي حمل الدنيا على كتفيه لكي تكون هنا ك جريدة محترمة اسمها فيتو . ولكن كان لابد من النقص، فالنقص سمة البشر، ولكن هل من المناسب أن نتحدث عن النقص والعيوب ونحن نحتفل مع فيتو بعيد ميلادها الأول، أظنها ستكون جليطة وقلة ذوق، الآن ونحن نوقد الشمعة الأولى لفيتو لا يسعنا إلا أن نقول لها «هابي بيرثداي تو يو» .