لها من السحر نصيب ولها من الحب نصيب.. أحدثكم عن فاكهة المهرجانات فى العالم الآن، السينما الهندية التى صارت تحمل اسم «بوليوود» التى لا تصدر فقط الأفلام للعالم ولكنها ترسل إليهم النجوم، وحاليا أصبح النجم الهندى شاروه خان أيقونة السينما الهندية الحديثة، حيث عرض له فى مهرجان «دبى» أحدث أفلامه «دون 2»، كما تضمنت قائمة الأفلام الهندية الأكثر تأثيرا فى العالم خلال العامين الأخيرين فيلمه «اسمى خان» الذى يقدم بأسلوب سينمائى وإبداع فكرى حقيقة الإسلام باعتباره لا يعادى أبدا الآخر. شاروه خان هو الأكثر شعبية وأصبح طبقا لعديد من الاستفتاءات هو واحد من النجوم الأكثر جاذبية وتأثيرا فى العالم. ويحظى شاروه بقدر من التقدير تعلنه أغلب نجمات هوليوود مثل أنجلينا جولى وكيت ونسيلت. الأفلام الهندية سواء عرضت فى المهرجانات داخل المسابقة الرسمية أو كان موقعها على هامش المسابقة، فإن لهذه السينما سحرها وأيضا سرها الخاص، إنها تركيبة تبدو للوهلة الأولى بسيطة ومباشرة حيث تلعب على التناقضات بين الدموع والابتسامات، الحب والحقد، الغنى الفاحش والفقر المدقع، إلا أن كل ذلك يظل أقرب للغطاء الخارجى وتحت اللون الصارخ تعثر على سر الجاذبية! لا أنسى أننى شاهدت على هامش المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» فى الدورة الأخيرة مثلا الفيلم الهندى «بوليوود أعظم قصة حب» يروى الفيلم بالسينما حكاية السينما، تكتشف أن السينما الهندية عمقها الحقيقى يبدأ من الهند وحالة العشق التى نراها فى العالم انطلقت من عشق مجنون يعيشه الشعب الهندى، حتى إنهم يطلقون على النجوم الهنود لقب آلهة بل يحجون إليهم، وعرفت مثلا لأول مرة أن أميتاب باتشان فى كل يوم أحد يهرع إليه الآلاف من المعجبين، وذلك على مدى تجاوز 25 عاما وهم يحرصون على هذا الطقس.. بالتأكيد أن نجومية باتشان قد تأثرت مع مرور الزمن، بعد أن صعد نجوم شباب صار لديهم حضورهم ومساحتهم لدى الجمهور وعلى رأسهم الآن شاروه خان، إلا أن باتشان لا تزال له فى قلوب الجمهور مكانة خاصة.. أتذكر أن إذاعة «بى بى سى» البريطانية أرادت فى مطلع الألفية الثالثة أن تختار نجم القرن العشرين، وبينما انقسم الأمريكيون والأوروبيون فى اختيار نجم القرن فإن الهنود جميعا تجمعوا حول اختيار باتشان فنان القرن العشرين على مستوى العالم، متجاوزا فى عدد الأصوات نجوما عالميين بحجم شارلى شابلن وأورسون ويلز وجريجورى بيك وجاك نيكلسون وغيرهم من أساطير فن التمثيل.. كان تعقيب باتشان وقتها أن الهنود هم السبب فى تلك المكانة.. لا شك أن باتشان له أيضا جمهوره فى العالم كله، إلا أن الهنود يشكلون القسط الأكبر وأتذكر تلك المظاهرات التى كانت تصحبه فى مهرجان القاهرة منذ هبوطه. السينما فى «بوليوود».. وتلك الكلمة مستوحاة من مدينة بومباى مصنع السينما الهندية. بومباى تساوى هوليوود فى أمريكا، بينما تنتج الهند فى العام الواحد ثلاثة أضعاف ما تنتجه أمريكا فى العام حيث يتجاوز الرقم ألف فيلم.. تستطيع أن ترى فى تلك السينما حالة الموسيقى الصاخبة والرقص والإيقاع والنساء الجميلات والقصص الميلودرامية.. الفيلم الهندى -أتحدث بالطبع عن الوجه المألوف لنا- يحيل خيال الناس إلى واقع يعيشونه أو يأملون أن يعيشوه، هم يصدقون المبالغات لأنها تصنع من هزائمهم فى الحياة انتصارات على الشاشة.. الميلودراما من الناحية العلمية تعنى مزجا بين الموسيقى والدراما، وتعيش دائما هذا التوافق فى الفيلم الهندى وتعيش أيضا تلك المبالغات، لأن الحياة نفسها لا تخلو منها.. فى الهند تجد الفقراء يمثلون واحدة من أكبر الشرائح فى العالم وتجد أيضا الأثرياء يمثلون شريحة من أكثر النسب فى العالم إنها بلد التناقضات.. الهند بلد التسامح الدينى، الأغلبية الهندوسية لا تقهر الأقلية المسلمة التى تصل إلى 12% من عدد السكان. الناس تختار نجومها بعيدا عن الديانة.. شاروه خان مسلم ورئيس الهند مسلم رغم أن الرئيس فى النظام الهندى ليست له صلاحيات حيث إن رئيس الوزراء «الهندوسى» هو الحاكم للبلاد! وتظل السينما الهندية بأفلامها المتعددة والمتباينة قادرة على إثارة شعوب العالم بالغناء والرقص والبكاء والضحك!