حسبما تأتى خطوات الثورات العربية، تتبعها التصريحات الأمريكية التى طالما ساندت الأنظمة القمعية تحت راية الدفاع عن الديمقراطية والآن تعلن تأييدها لثورات الحرية رافعة الراية ذاتها متناقضة الأوجه خبيثة النيات. فى مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، كتب دانيال كالينجارت نائب رئيس العلاقات الخارجية بمؤسسة «فريدوم هاوس» عن اختراق تكنولوجى سعى لإخماد الحركات المطالِبة بالديمقراطية، والتزم الرئيس الأمريكى أوباما الصمت أمامه بينما ما زال يتحدث فى كل مناسبة عن دعم الديمقراطية العربية وحرية الإنترنت فى الشرق الأوسط. تحدث كالينجارت فى تقريره عن شركات أوروبية قدمت خدمات إلكترونية لأجهزة الأمن فى البحرين، ومصر، وليبيا، وسوريا، واليمن، لمراقبة رسائل البريد الإلكترونى والاتصالات الصوتية، وهو ما مكن المحققين من مواجهة نشطاء بالبحرين وتعذيبهم، كما قدمت واشنطن أجهزة رقابة على الإنترنت لمصر وكذلك إلى سوريا. فى السياق ذاته، حصلت سوريا على أجهزة مكّنتها من حجب واختراق مواقع مناهِضة للنظام من خلال شركة «بلو كوت» دون علم الشركة، على الرغم من الحظر التجارى الأمريكى على سوريا، كما استخدمت مثل هذه التقنيات الكندية والأوروبية لقمع الحريات فى بلدان أخرى مثل قطر والكويت والسودان وتونس والسعودية. فى الاحتجاجات الأخيرة، رفع المتظاهرون بمصر قنابل غاز أمريكية الصنع بوصفها دليلا على الدعم الأمريكى لمضطهديهم مما يدعو لضرورة تجاوز واشنطن لسياستها المتناقضة القائمة على دعم الثوار خطابيا وغض الطرف عن التكنولوجيا الساعية لقمعهم واقعيا.