فى المهرجانات الكبيرة.. لا مجال للمجاملة.. فى المهرجانات الكبيرة.. لا مجال للحنان.. لا يهتم المحكمون فى مثل هذه المهرجانات بالممثل الذى أفنى حياته من أجل عمل ولا بالممثلة التى ضحت بسعادتها من أجل دور.. لا يهتمون إلا بالدور الجيد الذى يظهر فى محصلة فيلم يشاهدونه أمام أعينهم، ليتركوا الكلام عن التضحيات ومآسى الإجهاد فى العمل للصحفيين يلوكون فيها كما شاؤوا مع الممثلين فى حواراتهم. حصل ماجد الكدوانى على جائزة أفضل ممثل عن دوره فى فيلم «أسماء» فى مسابقة «آفاق جديدة»، وذلك فى ختام الدورة الخامسة لمهرجان أبو ظبى السينمائى الدولى.. جائزة مستحقة لممثل اجتهد دون ضجيج، فظهرت نتيجة اجتهاده على الشاشة بصخب محبب لم يستطع أعضاء لجنة التحكيم إنكاره، وكان مستحقا للجائزة التى تقدر ب20 ألف دولار، كما استحقت هند صبرى أن يعطيها المهرجان فرصة الصعود إلى المسرح لتسليم إحدى الجوائز لفائز جديد. وفى نفس المسابقة «آفاق جديدة» التى تعرض أعمال المخرجين الأولى والثانية، حصل المخرج عمرو سلامة على جائزة أفضل مخرج فى العالم العربى وقيمتها 50 ألف دولار عن فيلمه الثانى «أسماء»، وكان سبب حصول المخرج على هذه الجائزة كما أعلن رئيس لجنة التحكيم، هو إسهام الفيلم فى التوعية لمرض خطير، وتفعيل دور السينما فى هذه التوعية! سبب مهم لقصة مهمة فعلا. فرحة المصريين فى أبو ظبى بهذين الانتصارين خطفتها خيبة أمل صناع الفيلم أنفسهم بعدم فوز بطلته هند صبرى بأى جائزة، حتى إن عمرو سلامة وماجد الكدوانى قد أهدياها جائزتيهما! كيف لا تفوز بطلة الفيلم بجائزة هى الأخرى؟! فالجميع أكد روعة أداء هند صبرى، فيما عدا لجنة التحكيم! فوز ماجد الكدوانى بجائزة التمثيل عن فيلم «أسماء» يعيد الثقة فى كسر المهرجانات الكبيرة لفكرة النجم والنجمة، ففى المهرجانات الكبيرة لا يحصل على الجوائز إلا من يستحقها، والكدوانى كان جديرا حقا بهذه الجائزة، كما أن عمرو سلامة بموضوعه المهم جدير بجائزته. ولم يشأ مهرجان أبو ظبى أن يرد المصريين خائبين بعدم فوز بطلة فيلم «أسماء»، ففاز فيلم «التحرير 2011.. الطيب والشرس والسياسى» بجائزة أفضل منتج لشركة «فيلم كلينك» بمسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، وقدرها 25 ألف دولار، وتسلمها المنتج والسيناريست محمد حفظى. وبعد هذه الجائزة لن نشك كثيرا فى أن مهرجان أبو ظبى، ورغم أنه لم يجامل كثيرا، فإنه يدعم بالفعل الثورات العربية، بمنح جوائزه لأفلام من دول تفجرت فيها ثورات، فقد حصل الفيلم التونسى «ديما براندو» على جائزة أفضل منتج من العالم العربى وقيمتها 25 ألف دولار فى مسابقة الأفلام الطويلة، رغم إجماع كثيرين على عدم استحقاق العمل مثل هذه الجائزة! لكن العرب بشكل عام حصلوا على حقوقهم كاملة فى مهرجان عربى من الدرجة الأولى وعالمى من الدرجة الأولى، فقد حصل المغربى إسماعيل فرّوخى على جائزة أفضل مخرج من العالم العربى وقيمتها 50 ألف دولار عن فيلم «رجال أحرار- LES HOMMES LIBRES»، وذلك فى المسابقة التى تضمنت 16 فيلما من 11 بلدا، كما حصلت ممثلات الفيلم المغربى «على الحافة»، وهن صوفيا عصامى ومنى بحمد ونزهة عاقل وسارة بيتوى وإخراج ليلى كيلانى على شهادة تنويه من المهرجان. وإذا كان المهرجان قد جامل العرب بعض الشىء فى ما يخص الفيلم التونسى، فإنه أعاد الثقة فى نفسه سريعا بحصول الفيلم الجزائرى الوثائقى الطويل «آل جوستو» على جائزة أفضل مخرج من العالم العربى وقدرها 50 ألف دولار، كما حصل الفيلم أيضا على جائزة الاتحاد الدولى للنقاد السينمائيين «فيبريسكى»، وهو ما عده حضور المهرجان انتصارا حقيقيا للسينما المدهشة. وكانت المفاجأة الأجمل التى أسعدت كل من تابعوا أفلام المهرجان حصول فيلم «دجاج بالبرقوق» على جائزة أفضل فيلم طويل وقيمتها 100 ألف دولار للمخرجة الإيرانية مورجان سترابى والمخرج الفرنسى فانسان بارانو.. فيلم يحكى عن مأساة من عاشوا فى ظل الثورة الإيرانية، فطردتهم بلادهم خارجها قسرا.. فيلم يحكى عن بشر يحبون أوطانهم وإن نفتهم، ويحبون الحياة وإن عذبتهم، فى إطار كوميدى رشيق يبعث الأمل والبهجة فى النفس رغم محاولات بطل الفيلم الفاشلة طوال الأحداث الانتحار.. فوز فيلم «دجاج بالبرقوق» الذى شاهدته فى مكتبة الأفلام بالمهرجان لأنى حضرت بعد انتهاء عرضه، هو انتصار للسينما المقبلة على الحياة والباعثة على الأمل رغم قسوة الظروف وقهر الأيام. ومن جهة أخرى حصل الفيلم الإيرانى «انفصال نادر وسيمين» على جائزة لجنة التحكيم الخاصة فى مسابقة الأفلام الطويلة وقدرها 50 ألف دولار، وهو الفيلم الذى حصل أيضا على جائزة الدب الذهبى فى مهرجان برلين بدورته الأخيرة فى فبراير الماضى. أما أفضل ممثل فى مسابقة الأفلام الطويلة فقد حصل عليها الممثل الأمريكى وودى هارلسون عن دوره فى فيلم «المتراس»، وقد تسلم الجائزة السفير الأمريكى لدىالإمارات، وحصلت الممثلة الهندية جايشرى بسافراج على جائزة أفضل ممثلة عن دورها فى فيلم «لاكى» من جنوب إفريقيا، وقيمة كل جائزة منهما 20 ألف دولار. وفى مسابقة «آفاق جديدة» تقاسمت جائزة أفضل ممثلة وقدرها 20 ألف دولار بطلة الفيلم الإسبانى «دموع من رمال» وبطلة الفيلم البرازيلى «القصص موجودة حين نتذكرها»، فيما فاز بجائزة أفضل فيلم فى نفس المسابقة وقدرها 100 ألف دولار الفيلم البرازيلى «القصص موجودة حين نتذكرها»، ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة وقدرها 50 ألف دولار للفيلم الهندى «صدقة الحصان الأعمى». وحصل الفيلم الهولندى «مكان بين النجوم» على جائزة أفضل فيلم وثائقى فى مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة وقدرها 100 ألف دولار، بينما منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة وقدرها 50 ألف دولار للفيلم المكسيكى «المكان الأصغر». وأخيرا حصل فيلم «سكيم» من جنوب إفريقيا على جائزة الجمهور وقيمتها 50 ألف دولار، والتى صوت فيها الجمهور للأفلام المعروضة ضمن قسم السينما العالمية، والمخصص لمجموعة مختارة من أبرز الأفلام التى نالت تكريما فى مهرجانات عالمية أخرى. ومن جهة أخرى كرم المهرجان النجمة البريطانية تيلدا سوينتون الحاصلة على جائزة الأوسكار عن دورها فى فيلم «مايكل كلايتون»، وقد حصلت على جائزة اللؤلؤة السوداء للتميز المهنى تقديرا لمشوارها الفنى، وهو ما اعتبرته النجمة البريطانية وساما من المهرجان، مؤكدة أن هذه الجائزة إن كانت قد حصلت عليها لاستمتاعها بالتمثيل، فإنها تشكر المهرجان جدا، لأنها بالفعل -وكما أكدت- استمتعت بعملها كممثلة. وعرض المهرجان الفيلم الروائى القصير «ستيف»، بطولة كيرا نايتلى وكولن فيرث فى أثناء حفل الختام.