جاء الحكم بالموافقة على حزب البناء والتنمية ليعيد كيان الجماعة الإسلامية للعمل بشكل قانونى على الساحة السياسية وممارسة دورها فى المجتمع قبل يومين من فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية. الدكتور طارق الزمر، المتحدث باسم الجماعة الإسلامية، وصف الحكم بأنه حكم مشرف، ويعد داعما لما طالبت به ثورة 25 يناير من إتاحة الحريات، وأن لا يكون هناك حظر على الأحزاب التى تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية. فى حين وصف الدكتور صفوت عبد الغنى، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، الحكم بأنه تاريخى، ويعد انتصارا لمبدأ تهيئة المجتمع لتطبيق الشريعة الإسلامية، وقد رفع هذا الحكم العبء عن كاهل الأحزاب الإسلامية المتمثل فى حظر قيام أحزاب على أسس دينية. وأضاف عبد الغنى أنه الآن أصبح من الممكن أن يتم تقنين الشريعة الإسلامية فى قوانين بعد تهيئة المجتمع لذلك، وبعد أن أصبحت مطلبا، فضلا عن كونه مطلبا شعبيا، أصبح مطلبا قانونيا بما يتوافق مع مبادئ الدستور المصرى، ولا يتعارض مع مقومات المجتمع. عبد الغنى أوضح أن الخطوة التالية هى تشكيل أمانة الحزب فى المحافظات، والاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة.
التعليق: العزباوى: الربط بين الموافقة وتطبيق الشريعة يظهر نيات الإسلاميين فى الحكم الدينى يسرى العزباوى، الباحث المتخصص فى الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: فكرة الربط بين الموافقة على حزب الجماعة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر تُظهر نيات الإسلاميين فى الحكم، وهو ما يخيفنا من وقوع البلاد فى قبضتهم، خصوصا أن التيار السلفى لا يزال «يحبو» فى عالم السياسة، مما يؤدى إلى الخلط بين الدين والسياسة، الذى سيؤدى بالبلاد إلى سقطات عواقبها وخيمة، فضلا عن أن النموذج التركى الذى يعد الأفضل بين النماذج الإسلامية السياسية الموجودة حاليا لا يوافق هوى الإسلاميين، وهو ما يعنى أنهم سيأخذون مصر فى طريق من اثنين، إما إيران أو أفغانستان آخر، وكلاهما كارثة، كما أن ربط الإسلاميين عموما والسلفيين خصوصا الموافقة على إطلاق الحزب بنجاح ثورة 25 يناير واكتساب حد من الحرية حسب رؤيتهم، هو أمر مغلوط تماما لأن الثورة لم تندلع، ولم يضح الشعب المصرى من أجل قيام دولة دينية، وإنما من أجل إرساء قواعد الديمقراطية والوصول إلى إقامة دولة مدنية إسلامية، وإن كانت مصر فى جميع الأحوال دولة ذات مرجعية إسلامية، وعلى الإسلاميين العلم بأن هناك أيديولوجيات مختلفة تحترم الدين، يجب احترامها والاعتداد بها.
التحليل: قرار المحكمة يعترف بالجماعة ويهيئ المجتمع لاستخدام الشريعة مرجعية ثابتة جاء حكم المحكمة الإدارية العليا بالموافقة على إصدر حزب البناء والتنمية المنبثق من الجماعة الإسلامية بعد شهر من رفض لجنة الأحزاب له، ليؤكد ما تردد من أن رفض الحزب كان رفضا سياسيا، فبرنامج الجماعة الذى طالب بتهيئة المجتمع المصرى لتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة الحدود لم يختلف عن نظائره من برامج حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك حزب النور السلفى المنبثق من الدعوة السلفية بالإسكندرية اللذين نصا فى برامجهما على تطبيق الشريعة الإسلامية، وكذلك تهيئة المجتمع لذلك، وإن اختلفت الصياغات فإن المضمون واحد. ومن هنا كان القرار سياسيا فى محاولة لتحذير التيار الإسلامى ككل من رفع سقف مطالبه، والوقف عن حديث تطبيق الشريعة حيث جاء القرار بعد جملة من التظاهرات كان أكبرها مظاهرة 29 يوليو التى رفعت بشكل مباشر تطبيق الشريعة الإسلامية. كما أن القرار لم يكن مفاجئا لأن القرار جاء متفقا مع الإعلان الدستورى، الذى نص على أن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع، وبالتالى فتهيئة المجتمع لتقبل الشريعة أمر طبيعى ووارد فى ظل النص الدستورى. قرار المحكمة الإدارية لم يأت ليعلن الاعتراف بحزب الجماعة الإسلامية التى ارتبط اسمها بالعنف فترة التسعينيات قبل أن تقوم بالمراجعات الفكرية، ولكن جاء ليعترف بتقنين الشريعة الإسلامية فى قوانين بعد تهيئة المجتمع لذلك، وبالتالى خرج من كونه حزبا بمرجعية دينية.