نقاد: فريق مسرح جامعة عين شمس تعاطف مع الإسرائيليين ضد النازية ومخرج العمل يرفض التشكيك فى إيمانه بالقضية الفلسطينية.. وأحمد عبد العزيز يؤكد: عمل جيد والكلام المثار خاطئ المحاولات مستمرة من قِبل إسرائيل لطمس الهوية العربية فى القدس، لأجل أن تتناسى الأجيال القادمة الحقيقة وأن تشطب دولة فلسطين من الخريطة، وهناك ممارسات صهيونية مستميتة لتحقيق أغراضها. وفى سياق آخر اشتعلت أزمة مؤخرًا داخل مصر بسبب ما وصفه البعض باختراق صهيونى للنشاط المسرحى فى مصر، ربما كلمات كبيرة وصادمة للجميع، ولكن دعونا ننطلق من الرسالة التى أشعلت لهيب الأزمة، وهى رسالة من قبل مسؤولين إسرائيليين يتوجهون بالشكر إلى فريق مسرح كلية التجارة بجامعة عين شمس، على عرض «سوبيبور»، الذى مثّل الجامعة بالمهرجان القومى للمسرح المصرى بدورته ال12. «سوبيبور» هو أحد أشهر المعسكرات النازية التى شيدتها ألمانيا فى أثناء الحرب العالمية الثانية، خلال الفترة (1939 وحتى 1945) من أجل التخلص من اليهود، ولكنها ضمت أيضا أجناسا أخرى من البشر، ولكن كان اليهود هم الغالبية العظمى، وكانت تلك المعسكرات تشهد تعذيب الضحايا حتى الموت، أما معسكر «سوبيبور» «سوبيبور» هو أحد أشهر المعسكرات النازية التى شيدتها ألمانيا فى أثناء الحرب العالمية الثانية، خلال الفترة (1939 وحتى 1945) من أجل التخلص من اليهود، ولكنها ضمت أيضا أجناسا أخرى من البشر، ولكن كان اليهود هم الغالبية العظمى، وكانت تلك المعسكرات تشهد تعذيب الضحايا حتى الموت، أما معسكر «سوبيبور» تحديدًا فقد أنشئ عام 1942، قرب الحدود الألمانية مع بولندا، وكان يحتجز به آلاف اليهود، وشهد المعسكر محاولات عديدة لهروب المساجين ولكن لم ينجح فى الفرار سوى 200 فرد فقط، وكان الموت حليفًا لباقى المحتجزين. ويتناول العرض المسرحى الذى قدمته جامعة عين شمس، قصة معسكر (سوبيبور) وأحوال المعتقلين اليهود فى ألمانيا بداية من حشدهم لأعمال شاقة وصولًا لقتلهم فى النهاية، وذلك وفقًا لتوضيح مؤلف ومخرج العرض محمد زكى، الذى يرجع اختياره لهذه القضية تحديدًا لعدة أسباب، أولها كونها رسالة سامية ننادى بها جميعًا وهى احترام الأديان السماوية، أما الأمر الثانى فهو تذكرة للأجيال الحالية والقادمة بالتجربة الدموية النازية، التى قامت الدولة الصهيونية المزعومة باستنساخها على أرض فلسطين، على حد قوله، والأمر الثالث وهو تصحيح الصورة التى يسعى الصهاينة لتصديرها للعالم بأن هم فقط من تعرضوا للاضطهاد على أيدى النازيين؛ متناسين أن الأذى والقتل طال جميع أطياف شعوب العالم، وأخيرا التأكيد على أننا جميعًا قلبا وقالبا مع القضية الفلسطينية. مسرحية «سوبيبور» عُرضت لأول مرة فى مهرجان جامعة عين شمس، فى أبريل الماضى، ونال العرض استحسان الجميع وفاز ب13 جائزة عن التمثيل والإخراج والتأليف والإضاءة، وهذا ما رشح العرض لتمثيل الجامعة خلال الدورة الثانية عشرة من المهرجان القومى للمسرح المصرى، الذى انتهت فعالياته 30 أغسطس الماضى، دون أن يحصل على أى جائزة، رغم إشادة الكثير من النقاد والفنانين بالعرض، وربما هذا يرجع إلى محاولة المهرجان تجنب أى هجوم أو نقد عليه بسبب هذا العرض المسرحى، الذى انقسم الجمهور حوله بعد عرضه على خشبة مسرح السلام خلال فعاليات المهرجان، حيث وجد الرافضون للعرض بأنه محاولة لكسب التعاطف مع اليهود ونجاح للصهيونية فى اختراق المسرح المصرى. ورغم خروج كثيرين لرفض عرض «سوبيبور» من خلال صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، فإن الأمور لم تصل إلى منتهاها إلا مع قيام صفحة «إسرائيل تتحدث العربية» بنشر فيديو لدبلوماسى إسرائيلى، يتحدث عن المسرحية وعن فخره بوجود عمل فنى يتناول (الهولوكوست)، وتعنى الإبادة الجماعية خلال الحرب العالمية الثانية ليهود أوروبا على يد النظام النازى. وهذا قوبل بالرفض من قبل المشاركين فى العرض، الذين أكدوا أن المسرحية ترفض تعذيب البشر أيا كانت دياناتهم، من باب الإنسانية، وكانت حجتهم بأن النص يتضمن حكاية لمسلمين اعتقلهم النازيون بالخطأ فى أثناء الأحداث وأيضًا لأسر مسيحية كانت فى المعتقل؛ ولم يكن «سوبيبور» يحتوى على يهود فقط كما يحاولون تصدير تلك الصورة دائما للعالم، بأنهم أكثر شعب تعرض للتعذيب والظلم. وأوضح الناقد المسرحى محمد الروبى أن المسرحية بها التباس أدى إلى تشتت الجمهور وعدم وضوح رؤية المسرحية، مشيرًا إلى أن العرض ينطلق بتساؤل: «كيف لمن ذاق العذاب أن يذيقه لغيره؟!» فى محاولة لإسقاط الأحداث على ما تعيشه فلسطين الآن، مضيفا أن مخرج العرض محمد زكى، أراد الربط بين جرائم النازية والصهيونية، ولكن لم يتضح ذلك بسبب إبحاره فى رصد معاناة اليهود داخل المعسكر دون محاولة الربط بين ما حدث فى المعسكر القديم وما حدث ويحدث فى الأراضى المحتلة. بينما اتهمت الكاتبة والروائية أمنية طلعت القائمين على عرض «سوبيبور»، بأنهم يزيفون التاريخ ويحاولون كسب التعاطف مع يهود الهولوكوست، وتساءلت: "لماذا اختار المخرج محمد زكى هذا الموضوع بالتحديد؟ لماذا يختار عربى أن يتحدث عن عذابات اليهود فى محارق الهولوكوست؟ لماذا الذهاب بعيدًا لإثارة التعاطف مع اليهود عام 2019 فى ظل معاناة المنطقة العربية من مجازر اليهود الصهاينة فى فلسطين؟". وأضافت «طلعت» أن العرض تضمن صوتا خارجيا يردد: «اليوم هم يغتصبون أرضنا»، ومن ثم يبدأ العد «45، 46، 47، 48» هو تاريخ اغتصاب فلسطين، مؤكدة أنها لم تجد هذا إلا مجرد غطاء خائب لمضمون مسرحية تزرع التعاطف مع اليهود، مستنكرة من مشهد النهاية بأن يقدم المسلم وزوجته نفسيهما إلى المحرقة بدلاً من أسرة يهودية من أجل إنقاذ ابنتها الصغيرة التى تشبه ابنتهما المتوفاة. وجاء رد مخرج العرض، محمد زكى، قاطعًا على ما قالته أمنية طلعت، مؤكدًا ل«التحرير» أن العرض يحمل وجهة نظر واضحة وهى: «كيف لمن ذاق العذاب أن يذيقه لغيره؟»، ودلل على هذا من خلال الرسائل التى وصلت إليه من قبل زملائه من الفلسطينيين الذين شاهدوا العرض، وأكدوا أن العرض يسخر من حجة الشعب المختار، كما أنه محاولة إسقاط على الأحداث التى يعيشونها الآن. ولفت مخرج «سوبيبور» إلى أن المسرحية عرضت الشهر الماضى بالمهرجان القومى للمسرح المصرى، بحضور رئيس المهرجان ولجنة التحكيم ونقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكى ورئيس البيت الفنى للمسرح إسماعيل مختار ولفيف من الفنانين والنقاد، وجميعهم أشادوا بالعرض، مشددا على عدم وجود أى تحفظات من قبل أى من الجهات على فكرة العرض المسرحى، مؤكدًا صلاحية المهرجان فى إيقاف العرض فى حالة تضمنه أى شبهة تطبيع أو الترويج لأى أفكار يرفضها المجتمع، وهذا لم يحدث. بدوره، أكد الفنان أحمد عبد العزيز، رئيس المهرجان القومى للمسرح المصرى، أن «سوبيبور» عمل جيد والكلام المثار حوله ليس صحيحا، وأن اللجنة كانت واعية فى اختيارها العروض المشاركة خلال الدورة ال12 من المهرجان، ويؤمن على كلامه رئيس البيت الفنى للمسرح، إسماعيل مختار، أن المسرحية شُوهدت من قبل لجنة خاصة وأخذت مسارها الطبيعى، وربما يكون هناك لبس فى فهم رسالة العرض من قبل البعض.