عندما دخلت نجلاء عبد الرحمن وصديقتها أحد المقاهي الجديدة في الرياض الأسبوع الماضي، رصدتا شيئا غير عادي في زاوية هادئة من المكان، ربما لم يحدث مثله منذ تأسيس المملكة العربية السعودية. "رأينا صبيا وفتاة كان يظهر بوضوح أنهما في موعد غرامي. فهما ليسا شقيقين. لم أرَ مشهدا مثل هذا من قبل"، هكذا حكت نجلاء لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، عما اعتبرته أول موعد غرامي في المملكة العربية السعودية. الصحيفة البريطانية ذكرت أن ظهور شاب وفتاة في الشارع قد يعرضهما لخطر الاعتقال من قبل الشرطة الدينية، أو ما يعرف باسم "جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وهي قوة مكلفة بإنفاذ قوانين الأخلاق الصارمة للمجتمع المحافظ في المملكة. لكن يبدو أن هذا التهديد قد اختفى عمليا، لأن محمد بن سلمان، ولي العهد، يدفع إلى زيادة الحرية الاجتماعية لتعزيز دعم خططه الطموحة لإصلاح الاقتصاد المعتمد على النفط. كانت الرياض قد أعلنت نهاية الشهر الماضي السماح للمرأة بقيادة السيارة. كما سمحت بحضور السيدات والعائلات للاحتفال بالعيد الوطني للمملكة، الذي أقيم في استاد الملك فهد، الأمر الذي أثار دهشة الجميع. عبد الرحمن قالت ل"فاينانشيال تايمز" إنها مقتنعة بأن التغييرات الاجتماعية ستساعد على تطبيع المملكة العربية السعودية، مضيفة: "سنكون مثل أي مكان آخر في العالم. نحن لا نعيش على المريخ في حين أن بقية العالم يعيشون على الأرض". الصحيفة البريطانية قالت إن الأمر ليس بهذه البساطة، فعائلة سعود التي حكمت المملكة على مدى عقود اعتمدت في حكمها على تحالفها مع المؤسسة الدينية الوهابية، التي تعتمد تفسيرا محافظا للتعاليم الإسلامية. ولذلك يمكن أن تؤدي الإجراءات الليبرالية للأمير محمد بن سلمان إلى إغضاب المحافظين وعزلهم. وكان أول من احتج هم أعضاء جماعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بعد تجريدهم من حق احتجاز الناس والتحقيق معهم. ونقلت الصحيفة عن أحمد الغامدي، الرئيس السابق لفرع الجماعة في منطقة مكة، القول إن "بعضهم صدم من جراء هذه التغييرات"، مشيرا إلى أن الحكومة سعت إلى تغيير دور الشرطة الدينية إلى هيئة مكلفة في المقام الأول بتقديم المشورة والتوجيه الديني بدلا من المواجهة المباشرة. يقول سكان الرياض ومدن أخرى إن الحياة اليومية أصبحت أكثر متعة بعد تقييد جماعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". فالعديد من المطاعم والمقاهي أصبحت تشغل الموسيقى، وأصبح الناس لا يخشون الاعتقال من قبل أفراد الشرطة الدينية. وقال عبد اللطيف آل الشيخ، الذي عين رئيسا للشرطة الدينية قبل خمس سنوات بهدف إصلاحها: "تضرر الناس كثيرا بسلوك أفراد الشرطة الدينية، الذين حولوا عملهم إلى وسيلة لترويع وقمع وحرمان الناس من حرياتهم المشروعة"، مضيفا أنه واجه مقاومة شديدة من قبل الكثيرين في المؤسسة الدينية الذين عارضوا قراره بطرد الضباط المتطوعين الذين كان من الصعب السيطرة عليهم.