فى صورة التلفاز خيالات تجرى يمينًا ويسارًا، هرج ومرج، انفجارات يتلوها صراخ وعويل، فلسطينيون يقتحمون الحدود. توقف يا لواء، أن لا تجيد التصويب، هات يديك فى يداىِ، ركز عينك على الهدف، سأضغط الآن،1، 2، 3. أقفز فى الأرض فرحا، لقد أصبنا الهدف. تعجبنى دائمًا بزته البيج ذات الأزرار الذهبية، والقبعة الخاصة يزينها النسر الذهبى.. (أتذهب الآن يا أبى؟).. (نعم يا حضرة اللواء) (ابقى أكثر) ينحنى إلىّ، يرفعنى عاليا، يقبلنى بحرارة، يحتضننى بحنان. (الإجازة القادمة سنذهب إلى الملاهى، اتفقنا؟) صورة أبى على الشاشة، أصرخ فرحًا مناديًا أمى تهرول إلى التلفاز، .. تسقط مغشيا عليها أصرخ وأنا أتساءل.. ماذا حدث؟ .... كل هذا يجول فى ذهنى اليوم ذكراه الخامسة والعشرين، لم أعد أتساءل، أقبل صورته على المنضدة الجانبية بجوار فراشى، أرتدى سترتى البيج ذات الأزرار الذهبية، أخرج من غرفتى وأتجه إليها وهى جالسة، تنظر إلىّ دامعة العينين، أقبلها فى جبينها، تربت كتفى وتهمس: حفظك الله يا حضرة اللواء.. لا تغب علىّ..