وفي الساعة السادسة بدأت بوسي وريهام يتأهبان للخروج، بوسي ارتدت ملابسها المعتادة للذهاب إلى المسرح، وريهام فتحت الصوان وظلت أمامه برهة من الوقت تختار الأفضل من ملابسها، أول مقابلة بينها وبين الأستاذ حامد لابد أن تكون عند حسن ظنه سكرتيرة تتمتع بقدر كبير من الأناقة، خرجت في فستان متعدد الألوان يصل طوله تحت الركبة مكشوف الصدر قلبها خافق مرتجف في ذهنها تتضارب التساؤلات، هل أكون عند حسن ظن أستاذ حامد سوف يكون العمل بسيطاً أم مجهداً أم شاقاً؟ وماذا عن معاملته صارمة أم هادئ الطبع؟ لا لابد أن أتريث أكثر من ذلك إنها الخطوة الأول في العمل ولكن لابد أن أتمتع بقدر من الثقة بالنفس لا أفكر من الآن ما عدا إلا خطوات وأصل إلى اليقين.... تقدمت من مدخل العمارة بجوار حديقة الحيوان وقفت لحظات تتأملها من الخارج ما أكثر أدوارها ضخمة عملاقة واضح أنه أستاذ كبير جداً كون مكتبة في عمارة بهذا الحجم، لم ترا أسانسير صعدت الدرج، صار في أغوارها رهبة وأناملها ارتعدت بعض الشيء تقابلت في البواب قائلة: أين اسانسير العمارة، اعتذر لها البواب عن عدم تواجده عند المدخل الأن الأسانسير مكانه بعيد عن الأعين، وصعدت درجات السلم وقد اصطدمت بفتاة أنيقة جدا شعرها مسترسل إلى خصرها سمراء ممشوقة القد وبادرتها ريهام قائلة : أنا آسفة من فضلك مكتب استاذ حامد المحامي في أي الأدوار . الفتاة : أهلا وسهلا أنا السكرتيرة . اربدّ وجه ريهام قائلة : السكرتيرة ولكن أنا أعلم أنه يبحث عن سكرتيرة . تلعثمت الفتاة قائلة في نظرة ماكرة : أنا سوف أترك العمل قريباً، أنت السكرتيرة الجديدة. ريهام صعد إلى وجهها عدم الارتياح وهزت رأسها قائلة : أنا باعتبار ما سوف يكون إذ وفق الأمر . الفتاة : إن شاء الله سوف يوفق أستاذ حامد شخصية ممتازة أنا أعمل معه منذ فترة طويلة وسوف تجدين سعة من الراحة في معاملته وعلى العموم هو في الدور الخامس . ريهام : لكن أنت ذاهبة إلى أين؟ الفتاة قالت متلعثمة : أنا ذاهبة لشراء بعض متطلبات شخصية وسوف أعود سريعاً لا تقلقي . وانصرفت الفتاة معتذرة بعد ما زرعت القلق والرهبة بين دروب ريهام، تقدمت من المكتب ضغطت بيدها المرتعدة على زر الجرس، وبدأت تفرك كفيها قلقاً وطرحت شعرها إلى الوراء محاولة إعادة ثقتها التي تزعزعت من هذا الوجل العنيد الذي لا يريد أن يتركها لشأنها، فتح استاذ حامد الباب في كامل أناقته في بدلته السوداء والكرفته الحمراء رافع رأسه نحوها، فالتمعت عيناه بطلتها النورانية ورنا إليها رنوة طويلة وصافحها ضاغطا على يدها مأخوذ بسحر عبيرها ومفاتن أنوثتها في فستانها الجامع بين أجمل ألوان الطبيعة وبادرها: أهلاً أهلاً وسهلاً يا آنسة ريهام تفضلي تفضلي . رفت على وجهها بسمة هادئة وبادرته التحية ودخلت دون أن تنبس تدور بعينيها في المكان تحلم بمولد أيام مليئة بالسعادة في هذا العمل الذي وضعت عليه شماعة أحلامها والاستغناء عن مساعدات الأصدقاء، حامد واقف في أثرها عيناه تتجولان في نهم ساقيها، وشعرها المتهدل على ذراعيها البرونزيتين فنبت شعور الرغبة في أعماقه وحاول أن يلمس ذراعها ولكنها التفت إليه قائلة : شيك جداً مكتبك يا أستاذ حامد واضح أن السكرتيرة ذوقها هايل أنا تقابلت بها على سلالم الدرج . تلعثم حامد وقال في مكر: أيوه أيوه يا أفندم ولكنها سوف تترك المكتب قريباً لظروف خاصة بها . هزت ريهام رأسها : أتمنى أن أكون عند حسن ظنك . حامد دعاها إلى مكتبة قائلاً : طبعا طبعا يا فندم تفضلي هذا مكتبي . تقدمت في خطوات وئيده ثابتة ودعاها للجلوس على المقعد صوب مكتبه جلست وجلس أمامها ، ارتفع الفستان عن ساقيها عند الجلوس، فرمق ساقيها العاريتين وراح يبلل بلسانه شفتيه ويتفرس في محاسن جسدها وتطلع إلى صدرها المكشوف الذي يزداد جاذبية بالعقد الملتف حول رقبتها المتناسقة ،ووجهها المتألق بأبهى نضارته وجاذبيته ببريق عينيها فتحطمت قدرته على كبح جماح رغبته ودنا منها ممرراً يده على خصل شعرها المتهدل على ذراعيها ... قائلاً : ما هذا الجمال . فارتعدت مبتعدة إلى الوراء وعيناها تدور عما حولها، وبادرته لكي تبعد هذا التفكير الذي أمتلك صفحات رأسه قائلاً: أنما حضرتك مدني ولا جنائي . استاذ حامد يعلم جيداً ماذا يريد، لم يعط جدوى لكلماتها ودنا أكثر من وجهها ولم ينبس ومسك طرف فستانها فانكمش في يده متحسسا فخذها فارتعدت وجف حلقها واشتد وجيب قلبها وترقرق الفزع في عينيها حاولت التمسك سحبت فستانها من يده في هدوء حتى لا يثور أكثر، وهبت واقفة دون أن تبدي أي انفعال بعد ما لمحت في عينيه ذئبا اشتهى فريسته وراحت تدور في الغرفة . قائلة : أكيد مهندس ديكور رائع الذي صمم مكتبك وأعطاه هذه اللمسة الجمالية . حامد : لا أنا الذي صممته . دنت منه تعدل ياقة قميصه بنظرة مستنكرة وقالت : واضح أنك لست بارعاً في تصميم الديكور فقط أنك أيضاً فنان في اختيار ألوان ثيابك . ولكنه فطن محاولتها لتمويه عقله ودعاها للجلوس مرة أخرى على نفس المقعد جلست والوجل تملك صفحات نفسها، وتقدم استاذ حامد نحو الدىفريزر بجوار مكتبة وأخذ منه علبه فضية من المشروب وقدمها لريهام وهو ينحني في خبث، بدأت ريهام ترشف أول رشفة، واتجه حامد لغلق الباب بالمفتاح، وتقدم في خطا وئيدة ودنا هامساً في أذنيها ويمرر يده على ذراعها ثانية : الجمال ده حرام يجهد نفسه في التعب والعمل ده محتاج اللى يقدره . نزعت ريهام يده وهبت واقفة وقد حطمت كل قدرات التحكم بداخلها وخرجت عن شعورها قائلة في نرفزة : هو ده الشغل يا أستاذ حامد . وضع يده تحت ذقنها مداعباً : أنت فاكر أي يا جميل أنا منتظر هذا اليوم من سنين منذ دخولك الجامعة . بدأ يدنو منها ليقبلها وقع المقعد على الأرض وهي ترجع إلى الوراء وقد انكمشت خوفاً وحاولت الصراخ، كتم أنفاسها بقبضة يده على الفور، وقعت عيناها على سكين فوق الدي فريزر أخذتها وحاولت الدفاع، وهوت بها عليه، أنقض عليها كذئب ملتهب الأنياب والتصق بها في الحائط بدأ يخبط يدها حتى وقعت السكين على الأرض انحنى لأخذها وألقى بها من النافذة انتهزت الفرصة ومرت من خلفه واتجهت نحو الباب وضعت يدها على الأكرة وحاولت فتح الباب لا يفتح، وحامد راح يجلس في مقعد الأنتريه الكبير صوب الباب فارد ذراعيه ويرتخي في كبرياء رافعاً قدمه على المنضدة التي إمامه ويضحك ساخراً وينادي: تعالي هنا جنبي تعالي يا جميل . ريهام : أنت مجرم مجرم . بادرها في فتور أعصاب: مجرم، إلى عندي وأصبحتي الطاهرة العفيفة . بادرته : أنت حيوان أنا أشرف منك ومن كل البنات اللى تعرفهم يا مجرم و يا قذر . استشعر أن كبرياءه قد هدر فاقترب منها وعيناه متوعدتان شراً ومزق فستانها من منطقة الصدر فلطمته لطمة قوية قائلة : يا سافل يا سافل . طوق حضرها وانهال عليها بالقبلات بدءاً من صدرها ورقبتها حتى وجنتيها وارتمى بها على الأرض، فأخذت تضرب صدره بقبضتها ولكن لم يعد لحواسه سلطان بدأ يفك سرواله لكي يحطم حصان مقوماتها فاتسعت عيناها هلعا وبدأت تصرخ، وتقلبت حتى لا. يتمكن منها وزحفت في بطء حتى أمسكت بزهرية من على المنضدة والقت بها على رأسه، فسقط على الأرض في نزيف من الدماء يسيل على جبينه، هبت واقفة واضعة يدها على ثغرها وقد انهارت قوى أعصابها تحدق نحوه، وقد اتسعت عيناها وجلاً، وانفطر فؤادها فزعاً، بدأت تتلفت في المكان باحثة عن مخرج إلى أن وقعت عيناها على الفرندة اتجهت مسرعة نحو السور تنظر نحو الأرض المكان مرتفع جداً كيف تهبط لا يوجد حل أمامها غير مواسير المياه وضعت قدمها على الماسورة ارتجفت أناملها رهبة وبدأت تتسلق حاولت التحكم في زمام نفسها كأنثى حتى تتجاوز مرحلة الخطر وهبطت في حرص حتى وصلت إلى الأرض في سلام مسحت وجهها وأزالت الأتربة المتراكمة على ثيابها ومسكت فستانها الممزق من منطقة الصدر بيدها وانطلقت مسرعة خارج سور العمارة مهرولة نحو الرصيف وأنفاسها لا ولم تهدأ حتى أشارت لتاكسي ودلفت فيه إلى الدار، واوقفت التاكسي وهبطت مهرولة، السائق يتابعها في دهشة، فتحت باب الدار بقبضة يدها وهرعت مسرعة صاعدة سلالم الدرج وما زال زفير أنفاسها مضطرباً يدوي المكان فتحت الباب وارتمت مغشياً عليها، اتجهت نحوها الفتيات في لهفة وقد تناثرت كتبهن على الأرض يبادرن: ريهام ريهام. مالك مالك يا ريهام وراحت سوزان وجهاد وسارة يرفعونها على السرير ممددة واتجهت أمينة وأحضرت مياه بدأت تمسح على شعرها بالماء، وإيمان أحضرت برفان أخذته سارة وبدأت تقطر منه حول أنفها حتى رجفت أهدابها وجهاد تنادي وتمرر يدها على جبينها حتى نهضت من الغيبوبة في بطء شديد ودون أن تنبس أجهشت بالبكاء فاقتربت منها جهاد واحتضنتها وفطنت الفتيات الأمر وبادرتها أمينة: وأنت ليه تذهبي لشخص لا تعرفي عنه أي شيء وترجعوا تندموا . قالت سارة : أمينة الموقف لا يحتمل مواعظ . وضعت أمينة يدها على فمها قائلة : أنا غلطانة . في حين اتجهت مى نحو ريهام وجلست إمامها ترتب يدها على ظهرها ورفعت رأسها المطاطيء ومسحت الدموع التي تسيل في صفوف بين وجنتيها وضمتها وتاها في حضن من الوجد، في تلك اللحظة كان خالد يحتوي بوسي في حضن تملؤه الفرحة وتتولد بينه بساتين العشق والنشوى يمرر يده على شعرها في حنان وهي واضعة رأسها على صدره تستمد من دقات قلبه الحانية دفئاً وهياماً ولا يوجد صحبة معهما في شقته غير أضواء الشموع الخافتة يرقصان على نغمات الموسيقى التي نشرت بين جوانحهما الهدوء والساكينة وراحت بلابل السعادة ترقص على أوتار النغمات تعزف لحناً موسيقياً منسجماً مع نغماتها التي تبعث دفئاً وحباً وحناناً، ظلت بوسي تهمس في أذنيه بأجمل معاني الحب وهو يمطرها قبلات وقالت وهي حالمة في أحضانه : تفتكر الاستعراض سوف ينجح يا خالد أنا خائفة جداً . رفعها خالد بين يده وطاف بها الردهة قائلاً : سوف تصبحي نجمة ساطعة في السماء. قهقهت بوسي قهقهة عالية وانطلقت من بين يده نحو المسجل وأدارته على موسيقى شرقي وصعدت المنضدة المستديرة وبدأت ترقص في ثيابها البني الملتصق حتى دقت الساعة التاسعة هبطت مهرولة وضعت قدمها في الحذاء وأخذت حقيبة يدها من على مقعد الأنتريه، وهو ينظر إليها في دهشة متسائلاً: ماذا حدث ؟ بوسي : الوقت مر سريعاً أتأخرت جداً . دنت منه وضعت قبلة على جبينه قائلة: أراك غدا في المسرح . قبض خالد على يدها قائلاً : أوصلك الوقت قد تأخر . بوسي : لا يوجد داعي المشرفة سوف تراك.هذا موعد عودتها إلى الدار ممكن تقابلنا في الطريق . خرجت من المنزل ودلفت إلى الدار في تاكسي، صاعدة السلالم ودقات قلبها الناعمة ترقص على أهازيج الهوى في نفسها السعيدة الحالمة دخلت الغرفة تطوف حول نفسها كالعادة ورمت الحقيبة على المنضدة وطرحت نفسها على السرير في شرود وبعد مرور لحظات وقعت عيناها على ريهام والجميع يلتف حولها في حالة من السكون والوجد اتجهت نحوهن متسائلة: ما بكم ما الأمر مالك يا ريهام ماذا حدث ؟ رفعت ريهام عينيها وكادت تنفطر بالدموع وغضت بصرها ثانية دنت منها بوسي ، رفعت رأسها المطاطئ ورنت إليها رنوه طويلة تتأمل عينيها ، فطنت الأمر وقالت : حامد خائن كذلك هزت ريهام رأسها دون أن تنبس بوسي احتضنتها، فرفت بسمة على ثعرها وكأن بوسي جاءت كى تخرجها من هذا الحزن الذي لا يريد تركها .