قبل ثلاث ساعات من أذان فجر ٢٣ رمضان (١٨ يونيو ٢٠١٧)٬ تتمكن إحدى المجموعات الإرهابية (حركة حسم) من استهداف إحدى سيارات قوات الأمن على طريق الأوتوستراد بالمعادي٬ مما أسفر عن سقوط شهيدين وثلاثة جرحى من قوات الأمن٬ وبتحليل تلك العملية الإرهابية نجد أنفسنا أمام تطور في تكتيكات الجماعات الإرهابية غير التقليدية (حسم ولواء الثورة.... نموذجا)٬ وهو ما يطرح بعض التساؤل حول نوعية التطور التكتيكي لتلك الجماعات الإرهابية.. وهل هناك علاقة بين إصدار أحكام الإعدام الأخيرة بحق المتهمين باغتيال المستشار هشام بركات النائب العام السابق وتلك العملية؟ «١» تعتبر عملية (١٨ يونيو ٢٠١٧) هي العملية الإرهابية الثانية التي يستخدم تنظيم (حسم الإرهابي) العبوات الناسفة في مواجهة قوات الأمن بعد عملية مسجد السلام بشارع الهرم في نهاية العام الماضي (٢٠١٦)٬ حيث قام تنظيم «حسم الإرهابي» بزرع عبوتين ناسفتين قبل ساعات من تمركز أحد الأكمنة الثابتة أمام مسجد السلام٬ وتعتبر عملية المعادي منذ ثلاثة أيام هي العملية الإرهابية الأولى التي تستخدم الجماعات الإرهابية زرع العبوات الناسفة على جانبي الطريق في الوادي والدلتا٬ وخصوصا في محافظة القاهرة٬ وهو أسلوب أشبه بما يحدث من عمليات إرهابية من قبل تنظيم «بيت المقدس» ضد قوات الأمن في سيناء٬ وعلى الرغم من اختلاف مكونات العبوات الناسفة المستخدمه في العمليات الإرهابية بسيناء عن تلك العبوات الناسفة المستخدمة في القاهرة من حيث ضعف قوة الانفجار نتيجة بدائية العبوات الناسفة المستخدمة من التنظيمات الإرهابية غير التقليدية الموجودة في الوادي والدلتا إلا أن إقدام تلك المجموعات الإرهابية (حسم ولواء الثورة نموذجا)٬ على استخدام تكتيكات التنظيمات الإرهابية التقليدية مثل تنظيم بيت المقدس يجعلنا نتوقف عند نقطتين، الأولى: هو تأثر تلك التنظيمات غير التقلدية بتكتيكات التنظيمات الإرهابية التقليدية (بيت المقدس نموذجا)٬ وهو ما يجعل من التنظيمات الإرهابية غير التقليدية في تطور مستمر تقترب من أساليب التنظيمات الكبرى٬ هذا الاقتراب يجعل من احتمالية إعلان تلك التنظيمات التبعية لأحد التنظيمات الإرهابية الكبرى ممكنا، وخصوصا مع ضعف البنية التنظيمية المحركة لتلك الجماعات الإرهابية بعد مقتل محمد كمال والقبض على محمد عبد الرحمن المرسي، وهو ما يطرح تساؤلا حول الطرف الداعم لتلك التنظيمات. النقطة الثانية: قدرة تلك التنظيمات الإرهابية غير التقليدية على استقطاب بعض العناصر التي تلقت تدريبا ما على يد بعض التنظيمات الإرهابية الكبرى أو التي انضمت في وقت ما لبعض التنظيمات الإرهابية في إحدى دول الصراع بالإقليم. «٢» وبتحليل بيئة العملية الإرهابية وطبيعة المستهدف وهي سيارة نقل جنود أمن مركزي٬ بمعنى أدق نحن أمام عدد لا يقل عن ٢٠ ضابطا ومجندا من الأمن المركزي وهي القوات ذات التدريب المختلف عن باقي إدارات وزارة الداخلية٬ حيث تم الاستهداف أثناء سير السيارة٬ وبتحليل بيئة العملية الإرهابية نجد أن العناصر الإرهابية تمكنت من زرع العبوة الناسفة في نقطة ضعيفة بالنسبة لحركة السيارة أو بمعنى أدق (نقطة ميتة) حيث تمكن التنظيم الإرهابي من زرع العبوة الناسفة عند منحنى أسفل الطريق الدائري٬ هذا المنحنى يربط مقدمة طلعة الطريق الدائري تجاه (القطامية) مع أوتوستراد صقر قريش٬ وهو ما يجعل من حركة السيارة بطيئة، خصوصا أن مساحة المنحنى والطريق لا يتسع لأكثر من سيارة بحجم سيارة نقل الجنود٬ وهو ما جعل سهولة في استهداف السيارة نتيجة بطء حركة السيارة في المنحنى٬ وهو ما جعل التنظيم الإرهابي (حسم) قادرا على تفجير العبوة بسهولة أثناء سير السيارة٬ فمن المرجح أن التفجير تم عن بعد باستخدام الاتصال٬ فالفترة بين اتصال العنصر الإرهابي بشريحة العبوة الناسفة يأخذ عدة ثوان وهو ما يتطلب أن تكون حركة السيارة بطيئة، ومن ثم نجد إجابة لماذا تم الاستهداف في هذه المنطقة. «٣» وبتحليل طبيعة المستهدف وهو سيارة لنقل جنود أمن مركزي٬ على الأرجح مقبلة أو ذاهبة للمعسكر يعني أن تنظيم حسم الإرهابي يمتلك معلومة عن خط سير السيارة أو بمعنى أدق هناك احتمالان، الأول هو أن تلك القوة الأمنية تتحرك بشكل دوري وثابت يومي مما جعل من عملية رصدها من قبل العناصر الإرهابية أمرا بسيطا٬ أو أن العناصر الإرهابية تمكنت من الحصول على خط سير السيارة إن كانت تلك القوة ليست ثابتة التحرك يوميا! وهو ما يجعلنا أمام نتيجة، هي أن من الخطأ المستمر أن يكون هناك خط سير ثابت ومستمر لتنقل قوات الأمن كما هو الحال لنقاط الارتكاز الأمني الثابتة لقوات الأمن، سواء كانت نقاط ارتكاز تحت مسمى المرور أو غيرها٬ وإذا كان الاحتمال الثاني فهذا يعني البحث في آلية حصول التنظيم الإرهابي على معلومة خط سير القوة الأمنية. «٤» وبتحليل طريق الهجوم الإرهابي٬ حيث تزامن تفجير العبوة الناسفة مع إطلاق نار كثيف من قبل بعض العناصر الإرهابية على قوات الأمن٬ يجعلنا أمام مشهد متكرر بإطلاق النار على قوات الأمن٬ ولكن التساؤل الأهم: كيف تحركت عناصر إرهابية مسلحة بسيارتين -كما تم الإعلان في وسائل الإعلام- في شوارع القاهرة، ويقومون بتنفيذها؟! ولن أطرح تساؤل الهروب لأن هروب تلك العناصر بالنسبة لمكان الحادث أمر بسيط وسهل٬ فاختيار مكان العملية الإرهابية مدروس من قبل العناصر الإرهابية ليس فقط لسهولة تنفيذ العملية ولكن لسهولة هروب العناصر المنفذة٬ فنحن نتحدث عن موقع للعملية الإرهابية له أكثر من مخرج آمن، الأول اتجاه صحراء القطامية٬ الثاني صحراء زهراء المعادي٬ الثالث طريق المقطم الثاني٬ أو الاختفاء في بعض المناطق العشوائية المنتشرة على جانبي الطريق من مدخل البساتين إلى دار السلام إلى شق الثعبان والمحاجر إلى بعض العزب الموجودة على مسافة أقل من ١٠٠م من موقع العملية. نعم نحن أمام عملية إرهابية تحتاج للدراسة من كل الجوانب مرورا بتحليل مضمون بيان حركة حسم الإرهابية الصادر في أعقاب العملية الإرهابية، وهو ما يحتاج لمساحة أخرى من التحليل.