تظاهر الآلاف في شوارع بيلباو في إقليم الباسك بإسبانيا، لتأييد سجناء منظمة "إيتا الباسكية" الانفصالية، مطالبين بالعفو عنهم و إخلاء سبيلهم، و رفع المحتجون لافتات على شكل يد مع أصبع سبابة موجه نحو السماء، و هذا للتنديد بالظروف التي يعيشها سجناء منظمة إيتا. وعلى الرغم من أن معظم أعضاء "إيتا" التي تخلت عن العمل المسلح في عام 2011 باتوا وراء القضبان، إلا أن المنظمة رفضت أن تحل نفسها. من جانبها قالت أرملة أحد ضحايا إيتا: "الذي أصارع من أجله هنا هو أنه بعد خمس سنوات من السلام مع منظمة إيتا، أعطوا السجناء الذين في السجون حقوقهم القانونية، أريد تطبيق دولة القانون بالنسبة للسجناء". و في سياق متصل أصدرت مؤسسة تعني بالدفاع عن حقوق سجناء منظمة إيتا، بيانًا انتقدت فيه هؤلاء الذين لا يطلقون سراح سجناء قضوا عقوباتهم التي فرضتها المحاكم عليهم منذ وقت طويل، كما طالبت بنقل السجناء إلى سجون قريبة من أماكن سكن عائلاتهم. و رغم تخلي هذه المؤسسة التي تحمل اسم "تجمع السجناء السياسيين لإقليم الباسك" مؤخرًا عن مطالبها بالعفو الشامل - إلا أنها طالبت بمفاوضات تتناول كل قضية على حدة من أجل تعليق تنفيذ الأحكام. مؤسسوا منظمة إيتا من المتطرفين تأسست المنظمة في 31 يوليو عام 1959، على يد مجموعة من الطلاب المتطرفين المنشقين عن جماعة أكين، المنشقة بدورها عن الحزب القومي الباسكي (P.N.V)، الحاكم حاليًا. ارتكزت عقيدة المنظمة على أعمدة أربعة هي: الدفاع عن اللغة المحلية، العرق الباسكى، معاداة ومقاومة الإسبانية، أخيرًا استقلال بلاد الباسك التي تشمل مقاطعات: آلابا - بيثكايا - جيبوثكويا الإسبانية - ولابوردي - نابارا السفلى - ثوبيروا الفرنسية". وهكذا بدأت قوات الأمن الإسبانية بملاحقة أعضاء هذه المنظمة التي تمكنت عام 1962 من ترسيخ أرضيتها أثناء مؤتمرها الأول الذي عقد في دير بييوك في فرنسا وعمدت فيه المنظمة ك"حركة ثورية باسكية للتحرير القومي"، رافضة التعاون مع أي حزب أو منظمة أو جمعية لا قومية، وباشرت بحملة قوية تهدف إلى توسيع قاعدتها الشعبية. وحددت نفسها كمنظمة سرية ثورية تشق طريقها عبر الكفاح المسلح بهدف التوصل إلى استقلال بلاد الباسك. وهكذا تأسست منظمة Euskadi Ta Askatasuna، المعروفة اختصارا باسم "إيتا". الأنشطة الدموية تكررت أنشطتها الدموية على مدار العقود الأربعة الماضية، مما أدى إلى سقوط نحو ألف قتيل وآلاف الجرحى، من بينهم ضباط وعناصر من القوات المسلحة وقوات الأمن الإسبانية بالإضافة إلى السياسيين وأصحاب الشركات والصحفيين وعدد كبير من المواطنين، بالإضافة إلى عمليات الخطف والتهديد والإبتزاز التي يتعرض لها حتى أهالي الباسك غير المؤيدين لأعمال ونشاطات إيتا. مفاوضات سياسية وبالرغم من أن "إيتا" والسلطات الأسبانية دخلوا أكثر من مرة في إعلانات لوقف إطلاق النار، إلا إنه لم يصمد، كما أن المفاوضات السياسية بينهما من أجل إيجاد حل سلمي للمشكلة لم تصمد. ويعتقد الكثير من المحللين أن الحصار السياسي الذي تعيشه "إيتا" في الوسط السياسي الإسباني، وانسداد آفاق حل الأزمة باستخدام القوة، وإلقاء أغلبية المنظمات المسلحة في أوروبا ومنها منظمة الجيش الأحمر لسلاحها، وانتهاجها التفاوض السياسي، لعبت دورًا أساسيًا في قرار إيتا الأخير؛ غير أن محللين آخرين يقولون: إن "خطوة إيتا لا يمكن فقط تفسيرها بالرجوع إلى التطورات داخل إسبانيا وأوروبا، وإنه لا بد من الأخذ في الاعتبار الأثر الذي أحدثه تنظيم القاعدة وعملياته في أمريكاوأسبانيا وبريطانيا على المنظمات المسلحة في أوروبا". إقليم الباسك قبل هجمات 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن، وتفجيرات 11 مارس في مدريد، وتفجيرات 7 يوليو في لندن، كانت كافة وسائل الإعلام الإسبانية المكتوبة والمسموعة والمرئية تتداول، وتعالج يوميًا أخبار الشغب والعنف في شوارع مدن إقليم الباسك التي يمارسها الشباب المؤيد لمنظمة إيتا المطالبين بحق تقرير المصير واستقلال الإقليم. ولكن هذه الأخبار بدأت تختفي تدريجيًا من وسائل الإعلام لتحل مكانها أخبار الإرهاب الدولي التي بدأت تحتل العناوين والصفحات الأولى، إلى الحد التي اختفت فيه نهائيًا. وأدى هذا التعتيم الناتج عن الأنشطة الإرهابية التي يمارسها تنظيم القاعدة إلى زوال أعمال العنف في إقليم الباسك وإلى تحوّل في سياسة إيتا، على الأقل مؤقتًا، إذ بدأت بخلط أوراقها من جديد وبرسم خطة مختلفة تقود المنظمة إلى أهدافها المنشودة.