قانون جديد يوسع سلطات الرئيس.. والقضاة: يمس استقلال العدالة البرلمان يتبنى حسن النية.. ومصادر: هدفه إزاحة قاضي تيران وصنافير القانون به مخالفات دستورية.. وقضاة مجلس الدولة: هجمة شرسة تتجاوز خطورة الإخوان توالت ردود الأفعال القضائية على مناقشة مجلس النواب مشروع قانون مقترح يضع سلطات تعيين رئيس هيئة النيابة الإدارية وكافة الهيئات القضائية بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نوابها يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة. وفي أول رد له دعا مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة أعضاءه لعقد اجتماع طارئ غدا الأربعاء، لمناقشة مشروع القانون المقترح. وعقّب نادي القضاة في بيان له بأن مجلس إدارته سيظل في حالة انعقاد حتى التأكد من عدم إقرار هذا القانون المشبوه، على حد تعبيره. تيران وصنافير.. المشروع القانوني المقترح - الذي تقدم به النائب أحمد حلمي الشريف، وكيل اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، ومعه 60 نائبا- أثار عاصفة الاتهامات والتشكيك من قبل القضاة حول نية وتوقيت مناقشته داخل البرلمان. وأرجع مصدر قضائي دوافع القانون المقترح بأنها تهدف إلى التخلص من المستشار يحيى دكروري، رئيس محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة، الذي قضى ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وما ترتب عليها من نقل سيادة جزيرتي "تيران وصنافير" إلى السعودية. وأوضح المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن «الدكتور مجدي العجاتي، وزير شؤون مجلس النواب، فشل في التأثير على قضاة مجلس الدولة، في إدارة ملف "تيران وصنافير"، فأوعز في نفوس المقربين إليه من النواب بضرورة الإطاحة بالدكروري قبل 16 يناير»، بحسب قوله، مبينا أن ذلك التوقيت موعد النطق بالحكم في قضية "تيران وصنافير". أحمد حلمي الشريف، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب، رد على تلك الاتهامات بقوله: «كل التوقيتات تسمح بالتشريع طالما لا يمس استقلال القضاء، إذ لا يوجد وقت مناسب ووقت غير مناسب للتشريع». وأبدى الشريف، خلال تصريحات تليفزيونية، حسن نية المشورع القانوني المقترح، مضيفا أن «من يتقدم لمنصب الأعلى للقضاة يكون قد أوشك على سن ال70 من عمره، فقد لا يستطيع وضع إستراتيجية تستمر عاما أو عامين وقد يكون غير قادر على وضع رؤية تنظيمية»، موضحًا أن رأي الهيئات القضائية للرد على مشروع القانون «استشاري»، متابعًا: «ردوا أو مردوش، سيتم مناقشة القانون بعد عرضه على اللجنة، وفي حالة إدخال عليه تعديل سنضعه في عين الاعتبار». تخوفات.. طريقة البت في المشروع القانوني داخل أروقة البرلمان أثارت تخوفات نادي قضاة مجلس الدولة الذي قال في بيان له: "طالعنا ببالغ الاهتمام الاقتراح بقانون المقدم من أحد السادة نواب مجلس الأمة واتخذ طريقه بسرعة مذهلة نحو الإقرار والاعتماد، وتضمن المشروع مضمونا وحيدا شمل كلا من جهتي القضاء العادي والقضاء الإداري، وشمل أيضا كلا من هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة". وتابع: "كان ذلك في مادة مستقلة لكل من هذه الجهات والهيئات المشار إليها تنص على أن يعين رؤساء هذه الجهات بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاث من نوابهم ترشحهم مجالسهم العليا، مع تعديل قوانين الجهات المشار إليها وإلغاء ما يتعارض مع أحكام مشروع القانون" . واعتبر بيان القضاة مشروع القانون نواة لفتنة تمس استقلال أهم مؤسساتها الوطنية والقومية. أوامر مجهولة.. مصدر قضائي أوضح سبب التخوف المثار حول المشروع القانوني الجديد، قائلا إن المقترح الجديد يمس سيادة القضاة واستقلالهم. وعن ضرورة افتراض حسن نية مشروع قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية، قال المصدر: "هناك قانون معطل رغم حاجة الناس إليه، في نفس الوقت الذي نجد مشروعا آخر يتضمن تفويض أهم ضمانات استقلال القضاء ودون وجود ثمة مصلحة حقيقية ترجى منه". وبيّن المصدر مقولته بأن هناك تعليمات مجهولة تلقاها مجلس النواب سابقا عطلت مشروع القانون الذي تقدم به مجلس الدولة لتعديل اختصاصات كل من محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية، وهو مالم يتم عرضه على رئيس الجمهورية حتى الآن بعد إقراره من البرلمان، مشيرا إلى أن القانون المعطّل يساهم في تحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل في القضايا وهي مصلحة عامة يسعى إليها كل الوطن. "يجرى إعداد المشروع الجديد والانتهاء من عرضه على اللجان المختصة بالمجلس والإسراع في تجهيز جلسة لنظره بصورة مريبة، ودون أن يكون لمجلس النواب ثمة موقف أو رد فعل بشأن سلب إرادة النواب وتعطيل صلاحياته بشأن الذي قام بإقراره ولا يزال حبيس الإدراج لأسباب مجهولة حتى الآن"، بحسب المصدر. مخالفات دستورية ورأى البيان الصادر عن نادي القضاة أن المشروع القانوني الجديد لاختيار رؤساء الهيئات القضائية يتضمن مخالفات من بينها تغيير دور رئيس الجمهورية من مجرد الاعتماد والتوقيع على من اختاره قضاة مجلس الدولة رئيسا لمجلسهم ومحكمتهم العليا إلى منحه سلطة تقديرية في اختيار وتعيين رئيس مجلس الدولة – ورئيس المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى – وهو ما ينطوي على إخلال جسيم بنص المادة 94 من الدستور التي تنص على أن «استقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات». كما تنص المادة 185 من الدستور على أن تكون كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها وليس من شك في أن تعيين رئيس المحكمة الإدارية العليا ورئيس محكمة الأحزاب (رئيس مجلس الدولة) هو من أخص وأهم شئون قضاء وقضاة مجلس الدولة ، ولا يجوز أن يكون لذي سلطة أخرى ثمة دور في اختيار أو تعيين رئيس أعلى المحاكم المصرية وسدنة قضاتها وشيخها وقاضي قضاة مجلس الدولة بما ينال من استقلاله أو حيدته، بل أن الدستور جعل في المادة 184 منه التدخل في شئون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم، مع ملاحظة أن لفظ (شئون العدالة) هو ذات ما ورد بالنص عليه بالمادة 185 بحسبان تعيين رئيس المحكمة الإدارية العليا ورئيس محكمة الأحزاب (رئيس مجلس الدولة) هو من أهم شئون العدالة في مجلس الدولة وتتساوى هذه الجريمة مع التدخل في القضايا التي تنظرها محاكم مجلس الدولة. وتنص المادة 186 من الدستور على أن القضاة مستقلين غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات، وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم ويحول دون تعارض المصالح، بحسب البيان. ورأى البيان أن مشروع القانون المعروض في مجلس النواب سيؤدي إلى انقسام القضاة وزرع بذور الفتنة بينهم في ترشيح ثلاثة من نواب رئيس مجلس الدولة دون التقيد بقيد الأقدمية – طبقا لمشروع القانون – ثم المساس بحيدتهم في محاولة التقرب – سواء بالقول أو بالفعل أو الاتصال أو التقرب بأي صورة من الصور – لمؤسسة الرئاسة لنيل رضا وموافقة السيد الرئيس على اختياره وتعيينه رئيسا للمحكمة الإدارية العليا ورئيسا لمحكمة الأحزاب ورئيسا لمجلس الدولة، وهو ما ينال من جوهر ضمانة استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم. تصعيد.. ودعا بيان نادي قضاة مجلس الدولة لعقد اجتماع طارئ لمناقشة مشروع القانون المزمع بحثه بالبرلمان. وطالب الرئيس عبدالفتاح السيسي بعدم إقراره، منوها إلى أن قضاة مصر انتفضوا للدفاع عن استقلاله في مواجهة الهجمة الشرسة في عهد رئيس جماعة الإخوان محمد مرسي العياط، والآن يواجه قضاة مصر هجوما بالغ الخطورة على استقلاله يتجاوز في خطورته هجوم جماعة الإخوان.