شرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تقريرًا اليوم الأربعاء، ناقشت فيه أولويات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، وموقع روسيا بين اهتمامات ترامب الدفاعية. ويشير التقرير، إلى أنَّ مذكرة أعدتها وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، كشفت عن أن الرئيس المنتخب ترامب لم يذكر روسيا ضمن أولويات الدفاع الأمريكية التي سيهتم بها، رغم اعتبار أمريكاموسكو عدوًا كبيرًا، خاصة بعد تدخلها في الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي. وتقول المجلة، إنّ المذكرة احتوت على أولويات الدفاع في إدارة ترامب، وهي "هزيمة تنظيم الدولة، وإلغاء القيود على ميزانية الدفاع، وتطوير استراتيجية جديدة للحرب الإلكترونية"، مشيرة إلى أن المذكرة التي حصلت عليها تخلو من أي ذكر لروسيا، التي اعتبرتها مؤسسة الدفاع التهديد رقم (1) للولايات المتحدة. وينقل التقرير، عن الموظفة البارزة في وزارة الدفاع سابقًا إيفلي فركاس، التي عملت في مجال السياسة الروسية قبل مغادرتها عام 2015، قولها: "شعر الناس هناك بالقلق لعدم وجود روسيا على القائمة"، مشيرًا إلى أن المسؤولين الدفاعيين والمخابرات تعاملوا ولوقت طويل مع روسيا على أنها تهديد؛ نظرًا لترسانتها النووية الكبيرة، وقدراتها الإلكترونية، وجيشها المتطور، واستعدادها للتدخل في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية أكثر من الولاياتالمتحدة. ونقلت المجلة، عن رئيس هيئة الأركان المشتركة جوزيف دانفورد، الذي سيظل في موقعه بعد تولي ترامب الرئاسة، قوله إنّه لا يوجد تهديد أخطر من روسيا، حيث قال في شهادة أمام لجنة القوات المسلحة في الكونجرس العام الماضي: "لو أردنا التحدث عن بلد يشكل تهديدًا وجوديًا على الولاياتالمتحدة، فما عليّ الإشارة إلا إلى روسيا"، وأضاف: "لو نظرتم إلى تصرفاتهم فهي تدعو إلى القلق"، لافتًا إلى أن روسيا والصين وكوريا الشمالية وتنظيم الدولة تهديدات كبيرة على الولاياتالمتحدة. وتابع التقرير، أن المذكرة المؤرخة في 1 ديسمبر، التي أعدّها القائم بأعمال نائب وزير الدفاع لشؤون السياسات بريان ماكيون، وأرسلها إلى موظفين في مكتبه، احتوت على أربع نقاط للأولويات، التي أرسلتها إليه المسؤولة السابقة في إدارة جورج بوش والمديرة المشاركة لفريق نقل السلطة إلى ترامب ميرا ريكاردل، مشيرًا إلى أن المذكرة ركزت على قضايا الميزانية، وتعزيز القوة، ومكافحة الإرهاب في العراق وسوريا والصين وكوريا الشمالية، إلا أنها لم تذكر روسيا. وتفيد المجلة بأن الفريق الانتقالي رفض التعليق على موضوع روسيا وأين تقع في أولويات الرئيس المنتخب، لكنه أكد أن المذكرة "ليست شاملة"، وقالت المتحدثة باسم الفريق الانتقالي جيسيكا ديتو: "قيام الإعلام بالتكهن بأن هذه القائمة تمثل أولويات الرئيس المنتخب الشاملة أمر خاطئ ومضلل". ويلفت التقرير إلى أن المتحدث باسم البنتاجون امتنع عن التعليق على أولويات الرئيس الأمريكي المقبل، لكنه أكد أن فريق ترامب حصل على تقارير عن روسيا، مشيرًا إلى قول نائب رئيس المكتب الإعلامي في البنتاجون: "سنترك الأمر إليهم ليحددوا أولوياتهم"، وأضاف: "قدمنا لهم تقارير عدة عن السياسة الروسية، وهذا هو مدى ما نعرفه عن أولوياتهم". وتذكر المجلة، أنَّ ترامب أكد منذ بداية حملته الانتخابية أن وجود علاقة جيدة ومتطورة مع روسيا يخدم المصالح الأمريكية، خاصة المتعلقة بمكافحة الإرهاب في العراق وسوريا، لافتة إلى أن مدير شركة النفط "إيكسون موبيل" ريكس تيلرسون رُشِّح في الأسبوع الماضي لمنصب وزير الخارجية، حيث إن علاقة مدير الشركة مع روسيا تعد رصيدًا للعلاقات الدولية. وبحسب التقرير، فإن "إيكسون موبيل" تحت إدارة تيلرسون، دعت إلى عدم فرض عقوبات على روسيا بعد توغلها في أوكرانيا، والسيطرة على جزيرة القرم عام 2014، مرجحًا أن تستفيد شركة النفط العملاقة من صفقات مع روسيا في حال رفعت العقوبات عنها. ونوَّهت المجلة إلى أنه في الوقت الذي أسهمت فيه رسائل ترامب أثناء الحملة الانتخابية في تعديل مواقف الحزب الجمهوري من روسيا، إلا أن قطاعًا واسعًا من مؤسسات الخارجية والدفاع والمخابرات لا يزال متشككًا من موسكو. ونقل التقرير عن ستيفن بيفر من معهد بروكينجز، الذي قضى 25 عامًا في الخارجية، وعمل دبلوماسيًا، قوله إنّ المذكرة "مفاجئة ومثيرة للقلق، خاصة في ضوء ما تفعله روسيا في أوكرانيا، وتحديث الجيش، ونبرة القوة التي تسمع من موسكو في السنوات الثلاث الماضية، وجهود الناتو لتطوير نظام ردع لدول بحر البلطيق". وكشفت المجلة عن أن مدير وكالة الأمن القومي جيمس كلابر، أشار في شهر فبراير، إلى أن تنظيم الدولة ليس التهديد الوحيد للمصالح الأمريكية، كما يمثله التهديد الروسي، فتنظيم الدولة "لا يستطيع التسبب بضرر معنوي للولايات المتحدة، إلا أن روسيا تستطيع". ويجد التقرير أن الاهتمام بروسيا يبدو من المليارات التي خصصتها الحكومة الفيدرالية للدفاع، وقال مسؤول وزارة الدفاع لشراء السلاح في بداية الشهر الحالي، إنَّ ميزانيات الدفاع تركز الآن، وبشكل كبير، على مواجهة موسكو، منوها إلى أن البيت الأبيض خصص 3.4 مليار دولار في 2014 في ميزانية الدفاع لنشر كتيبتين أمريكيتين في دول أوروبا الشرقية، إلى جانب مئات الدبابات والعربات المصفحة الجاهزة للاستخدام ضد روسيا. وبيّنت المجلة، أنَّ حلفاء الولاياتالمتحدة زادوا من جهود التدريب ومواجهة القوات الروسية، بحسب ما قاله قائد الجيش الأمريكي في أوروبا الجنرال بن هودجز، مشيرة إلى أن هناك مئات من القوات الأمريكية والبريطانية والكندية، يعملون في غرب أوكرانيا، حيث يدربون القوات الأوكرانية التي تخوض مواجهات يومية مع الانفصاليين الأوكرانيين في شرق البلاد ممن دربهم الروس. وختمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أنه يمكن وقف هذه المبادرات في ظل إدارة ترامب، ودون قتال، خاصة أن الجمهوريين يسيطرون على الكونجرس بمجلسيه، لافتة إلى أن النائب الجمهوري عن فلوريدا مارك روبيو والنائب عن أريزونا جون ماكين، تعهدا باتخاذ مواقف ضد أي توجه ليّن مع روسيا.