سألته: «فين عم محروس بياع القربان (خبز دائري)»، فكان رده: «محروس تعيشي أنتِ».. لكنه تراجع سريعًا بعد استغرابي الخبر، لعلمي قبل يوم أنه لم يُصب في تفجير الكنيسة البطرسية من الأساس، فقال: «أنا يا ستي محروس اللي بتسألي عليه». التحقيقات التي تباشرها نيابة أمن الدولة العليا في الحادث كشفت أن «الانتحاري منفذ العملية مضى بخطوات سريعة إلى داخل الكنيسة أثناء القداس على نحو أثار ارتياب أحد أفراد الأمن الإداري بالكنيسة، فقام بتعقبه حتى دخلا من باب القاعة الخلفي المخصص لصلاة السيدات، وعقب أقل من 10 ثوان من دخوله وبمسافة تقارب 5 أمتار من باب الدخول، قام بتفجير نفسه». فرد الأمن المذكور هو «نبيل حبيب»، الذي يبلغ من العمر نحو 45 عام، ويعمل منذ سنوات طويلة في الكنيسة، حيث لا يبارح مكانه على بابها بجوار محروس دانيال. محروس (50 عامًا)، كان الشخص الوحيد الموجود بجانب نبيل وقت التفجير.. لم يلحظ وهو يجلس أمام الطاولة المليئة بالقربان، دخول الشخص الانتحاري، لكنه تنبه إلى تحرك نبيل من جواره ليذهب وراء شخص ما لفت نظره، فاتجه وراءه إلى داخل الكنيسة، ولم تمر سوى ثوانِ معدودة إلا وحدث ما لا يمكن أن يتوقعاه حبيب ومحروس في «هذا اليوم الهادئ». تحرك محروس من بيته القريب من الكاتدرائية، ووصل إليها في الساعة 4 فجرًا، ليحضر عجائن القربان ويسويها في الفرن قبل وقت القداس الأول في الساعة السابعة صباحًا، ثم حملها ووضعها على الطاولة وراء باب الدخول مباشرة، ومر القداس الأول بسلام، لكن الثاني لم يكن مثله. فيقول: «كان اليوم هادئًا جدًا لأنه إجازة بمناسبة المولد النبوي، وعدد الذين حضروا القداس لم يزد عن مائة فرد، وكان القداس الثاني يشهد ذكرى سنوية لوالد زوجة الأب بولس بطرس كاهن الكنيسة، وبالطبيعي كان هناك زائرين أغراب». «لهذا السبب لم يفتش نبيل أحدًا، ولا يوجد على البوابة جهاز للكشف عن المعادن، وأثناء حديثي معه، لاحظ دخول شخص شك فيه فقام وراءه وهو يتحدث في المحمول»، يروي محروس. ويكمل: «فور دخوله خلف هذا الشخص حدث انفجار شديد.. الأبواب والشبابيك طارت في الهواء، والدخان ملأ الجو.. أنا خرجت بسرعة إلى الشارع ثم دخلت مرة أخرى، فوجدت نبيل أمامي وغارق في دمه، فقوة القنبلة دفعته من داخل الكنيسة للباب الخارجي». نبيل وعائلته التي تتكون من زوجته وابنتيه، تسكن في غرفة داخل الكنيسة البطرسية، وفور سماعهم صوت الانفجار خرجوا، وتحديدًا ابنته الكبرى ماريان، ووجدته مثلما حكى محروس، «غارق في دمائه، وملقى عند بوابة الكنيسة، التي قبل دقائق كان يحرسها». السبب الذي جعل محروس يدعي أنه توفى في بداية الحديث معه، كما أوضح بعد ذلك، هو أنه كان يرغب في أن يموت شهيدًا مثل نبيل وال24 شخصًا الآخرين. اقرأ أيضا: كاهن قداس «البطرسية»: المصلون لم يشاهدوا الانتحاري لأنهم كانوا «ساجدين»