لا يوجد فى الفيلم مشهد واحد خادش للحياء أو يؤذى مشاعر المشاهدين «أعرف هيثم أعرف تامر ولّا أعرف الاتنين.. حرة وأعيش على كيفى.. ألبس فى الشتا صيفى.. لِبس مقلِّم لِبس ملوّن.. حاجة براحتى ياهوووووو». كانت تلك بعض من كلمات أغنية «اللالالو» أغنية الدعاية لفيلم «كلم ماما» للمخرج أحمد عواض رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية الآن بعد ثورتين قام بهما الشعب المصرى.. الأغنية ظريفة يكرهها بالتأكيد المتحفظون قبل الثورة وبعدها. نفس مخرج «كلم ماما» الذى هو رئيس الرقابة على المصنفات الفنية الآن، يعانى هذا المخرج «رئيس الرقابة» هذه الأيام أزمة نفسية بسبب رغبته فى منع فيلم يقول إنه «مبتذل»، ويرغب فى حماية الجمهور من ابتذال هذا الفيلم المرفوض! عندما يتحدث مخرج «كلم ماما» عن الفن الخالى من الابتذال، فتلك كارثة أو اضطراب نفسى فى الأغلب! أحمد عواض رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية الآن، ومخرج فيلم «كلم ماما» وقبله «كذلك فى الزمالك» وبعدهما فيلم «كتكوت» يحارب -كما أكد- لمنع عرض فيلم «أسرار عائلية» للمخرج هانى فوزى، لأنه -كما يرى-فيلم مبتذل. أود التنويه فقط إلى أن رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية أحمد عواض، وافق منذ توليه منصب رئاسة جهاز الرقابة على عرض أفلام «القشاش» و«عش البلبل» و«8 فى المية».. رئيس جهاز الرقابة لا يرى أن هذه الأشياء أفلام مبتذلة إطلاقا! كم أنت واسع الصدر يا رئيس الرقابة.. لماذا إذن ترغب فى منع عرض فيلم «أسرار عائلية» بحجة أنه مبتذل؟! وهل هناك ابتذال يعادل ابتذال فيلم «كلم ماما» الذى أخرجتَه أنت وتم عرضه فى السينمات دون تنويه مسبق إلى كونه مبتذلا أو حتى «للكبار فقط»، حتى إن أطفالنا يشاهدونه بعد عرضه تليفزيونيا «عادى جدا» على شاشات التليفزيون دون تنويه مسبق أيضا؟! لماذا إذن يرغب رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية «الملطوط أصلا بالابتذال» فى منع فيلم يقول إنه مبتذل؟! الإجابة: لأن فيلم «أسرار عائلية» يكسر أحد التابوهات.. فيلم يناقش أزمة المثليين فى مجتمع محافظ. رئيس جهاز الرقابة قرر أنه فيلم مبتذل لمجرد أن موضوعه عن المثليين، وراهن الرجل على المتحفظين ودعاة الاستقرار من الفنانين الذين يرون أن إثارة أزمة عن فيلم يناقش موضوع المثلية الجنسية، ليست أكثر من رفاهية فى بلد يحارب الإرهاب! نعم قال البعض إن منع فيلم «أسرار عائلية» مهمة قومية «لأننا نواجه الإخوان المسلمين الآن، ولأن عرض الفيلم قد يجرّئ الإخوان علينا فيبتزوننا ويقولون إننا بلا أخلاق وإننا ننحاز إلى المثلية الجنسية بعد أن عزلناهم عن حكم مصر»! بئست الحجة وبئست البلاهة وبئس صناع قرار الفن فى بلدنا! تحاربون لمنع فيلم حتى لا تُتَّهموا بعرض الابتذال بينما كنتم -أنتم جميعا- حماة عرض وصناع نفس الابتذال فى كل العهود؟! أليست أفلام السبكى التى تم تمريرها مبتذلة وفقا لمنطقكم؟! ليس هذا فحسب، بل إن مصر وقبل ثورة 25 يناير سمحت بعرض فيلم «باحبّ السيما» الذى كتبه مخرج فيلم «أسرار عائلية». الرقابة وقتها سمحت بمشهد فى الفيلم لطفل يتبول على المعزّين داخل كنيسة، بينما الرقيب أحمد عواض، ضيّق الأفق يرفض مشهدا فى فيلم «أسرار عائلية» لشاب يبصق فى كوب عصير! قُلْ لنا حججا منك على الفيلم بدلا من اللف والدوران حول أن التوقيت غير مناسب، فدائما حُجج المنع جاهزة والمواقيت أبدا لم تكن مناسبة، ولكن كان هناك دومًا من يتصدّون لغباوة الحجج بشجاعة إتاحة العرض دون الالتفات إلى سذاجة من يريدون المنع. الحرب تكون لعرض الأفلام لا لمنعها يا مرتزقة الفن، حتى أفلام السبكى لا تستحق المنع، بل إننا سنحارب لعرضها لو قررتم منعها ذات يوم ولن تجرؤوا على ذلك أصلا. الأصل فى الفن الإباحة لا المنع. اسمح بعرض الأفلام واترك الحكم للناس، يدفعون تذكرة ما يشاهدونه، لست قَيِّما ولا وصيًّا عليهم يا سيادة الرقيب صاحب الأفلام الهابطة سابقة الذكر، والتى أرفض -شخصيًّا- أن أصنّفها كأفلام مبتذلة لأنى لست ناقدة ولا وصية على ذوق وحس المشاهدين، فكيف تجرؤ أنت بتاريخك الملوث بالهراء على الحكم على إبداع الآخرين، بل إنك تسمح لنفسك بالمنع والإباحة؟! أحمد عواض رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية -الموضوع فى منصبه خطأً- هو المؤشر والموقِّع على عرض فيلم «القشاش» -مثلا- فما الذى وجدتُه مبتذلا فى فيلم «أسرار عائلية» يا سيادة رئيس الرقابة، أكثر مما كان موجودا فى فيلم «القشاش» لتجادل على عرضه من عدمه؟! شاهدت فيلم «أسرار عائلية» للمخرج هانى فوزى، والذى قرر رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية أحمد عواض والذى هو مخرج لثلاثة من قائمة تشمل أهبط وأحطّ الأفلام فى تاريخ السينما المصرية، تم العرض فى مقر الشركة العربية موزِّعة الفيلم لمجموعة من الصحفيين والنقاد، بعد أن قرر رئيس جهاز الرقابة عدم الموافقة على الفيلم إلا بعد حذف 13 مشهدا منه! فيلم «أسرار عائلية» يتناول أزمة شاب تورط فى حياته ووجد نفسه مثلىّ الجنس، ثم إنه يبحث عن علاج لحالته ويعود طبيعيا كما يحب المجتمع! الفيلم تعليمى جدا وشديد الأخلاقية فى التعامل مع مشكلة المثليين -حتى إننى أعتقد أن المثليين غير المرضى سيكرهونه- لا يوجد فى الفيلم مشهد واحد خادش للحياء أو يؤذى مشاعر المشاهدين. كلمة «للكبار فقط» على دور العرض كانت ستحلّ المشكلة، ولكن المزايدين من أمثال رئيس الرقابة مخرج الأفلام الهابطة لا بد أن يعقّدوا الموقف ويجعلونها مشكلة أخلاق. الفيلم أخلاقى تماما بل إنه متشدد فى أخلاقيته، مصحوب بموسيقى شديدة العذوبة لراجح داوود، ولكنه يناقش موضوع المثليين، وتلك كارثة تهدد جهاز الرقابة وتمنع وجوده أصلا، ثم إنه فيلم بلا إفيهات ولا أغنية تلهب مشاعر الجمهور كما فى فيلم «كلّم ماما». ومخرجو الأفلام الهابطة الذين أُتيحت لهم فرصة العمل السينمائى فأفسدوه على أنفسهم وعلينا، يرغبون فى إفساد حياة العالم كله بادعاء الحفاظ على الأخلاق وهم عن الأخلاق أبعد.