لا يجد أحمد أشرف الشاب ذو الواحد والعشرين ربيعا غير غرفة وصالة بغير أبواب أو نوافذ تحميه من برد الشتاء؛ ليعيش في الغرفة الضيقة وسط العراء مع جدته لأبيه التي لم يترك لها الزمن غيره، محتميين سويا خلف أحد جدران الحجرة، مختبئين من البرد القارس بعد أن قام أحد المقتدرين بإنشاء سقف من الأخشاب لهما. أحمد ولد لأبوين غير متعلمين في قرية قرقارص التابعة لمركز أسيوط وتقع جنوب مدينة أسيوط ب5 كيلومترات، وسرعان ما انفصلا ولم يكن أحمد قد أتم عامه الرابع بعد، لتقوم على رعايته جدته لأبيه. الشاب اليافع ذاق قسوة الحياة فخرج للعمل في أحد المخابز البلدية لكي يرعى أسرته الصغيرة التي تتكون منه وجدته بعدما تركه الأب ليعيش في القاهرة مع زوجته الجديدة، والأم مع زوجها الجديد، ومرت السنون ولم يستطع أحمد أن يكمل تعليمه فترك الدراسة وتفرغ للعمل باليومية حتى جاء إليه أحد شباب قريته ليدله على عمل بمحافظة الإسكندرية لم يكن يعرف أن القدر يخبئ له فيه الكثير. سافر أحمد الذي ولد عام 1995 إلى الإسكندرية منذ عامين ليعمل بشركة لتنظيف الأقطان بجوار السكك الحديدية في منطقة القباري التابعة لمينا البصل بالإسكندرية ملك شخص يدعى "ع. ي . ع" وقام صاحب الشركة بالتأمين عليه تحت مسمى عامل تشحيم وتزييت وسائل النقل بتاريخ 10 أكتوبر 2013. وخلال عمل أحمد شب حريق بأحد الماكينات بالمصنع وكان بالقرب منها فأجبره صاحب المصنع على القيام بإيقافها خوفا من سريان النيران في الشركة كلها، ولم يدرك الشاب بحسب قوله أن تلك كانت نهاية ذراعه اليسرى إذ التهمتها الماكينة. يضيف أحمد: "لم أشعر إلا وذراعي قد التهمها الماكينة"، ليرفض بعدها صاحب الشركة أن ينقله إلى المستشفى، إلا أن زملاءه صمموا على نقله إلى المستشفى الجامعي بالإسكندرية لإتمام رعايته الطبية. وتابع: "صاحب العمل جاء إلى المستشفى وفي يديه أوراق وقال لي وقع عليها ورفضت لأني كنت خائف جدا وبعدها قال لي أحد العاملين بالمستشفى إنها أوراق للتنازل عن حقوقي في التعويض". وفي المستشفى الجامعي بالاسكندرية بحسب رواية أحمد بتروا له ذراعه اليسرى، ولم يقم صاحب الشركة بزيارته أو محاولة تعويضه أو دفع قيمة العلاج إلا أن أهل الخير تدخلوا ليتكفلوا بعلاجه. ويكمل أحمد حديثه بأنه تقدم بشكوى إلى مكتب العمل ليقص فيها حكايته ويطالب بحقه بعد رفض صاحب الشركة الحضور أو حتى القيام بدفع شهرين متأخرين من راتبه، ويشير إلى أن صاحب العمل قال له: "خلي المحاكم تنفعك". وتقدم أحمد برفع دعوى قضائية أمام المحكة العمالية بالإسكندرية تحت رقم 5357 لسنة 2013، إلا أنه خسرها بسبب قلة المال وعدم وجود من يتكلف بها أو يجلب له حقه – بحسب قوله. ويطالب أحمد الرئيس عبدالفتاح السيسي بمساعدته في الحصول على حقه من صاحب الشركة سواء التعويض أو معاش يساعده على مواجهة ظروف الحياة، قائلا: "محدش هيجبلي حقي غير الريس".