المحترم/نبيل فاروق.. ماذا أصابك؟! عهدناك دوما هادئ النبرة، بسيط التعبير بليغه.. وعندما كانت الأقلام من حولك تشتعل انفعالا، كنت أنت هادئا، محللا، منطقيا، وعادلا.. فلماذا نرى كلماتك غاضبة هذه الأيام؟! لماذا تشن هذا الهجوم الشرس على جماعة الإخوان؟! لماذا لا تظل كما كنت.. عادلا؟! أرسل لك سؤالى هذا، وأنا أتساءل: هل ستجرؤ على نشره؟! «قارئ مخلص». ■ ■ ■ جرؤت على نشر رسالتك كما ترى، وأنت لم تجرؤ على توقيعها باسمك أيا كنت.. نشرتها لأننى أتفق معك فى جزء منها.. أن نبرة قلمى قد اختلفت بالفعل.. وهذا لأننى مصرى.. مصرى حتى النخاع.. مصرى قلبا وقالبا.. مصرى يعشق تراب هذا الوطن، ولا يتردّد لحظة فى التضحية بكل غال وعزيز، وحتى بعمره نفسه، من أجل أمنه وسلامته واستقراره، والذود عنه، ممن يسعون لهدمه، ويضمرون له شرور الشيطان، متمسحين بثوب دين عظيم، هو برىء من كل ما يفعلون، ومن كل ما يسيئون به إلى دين الرحمن الرحيم، المعز المذّل الحكم العدل المنتقم الجبار.. فكيف تريد منى أن أكتب، فى مواجهة كل هذا؟! راجع تاريخى كله، وستجد أننى قد حافظت على كل هدوئى، حتى عندما كانت قذائف السب واللعن والتشويه تنصب على رأسى.. هذا لأن البذاءات كانت تنصبّ علىّ أنا وحدى، وأنا أؤمن بأنه إن أتتك معيبتى من ناقص، فهى الشهادة لى بأنى كامل.. وكنت وما زلت أؤمن بأن الزمن هو الحل لكل هذا؛ فمن يسبّك اليوم، قد يرفعك على الأعناق غدا.. وحتى إن لم يفعل، فيكفيك أنك قد قاتلت فى سبيل ما تؤمن به، حتى النفس الأخير. أتسامح فى ما يخصنى، ولكننى لا أقبل المساس بوطنى.. بمصر.. من أجلها أقاتل، وأتعذّب.. وأموت.. والغضب عندى لأنه هناك خونة يسعون لهدمها، متصوّرين أن الهدم هو جزء من الدين، وأن الخيانة أساس الدين!! الغضب لأن ما يسعون إليه لا رجعى، فإذا ما هدموا الوطن، ثم أفاقوا، وأدركوا فداحة مستنقع الخيانة والعار، الذى غاصوا فيه، حتى زكمت رائحتهم النتنة أنف الزمان، واشمأزّ منها التاريخ.. فماذا سيفعلون حينئذ؟! هل سيجلسون على أنقاض الوطن، يبكون ويبدون الندم؟! وهل سيجلس مؤيّدوهم إلى جوارهم، يلطمون الخدود، على خيانة ارتكبوها جهلا، وعار اكتسبوه حماقة، ووطن أضاعوه عبثا، ثم صاروا عبيدا لآخرين، يضربونهم بأوسخ حذاء، ويلقون إليهم فضلاتهم؛ لأنهم بلا وطن.. لأنهم أقذر أطفال شوارع العالم وأحقرهم.. فمن أحقر ممن يقتل أمه؛ لأن هوسه وشيطانه أقنعاه بأنها العائق، بينه وبين الاستقرار؟! وتسألنى يا من لم تجرؤ على ذكر اسمك، لماذا أنا غاضب؟! دعنى أسألك أنا: لماذا لست أنت كذلك؟! هل غاب عقلك، فلم تعد تدرك ما يواجهه وطنك؟! أم أنك لا تؤمن مثلى بأنه وطنك؟! لماذا لست غاضبا؟! أنت حر فى مشاعرك.. وأنا أيضا حر فى مشاعرى.. لا تهتم أنت بالوطن.. واتركنى أنا أهتم.. لأننى مصرى.