سفراء الاتحاد الأوروبي: تربطنا بمصر علقات قوية | صور    القسام تنشر مشاهد لاستهداف جرافات ودبابات الاحتلال شرق رفح (فيديو)    ثنائية هالاند تُسقط توتنهام.. وتقود السيتي لصدارة البريميرليج    نجم مانشستر يونايتد يعود للمشاركة أمام نيوكاسل بالدوري الإنجليزي    وفاة شقيقة معالي زايد الكبرى    الشيبي: أتعصب في "البلايستيشن" ولا أحب خسارة التحديات    «هتاخد درجة حتى لو إجابتك النهائية غير صحيحة».. بشرى سارة عن امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    وزير النقل: بدأنا تنفيذ مقترحات لتسهيل سياحة اليخوت (فيديو)    "ألقى الشاي عليه".. تامر حسني يمازح باسم سمرة من كواليس فيلم "ري ستارت"    الإفتاء: الإسلام يدعو لاحترام أهل التخصص.. وهذا ما كان يفعله النبي مع الصحابة    تعرف على أشهر الأكلات السعودية بالتفصيل.. الكبسة والمنسف والمظبي والمطازيز    وزير الصحة يزور مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.. ويشيد بالدمج بين الخدمات الطبية واستخدام التكنولوجيا المتطورة    رئيس وحدة الأبنية بمجلس الدولة: التحول الرقمي يساعد في تقريب العدالة الإدارية    «مياه المنيا» تبحث خطة تحصيل المستحقات وتحسين الخدمة    قصواء الخلالى: مصر داعية للسلام وإسرائيل جار سوء و"ماكينة كدب بتطلع قماش"    فيديو.. عالم أزهري: الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.. والتراث ليس معصوما من الخطأ    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    محامي ترامب السابق يكشف كواليس شراء صمت الممثلة الإباحية    السجن المشدد 15 عامًا لسائق وموظف لاتجارهما في المواد المخدرة ب قنا    تحكم في وزنك من خلال تعديلات بسيطة على وجباتك    أمين الفتوى: «اللى معاه فلوس المواصلات والأكل والشرب وجب عليه الحج»    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    إنفوجراف| 5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر    أمين الفتوى يوضح متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    زوجة عصام صاصا تكشف تفاصيل جديدة بشأن حادث التصادم.. أسفر عن وفاة شخص    تعرف على القطع الأثرية المميزة لشهر مايو بالمتاحف.. صور    أحمد موسى يفجر مفاج0ة عن ميناء السخنة    تقارير: كريستيانو رونالدو قد يمدد عقده مع النصر حتى 2026    تنس الطاولة.. البيلي يصطدم بلاعب نيجيريا في نهائي كأس أفريقيا للرجال    الاتحاد الأوروبي يوسع عقوباته على إيران بسبب روسيا    الإحباط والغضب يسيطران على العسكريين الإسرائيليين بسبب حرب غزة    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    بعد تصدرها التريند.. تعرف على آخر أعمال فريدة سيف النصر    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    بعد تصدرها التريند.. ما هي آخر أعمال نسرين طافش؟    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    الحكم على 3 مُدانين بقتل شاب في بورسعيد    القاهرة الإخبارية: فصائل المقاومة نصبت أكمنة لمحاور التوغل الإسرائيلي برفح    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    «أبوالغيط»: مشاعر الانتقام الأسود تمكنت من قادة الاحتلال    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    أبو الغيط أمام الاجتماع التحضيري لقمة البحرين: التدخل الظولي بكل صوره أصبح ضرورة للعودة لمسار حل الدولتين    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    خسائر طائلة، عقوبة عدم الالتزام بدفع شروط التصالح في مخالفات البناء    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    مجدي عبدالغني يثير الجدل بسؤال صادم عن مصطفى شوبير؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سجناء فى كهف الجريمة «1» جمال فهمي
نشر في التحرير يوم 15 - 10 - 2013

كل عام وأنتم بخير.. هذه السطور هروبا فى العيد (كالعادة) من الهموم الوطنية المباشرة إلى الإبداع وقد اخترت شيئًا من بستانه أظنه، مع بعض التعديل والتصرف، مناسبًا لحال عصابة الشر الفاشية السرية التى ما زلنا نتلظى بنار حقدها وشرورها وإجرامها المتجاوز كل الحدود، والجوال حاليا فى طرقنا وشوارعنا.. فأما الحال التى أقصدها فهى حبسة أتباع هذه العصابة فى مغارتهم المظلمة حتى انحطت قواهم العقلية وتشوهت فطرتهم الإنسانية وانحرفت أخلاقهم وتسممت أرواحهم.
لقد أبدع الكاتب والفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر فى خمسينيات القرن الماضى واحدًا من أجمل وأعمق -وربما أعقد- نصوصه الأدبية، مسرحية «سجناء ألطونا»، هؤلاء الذين سجنوا أنفسهم طواعية ولكن بدافع من ضمير استيقظ، بينما العصابة الإخوانية تسجن نفسها بنفسها فى كهف الجريمة وانعدام الضمير.
مسرحية «سجناء ألطونا» عُرضت لأول مرة على مسرح «الرينيسانس» الباريسى فى شهر سبتمبر عام 1959، وهى تعالج دراميا قصة انتحار أحد كبار رجال الصناعة الألمان فون جيرلاش وابنه فيرنر.
فى المسرحية يبدو فيرنر شابًّا مثاليًّا يحب بلده ويحب أباه كثيرا حتى إنه يقلده فى سلوكه وحركاته ويكاد يتماهى فى شخصيته، لكن الابن سرعان ما يخوض وهو ما زال غضًّا يافعا سلسلة متصلة من التجارب التى تصيبه بخيبة أمل وإحساس عميق بالفشل مما يدفعه إلى الانضمام إلى الجيش فيصبح واحدا من ضباط هتلر، وفيما هو يبحث عن الموت فإن الموت لا يدركه أبدا على جبهات الحرب، ويظل حيًّا تأتيه الترقيات وتتراكم على صدره الأوسمة والنياشين حتى تنتهى الحرب بهزيمة ألمانيا النازية ويعود هو من الجبهة الروسية كسيرا مدحورا وذليلا، ويقرر حبس نفسه فى حجرة بقصر أبيه، «قصر ألطونا»، إلى أن يستحضر هو الموت وينتحر بعدما أمضى 13 سنة متصلة وحيدا فى زنزانته الاختيارية إلا من جهاز تسجيل يبثه آراءه ودفوعه ويحادث السقف مخاطبا الأجيال القادمة وحشرة العقرب ويُسمِعهم طول الوقت دفاعا مجيدا عن الإنسانية.
غير أن الأمور ليست بهذه البساطة، فقد قام سارتر بتعقيد الموضوع وتعميقه باستخدام حيل وتقنيات درامية استعار بعضها من صناع السينما، فراح يتلاعب بالأحداث يقدم بعضها ويؤخر البعض الآخر بادئًا بمشهد اجتماع عائلى يعلن فيه الأب أمام ابنته لينى وابنه فيرنر وزوجة هذا الأخير جوهانا، خبرًا كاذبًا ملخصه أنه مصاب بمرض السرطان وسيموت خلال مدة لا تجاوز 6 أشهُر، ومن ثم يطلب من ابنه أن يقسم على الإنجيل أن لا يغادر قصر ألطونا أبدًا.. بيد أن جوهانا لا تظهر اقتناعا بأن هذا المرض المزعوم هو الدافع الحقيقى للسجن الطوعى الذى فرضه زوجها على نفسه، وتظل تبحث وتنقّب حتى تكتشف أن فيرنر يوم عاد من الجبهة وجد قصر أبيه مسكونا بقوات أمريكية وأن ضابطًا من هذه القوات حاول اغتصاب أخته وتصدى فيرنر له وضربه بعنف، وبسبب هذه الحادثة حكمت عليه محكمة عسكرية أمريكية بالنفى خارج ألمانيا، لكنه تَملَّص من تنفيذ الحكم بأن سجن نفسه فى البيت بينما أشاع أبوه أن ابنه رحل فعلًا عن البلاد ومات غريبًا فى الأرجنتين.
بدورها فإن هذه القصة، سرعان ما يكتشف المشاهد أو القارئ للمسرحية أنها ليست هى كل الحقيقة، بل هناك حقائق أخرى أخطر وأهم، تنكشف واحدة منها عندما تخفت أضواء المسرح ويرى الجالسون فى قاعة العرض بالكاد مشهدًا من الماضى (فلاش باك) يجمع الأب والابن، ومن الحوار الذى دار بينهما نفهم أن الأب كان قد منح الحكومة النازية قطعة أرض من أملاكه أقيم عليها معسكر من معسكرات الاعتقال، وقد شعر فيرنر بصدمة هائلة حينما شاهد منظر المعتقلين البؤساء، ويحزن جدا لأبيه الذى شارك فى هذه الجريمة وسمح بإقامة معتقل فى أرض يملكها، ويزداد شعور فيرنر بوجع الضمير عندما يعثر يوما على واحد من هؤلاء السجناء المساكين هاربا ويجدها فرصة للتكفير عن ذنب أبيه، فيساعد هذا المسجون على الاختفاء فى قصر ألطونا، ويعرف الأب القصة ويعد ابنه بتهريب الرجل خارج ألمانيا، ثم يحادث واحدًا من القادة النازيين طالبا منه إنقاذ فيرنر من الجستابو (جهاز المخابرات النازية)، لكن الذى يحدث أن رجال هذا الجهاز يداهمون القصر ويقتلون المعتقل الهارب أمام عينَى الابن، لذلك تفشل محاولة فيرنر التكفير عن خطأ أبيه فيقرر ترك البيت فورا وينضمّ إلى الجيش باحثا عن راحة الموت التى لن يفوز بها فى الجبهة، كما أسلفنا.
لم ينتهِ مسلسل الحقائق الواقفة خلف واقعة سجن فرانز لنفسه، بل تتكشف حقائق أخرى أشد هولا وإثارة فيما تتابع فصول ومشاهد المسرحية.. لكن المساحة تآكلت، فأستأذن القارئ الكريم أن أكملها بعد غد، إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.