بين ثلاجات لا تعمل، أو مشارح مغلقة، وأخرى معطلة ترقد العشرات من جثث الموتى سواء من ضحايا الهجرة غير الشرعية بمحافظة كفر الشيخ أو ضحايا قضايا القتل أو حوادث الطرق المختلفة، فالثلاجات قديمة تعمل بنظام «التبريد» لا «التجميد» كم هو الحال فى عدد من مشارح مصر، الأمر الذى يجعل الجثث تتبدل معالمها بعد «أسبوعين» فقط، بخلاف ما سيكون عليه الحال لو تم «تجميدها» فإنها ستمكث شهورًا وسنوات على حالها... هذا ما رصدته «التحرير» من واقع المستشفيات بالمحافظة، وأكده العاملون بتلك المشارح، رافضين ذكر أسمائهم. المشرحة الرئيسية بكفر الشيخ، تقع فى مبنى منفصل بغرفتين لا تتعدى ال70 مترًا، فى الدور الأرضى من ناحية باب إدارة المستشفى، وأنشئت منذ 40 عامًا، والغرفتان عبارة عن واحدة رئيسية والأخرى فرعية، يفصل بينهما جدار، الرئيسية تصل مساحتها ل35 مترا وتحتوى على خشبة غسل، و2 ثلاجة، تحتوى على 12 درجا، طول كل درج منها 2 متر وعرضه 60 سم، وهذه الأدراج تحت تصرف مستشفى كفر الشيخ العام، أما الثلاجة الثانية فتحتوى على 3 أدارج نفس الحجم، وتقع تحت تصرف النيابة العامة بشكل كامل، بحيث لا يجوز خروج أى جثة منها تحت أى ظرف إلا بتصريح المحامى العام لنيابات كفر الشيخ أو مديرى النيابات، حيث يتم وضع الجثث الخاصة بالحوادث والجرائم الجنائية. يقول «ع. أ. م»، أحد العاملين بأحد مشارح مستشفيات كفر الشيخ، «إن معظم ثلاجات حفظ الموتى بالمستشفيات معطلة، ولا توجد بها تهوية، حيث إنها تعمل بنظام التبريد، وهو ما يعد إهانة لحرمة الموتى، إضافة إلى العجز الموجود فى الأدوات والمهمات المستخدمة فى المشرحة، حيث نحتاج لكميات كبيرة من الديتول والبيتادين والقطن والمشمعات المستخدمة لمنع سيلان الدماء والكمامات والأكفان، وهو ما لم يكن متوافرًا، مشارح كفر الشيخ بها 30 درج ثلاجة فقط، ولا تستطيع استيعاب جثث ضحايا مركب الموت فى حادث رشيد الأخير». وأكد أحد أطباء الطب الشرعى، رفض ذكر اسمه، إن حال ثلاجات حفظ الموتى بكفر الشيخ لا يسر عدوًا ولا حبيبًا، فهى دائما معطلة وتعمل بنظام التبريد الذى يؤدى إلى تحلل الجثث فى وقت قصير، والأطباء والمرضى هربوا بسبب انتشار الروائح الكريهة من جثث الضحايا مجهولة الهوية، وجثث تم نقلها من مشرحة إلى أخرى بسبب نفس الروائح وتعطل الثلاجات. يذكر أنه فى حادث رشيد الأخير رفضت مستشفيات بكفر الشيخ استقبال الجثث نظرا لتعطل المشارح بها رغم إعلان اللواء السيد نصر، محافظ الإقليم، حالة الطوارئ وفتح المشارح لاستقبال الجثث، وتم وضع عدد من الجثث على أرضية مشرحة مستشفى مطوبس المركزى ووضع ألواح من الثلج عليها، وتم تعرف الأهالى عليهم ودفنهم بمعرفة ذويهم، كما أنه تم نقل الجثث بمشرحتى فوة والرياض إلى مستشفيى العبور ومطوبس، ونقل جثث الحامول وبيلا إلى مستشفى كفر الشيخ العام، الأمر الذى أدى لتكدس الجثث بالمشرحة الرئيسية وقام مسئوليها بوضع الجثث على الأرض. وبعد الكارثة قرر المحافظ، تشكيل لجنة لفحص جميع ثلاجات الموتى المتواجدة بالمستشفيات عقب تحلل الجثث وانتشار روائح كريهة منها وشكوى المواطنين الذين يقطنون بجانب المستشفيات إضافة الى هروب الأطباء والمرضى.