كتب: باهر القاضي وربيع السعدني "المحامين" تنفض ضد القانون وتطعن بدستوريته.. و"الأطباء" تلحق بها وتطلب استبداله بضرائب تصاعدية على الأغنياء أعلنت عدد من النقابات المهنية رفضها قانون الضريبة على القيمة المضافة، الذي طرحه المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء على أعضاء مجلس النواب، حيث اقترح عمرو الجارحي، وزير المالية تحديد سعر الضريبة 13% خلال العام المالي الجاري على أن تزيد ل 14% خلال السنة المالية المقبلة. إقرار القانون تسبب فيما وصفه البعض بحالة من الغليان في الشارع المصري، ولم يختلف الأمر كثيرًا في أروقة البرلمان، فقد أثار مناقشته جلبة بين النواب، حيث أبدوا رغبتهم في إدخال بعض التعديلات عليه، خاصة نص المادة 74، والتي حازت بحصة واسعة من النقاش خلال الأيام الماضية، حيث رفض النواب هذه المادة، مطالبين الحكومة بحذفها، وهو ما رفضته الحكومة، مؤكدة أن المادة لا تخرج عن كونها إطار تشجيعي بإقرار من الوزير بعد العرض على رئيس الوزراء. وتنص المادة بعد تعديلها على: "يجوز للوزير بعد العرض على رئيس الوزراء تقرير نظام حوافز لتشجيع التعامل بالفواتير الضريبية، على أن يتضمن هذا النظام المجالات والشروط والقواعد اللازمة لتنفيذه وذلك، بما لا يجاوز 1% من الضريبة المحصلة سنويا وتحدد اللائحة التنفيذية القواعد المنظمة لذلك". البرلمان يمرر القانون وقبل انتهاء دور الانعقاد الأول لمجلس النواب، وافق أغلبية أعضائه على القانون، وبموجبه تقرر أن يكون سعر الضريبة على العام المالي الحالى ما يعادل 13 % وفي العام المقبل 14 %. تلك الموافقة لم تجنب القانون الجديد سهام الغضب التي انهالت عليه، حيث شهدت الأيام الماضية انتفاضة عارمة للمحامين بخروج العشرات منهم في وقفات احتجاجية أمام دار القضاء العالي رافضين للقانون المثير للجدل، ورفع المحامون المشاركون بالوقفة العديد من اللافتات المناهضة للقانون، أبرزها: "يسقط القيمة المضافة"، و"لا للقيمة المضافة"، و"القيمة المضافة مخالفة للدستور". وتُعد "أتعاب المحامين بحسب أعضاء النقابة العامل الرئيسي فى رفض النقابة وأعضائها لإقرار قانون القيمة المضافة، حيث أنه وبموجب القانون يلتزم المحامى بدفع ما يعادل 13 % من أتعابه، الأمر الذي قوبل بالرفض الشديد من قبل النقابة، والتي حرصت على عقد اجتماع موسع مع النقابات الفرعية، عقب انتهاء الوقفة الاحتجاجية للمحامين أمام دار القضاء العالي خلال الساعات الماضية. التصعيد ضد الضريبة الجديدة من جانبه، عقد مجلس نقابة المحامين، برئاسة النقيب سامح عاشور، اجتماعًا السبت الماضي، مع النقابات الفرعية لمناقشة آثار "الضريبة" الجديدة على أعضاء النقابة، بنادي المحامين النهري بالمعادي، وأعلنت النقابة إقامة النقابات الفرعية لندوات مفتوحة يدعى لها المهنيين والفلاحين والعمال لتوعيتهم بخطورة القانون وأثاره السلبية عليهم حتى يتم الإلغاء. وأعلنت "المحامين" تفويض مجلس النقابة العامة نقيبًا وأعضاءً في اتخاذ كافة الإجراءات التصعيدية التي اقترحت خلال اجتماعهم الاخير، وتحديد مواعيد تفعيلها، وأنه لا سقف للتصعيد، معلقين أي خطوات تصعيدية حتى يوم 7 أكتوبر الحالي، لانتظار نتائج المفاوضات التي تجرى الآن بين النقابة ممثلة في نقيب المحامين، ووزارة المالية ومصلحة الضرائب، على أن تتحمل النقابة مسئولية مطلب مصلحة الضرائب في تسجيل المحامين. من جهته قال أحد أعضاء مجلس نقابة المحامين، رفض ذكر اسمه، إنه في حالة فشل التفاوض بين النقابة والجهات المعنية في الوصول إلى صيغة تفاهمية مشتركة، تحقق مصلحة المحامين حفاظا على أتعابهم وعلى مصلحة الموكلين، فإن كافة الأعضاء بالنقابات المهنية سيعلنون الإضراب كنوعا من رد الفعل الغاضب على القانون "سيء السمعة"، بحسب وصفه. الطعن على دستوريته وفي نفس السياق، وخلال الاجتماع ذاته بنادي محامين المعادي، أعلن "عاشور"، أن النقابة أودعت الثلاثاء الماضي صحيفة طعن بمجلس الدولة على قرار تسجيل المحامين بالضرائب، تطبيقًا لقانون الضريبة على القيمة المضافة، تمهيدًا للطعن بعدم دستوريته لمخالفته للدستور. وذكر أنه سيتم تشكيل فريق قانوني لإعداد الأسانيد الدستورية التي تدعم ذلك والتي من ضمنها المساواة بمن استثنى من القانون الجديد كالمهن الطبية والفنانين. الأطباء تدخل خط المواجهة في المقابل، أعلنت نقابة الأطباء تضامنها مع أعضاء النقابات المهنية الأخرى المتضررة من القانون الجديد وتعديلاته، حيث صرحت الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، بأنها ترفض ما يُسمى بفكرة "فرض الضرائب على الإستهلاك" وليس على الدخل أو الملكية والثروة وهو ما وصفته ب"الضرائب ذات السمعة السيئة" لا تختلف كثيرًا عن الضرائب على المبيعات، رغم استثناء الخدمات الطبية "أطباء، صيادلة، أسنان، خدمات تعليمية" من القانون الجديد. وأوضحت مينا، في تصريحات ل"التحرير"، أن الطريقة الوحيدة التي ينحاز لها المطالبون بتطبيق العدالة الاجتماعية على الجميع أن يتم فرض ضرائب تصاعدية على الدخل والملكية، وهي الفكرة التي يجري تطبيقها في كافة الدول الرأسمالية وتعالج الشريحة الأعلى في الدخل والتي سبق أن تم زيادتها عقب أحداث ثورة 25 يناير 2011 إلى 25% تم تخفيضها إلى 22.5% بدعوى أنها تهدد الإستقرار عبر الحد من الإستثمار و"تطفيش" رجال الأعمال والمستثمرين من مصر. في حين أن الضرائب التصاعدية تُطبق في العديد من دول العالم المتقدمة بمعدلات ضخمة تتراوح بين 40 - 45 %، مؤكدة أن النتيجة الحتمية لفرض الضرائب على السلع تمثل خطرًا شديدًا على الإستثمار من خلال حالة الركود الإقتصادي التي تسود داخل السوق المحلي نتيجة زيادة الأعباء الإضافية على أسعار السلع والخدمات إلى جانب زيادة أسعارها مما يؤدي إلى مزيد من الإستمرار في سياسات افقار الطبقات الفقيرة. في الوقت ذاته أشارت وكيل نقابة الأطباء إلى أن قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي من أهم الدعائم الأساسية لنهضة أي مجتمع، ومن ثم كان لابد من استثناء الخدمات الطبية والأبحاث العلمية من فرض أي ضرائب اضافية على العاملين بها، فضلًأ عن دعمها بما يصب في مسار تنمية المجتمع. في حين، أكد الدكتور أحمد حسين، عضو مجلسي نقابة الأطباء رفضه لإقرار أي ضرائب اضافية على المواطنين في ظل وجود تضخم وبقاء الأجور والمرتبات على وضعها الطبيعي دون زيادة، فضلًا عن مخالفة القانون الجديد للدستور نتيجة عدم طرحه للنقاش المجتمعي للحوار مع كافة النقابات المهنية والفئات المتضررة وفرضه بسياسة الأمر الواقع على حد قوله. خليط "خطير" من القوانين "لو لم يتأثر الأطباء بالضريبة المقترحة للخدمة الطبية، فإنهم سيتأثرون بالخدمات الاستهلاكية والسلع الرئيسية التي سيُطبق عليها القانون الجديد".. هكذا أعلن الدكتور ايهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء تضامنه الشديد مع ممثلي النقابات المهنية الرافضين لفرض الضريبة على القيمة المضافة. وأعلن الطاهر، في تصريحات ل"التحرير"، رفضه لفرض أي ضرائب على الإستهلاك والتي لا تختلف كثيرا عن قوانين الاستهلاك والضرائب على المبيعات وأثاره الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة على المواطنين والمهنيين على حد سواء.