حين كان الكاتب اليساري العتيد ناهض حتر ناشرًا لصحيفة الميثاق الأسبوعية عام 1998 كتب فيها موضوعات عن تاريخ الحركة الوطنية الأردنية، وهو الأمر الذي عرضه لمحاولة اغتيال قال عنها الكاتب وقتها، إن كتاباته أغضبت جهات معينة في الأردن. واضطرت محاولة الاغتيال حتر إلى مغادرة الأردن والاستقرار لفترة في لبنان لاستكمال العلاج في المستشفيات اللبنانية، حيث تسببت المحاولة في تدهور حالته الصحية وبدأ يعاني بعدها من مشاكل في الجهاز الهضمي، فضلًا عن معاناته من قصور في وظائف الكلى.
وعرف حتر بلقب “عراب الحركة الوطنية الأردنية”، وتعرض للاعتقال على خلفية نضاله الطويل حيث سجن عدة مرات كان أطولها في الأعوام 1977 و1979 و1996، كما أوقفت السلطات الأردنية حتر عن الكتابة في صحافة عمان منذ سبتمر 2008. وعُرف عن الكاتب اليساري المثير للجدل، التزامه الصريح بدعم النظام السوري، وبالجيش العربي السوري، ضد ما أسماه "الحرب الإمبريالية الرجعية على سوريا". وكتب حتر لجريدة الأخبار اللبنانية لفترة طويلة إلى أن توقف عن التعاون معها على خلفية أزمة نشبت بينهما بسبب مقال كتبه عن اللاجئين السوريين. واُعتبر المقال "مهينًا" للاجئين السوريين، حيث قال حتر إن "رحيلهم ليس بخسارة، ولا يعد نزفًا ديموغرافيًا". واحتج الآلاف من السوريين على جريدة "الأخبار" مما اضطرها إلى حذف مقال حتر ونشر اعتذار أكدت خلاله: أن "هناك مبادئ أخلاقية وسياسية، هي في صلب رسالتنا ولا يجري النقاش إلا تحت سقفها، ومقال الزميل ناهض حتر في عدد الأربعاء 9 سبتمبر 2015 تعدّى على هذه المبادئ، ولم يكن ليُنشر في الأخبار لولا خطأ تحريري فادح". ورد حتر على اعتذار الأخبار في مقال حمل عنوان "ما هي المبادئ... ولمن الاعتذار؟"، وجه من خلاله اتهامات عدة للجريدة ولرئيس تحريرها إبراهيم الأمين، بتبني وجهة نظر المعارضة المسلحة. وقال حتر إن "مبادئها المعنية هي المبادئ الليبرالية التي كانت وراء بلبلة خط الصحيفة، عاميّ 2011 و2012، إزاء الدولة الوطنية السورية، والحرب الإمبريالية الرجعية على سوريا، وتبنّي وجهات نظر المعارضة، أما الحديث عن الشعب السوري، فهو يشير إلى جمهور المعارضة والمسلحين، وهؤلاء يشكّلون القسم الأعظم من اللاجئين السوريين الذين جرى إغراؤهم، في سياق خطة مولتها السعودية وقطر، باللجوء إلى تركياوالأردنولبنان، لاستخدامهم أداة ضغط سياسية على دمشق". وللكاتب إسهامت فكرية في نقد الإسلام السياسي، وكتابات عدة تهاجم التطرف الديني، وقد نشر مؤخرًا كاريكاتيرًا يسخر من المتطرفين وقال عنه إن "الهدف من الرسم الذي يُظهر تكفيريًا في الجنة التي يتخيلها، أنه يسخر من الإرهابيين وتصوّرهم للجنة وللرب". وأوقفت السلطات الأردنية الكاتب المقرب من دمشق والمحسوب على نظامها، في 12 أغسطس الماضي، ووجهت له تهمتي "إثارة النعرات المذهبية" و"إهانة المعتقد الديني". وقررت محكمة بداية عمان في 8 سبتمبر الحالي الإفراج عن ناهض حتر بكفالة بعد أكثر من أسبوعين على اعتقاله بتهمة «المس بالذات الإلهية». واغتيل الصحافي والكاتب الأردني ناهض حتّر صباح اليوم الأحد، بثلاث رصاصات اخترقت رأسه بالقرب من قصر العدل في منطقه العبدلي في عمّان أثناء توجهه لحضور جلسة لدى المحكمة، وفق ما ذكرت الشرطة الأردنية في بيان. وتحوّل اسم ناهض حتر إلى هاشتاج تصدر ال «ترند» على تويتر. وأبدى بعض المغردون استياءهم من الاعتداء السافر على حرية الرأي والتعبير، فيما خرجت أصوات اتهمت حتّر بأنه «عدوّ للإسلام» و«مناصر للرئيس السوري بشار الأسد». يذكر أن ناهض حتر مولود في 1960، وهو متخرج في الجامعة الأردنية قسم علم الاجتماع والفلسفة، ويحمل درجة ماجستير في الفلسفة في الفكر السلفي المعاصر، وله إسهامت فكرية في نقد الإسلام السياسي، والفكر القومي والتجربة الماركسية العربية، بالإضافة إلى دراسته للتكوين الاجتماعي الأردني. مؤلفاته: دراسات في فلسفة حركة التحرر الوطني. الخاسرون: هل يمكن تغيير شروط اللعبة؟. في نقد الليبرالية الجديدة، الليبرالية ضد الديمقراطية. وقائع الصراع الاجتماعي في الأردن في التسعينيات. الملك حسين بقلم يساري أردني. المقاومة اللبنانية تقرع أبواب التاريخ. العراق ومأزق المشروع الإمبراطوري الأمريكي.