حالة من الجدل سادت الحياة السياسية وفضاء التواصل الاجتماعي بعد الإعلان، عن ظهور ما يسمى "مبادرة مصر.. وطن للجميع" أو وثيقة واشنطن - نسبة إلى مقر الاجتماع- ، التي شارك في إعدادها أعضاء من حركة 6 أبريل وجماعة الإخوان وشحصيات مستقلة وحزبية، وتضمن هذه المباردة 10 بنود تم الاتفاق عليها لتأسيس انتقال سياسي ديمقراطي حقيقي في مصر، ومن البنود التي ثار الجدل حولها، تخلي الوثيقة عن الهوية الإسلامية للدولة، والتاكيد على مدنيتها ومبدأ المواطنة، وعدم الإتيان على ذكر شرعية الرئيس المعزول محمد مرسي، وهما ما أثارا حنق أنصار جماعة الإخوان، ورأوا فيها ارتداد على ثوابت الجماعة، وفي نفس الوقت لم تنف منسقة حركة 6 أبريل في أمريكا، سوسن غريب وجود المبادرة. بنود الوثيقة: 1- ثورة 25 يناير هي الثورة الحقيقية، ويظل شعارها العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية هو الأساس لكل سياسات مستقبليّة. 2- التعدد والتنوع يعني التعبير عن توجهات مختلفة وآراء متنوعة، والهوية المصرية الجامعة بطبقاتها المتنوعة هي العامل المشترك الموحد لعناصر الشعب المصري، ومن المهم إقرار وقبول هذا التنوع والتعدد والاختلاف عن طريق آلية الحوار الفعال وآلية ديمقراطية تضمن الحماية من ديكتاتورية الأغلبية أو الأقلية. 3- السيادة والسلطة والشرعية من الشعب وللشعب وحده، ويحكم العلاقة بين قواه المختلفة دستور مدني والمساواة التامة بين كل المواطنين، ويتم إعلان وثيقة تضمن الحريات والحقوق لكل فرد من أفراد الشعب دون أية قيود بما فيها حرية ممارسة الاعتقاد، وحرية التعبير والنشر، والحق في التجمع السلمي بما يشتمل على تشكيل منظمات مدنية ونقابات وإنشاء الأحزاب على أي أساس سلمي وأي مرجعية كانت، وحرية ممارسة أنشطتهم. 4- صياغة دستور مدني ينص صراحة على عدم تدخل الدولة في المؤسسات الدينية أو العكس، وعدم تدخل المؤسسة العسكرية في العملية السياسية، ويرسخ الحقوق والحريات على قاعدة الإعلانات والمواثيق العالمية لحقوق الإنسان، ويؤسس للديمقراطية، ويحد من السلطة المركزية ويؤسس لنظام اللامركزية في إصدار القوانين والتمويل، وكذا يسن الضرائب مقابل الخدمات والتمثيل النيابي، ويحقق مبدأ مراقبة وتوازن السلطات والفصل فيما بينها، والعمل على خلق حكم محلي قوي. 5- الدولة لا هوية ولا مرجعية لها إلا مدنيتها. ولا مؤسسات دينية تابعة لها، بحيث لا يتدخل الدين في الدولة ولا تتدخل الدولة في الدين، وتصدر القوانين والممارسات التي تتعلق بها على مسافة واحدة من جميع المواطنين إعمالا لقيمة المساواة وعلى قاعدة المواطنة. 6- وضع استراتيجية العدالة الانتقالية الشاملة لكل الشهداء والمصابين والمتضررين بما يمكنهم من نيل حقوقهم وجبر ضررهم، ويشمل ذلك ما قبل 25 يناير وما بعدها. 7- محاكمة كل من تورط في الدم قبل أحداث الثورة المصرية وما بعدها وحتى الآن. 8- الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والمتهمين في قضايا المقاومة المشروعة، ومحاكمة من قامت ضدهم الثورة وكل من استغل 30 يونيو في الانقلاب على ثورة 25 يناير. 9- إعادة هيكلة جناحي حكم القانون (الشرطة والقضاء) بما يؤسس لمنظومة قضائية وأمنية تحقق العدل والأمن للمواطنين، وتلتزم بالقوانين والمواثيق والأعراف الدولية. 10- عودة الجيش إلى ثكناته والقيام بدوره الحقيقي في حماية الحدود والدفاع عن الوطن وعدم التدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية، من أهم المبادئ الأساسية لقيام دولة مدنية ديمقراطية حقيقية. عمرو عبد الهادي: تنازل مرفوض وعلى صعيد الرافضين والمؤيدين للمبادرة، أعلن عمرو عبد الهادي، وكيل مؤسيسي حزب الضمير الديمقراطي وعضو الجمعية التأسيسية لوضع "دستور 2012"، رفضه مبادرة "واشنطن" بحسب تسميته لمبادرة "مبادرة مصر.. وطن للجميع" التي انطلقت من أمريكا أمس، والذي وصفها بالخطيرة جداً، مؤكداً رفضه لها لأنها لم تتمسك بشرعية الرئيس المعزول "محمد مرسي"، بخلاف أنها جردت الدولة من هويتها الإسلامية "بحسب وصفه"، في الوقت الذي تضع فيه 12 دولة أوربية واضعة "الصليب" على أعلام دولها، كما تنص إسرائيل على أنها دولة يهودية. وانتقد عبد الهادي اشتراك وإعلان بعض المنتمين والمؤيدين ل "الإخوان" في إعداد هذه الوثيقة، قائلاً: "كنت أربأ بالمجموعة التي على رأسها الدكتور سيف عبد الفتاح والدكتور محمد محسوب وأيمن نور والدكتور طارق الزمر، أن يعملوا على هذة الوثيقة"، متهكماً على ذكرهم "ثورة يناير" بهدف كسب الآخر ومداعبة الجماهير، مشيراً إلى أن المتمسكين بالشرعية أصبحوا لا يزيدوا عن 10 أفراد فقط. وأكد عمرو عبد الهادي أن المبادرة الجديدة هي عبارة عن ملخص للمبادرة السابقة "الجمعية الوطنية"، اشتملت على نفس النقاط، ولم تتفادى أوجه الخلاف التي ظهرت في سابقتها، لذا توقع لها الفشل كما فشلت المبادرة السابقة التي تم إطلاقها في عيد الفطر الماضي. وأبدى عبد الهادي ضيقه الشديد بسبب حرص بعض أعضاء المؤيدين ل "الجماعة" على التنازل عن أهم المبادئ، في ظل رسالتين في غاية الأهمية "من وجهة نظره" أولاهما: "تأكيد مرشد الجماعة محمد بديع من قفص الاتهام على تمسكه بالشرعية"، والثانية رسالة محمد البلتاجي بالتمسك بالشرعية، متهماً من شارك في إعداد هذة المبادرة "بتسليم" قيادات الجماعة المسجونين، والتضحية بهم. وأقسم عبد الهادي على أن المؤيدين للجماعة في انتظار إشارة من قيادات الجماعة داخل السجون بالتنازل عن الشرعية، وفي هذة الحالة "سنلبي النداء" ونعلن التهدئة. وتابع "المادة الخامسة من المبادرة استفزتني جداً، وهي الخاصة بالتنازل عن الهوية الإسلامية، والمادة الخاصة بحرية الاعتقاد والتي تسمح بحرية الجهر بالمعتقد الديني المخالف للأديان السماوية، واعتبرها مقدمة لممارسة حريقة ممارسة العقائد، وهذا ما لا أقبله". محسوب: هوية مصر ليست ملكا لأحد فيما كتب الدكتور محمد محسوب، أحد المشاركين في إعداد وثيقة "مبادرة مصر.. وطن للجميع" ووزير الدولة لشؤون المجالس النيابية الأسبق والهارب خارج البلاد، على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "نسعى لدولة فيها حرية الرأي والمبادرة والإبداع مقدسة، ويُترك للشعب الاختيار فاختياره إرادة، لا تنزعج ممن يختلف معك، بل ممن يقدس رأيه ويُهدر غيره"، مضيفاً: "أحيي القائمين على الحوارات وورش العمل بالداخل والخارج، لاستعادة الصف الوطني بوجه الاستبداد والفساد، ستصبح لقاءاتكم منارات على طريق الحرية". وأكد الدكتور طارق الزمر، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية والهارب خارج البلاد، وأحد المشاركين في إعداد وثيقة المبادرة الجديدة على حسابه الشخصي أيضاً: "هوية مصر ليست ملكا لأحد حتى يتنازل عنها وليست منحة من أحد حتى يسحبها، لكنها ثوابت وطن لا تتغير وأن تغيرت كل معالمه وتغير كل شيء فيه". 6 أبريل تنفي وجود عضام حجي وعلى الاتجاه الآخر نفت منسق حركة 6 أبريل في أمريكا، سوسن غريب، وأحدى المشاركات في المبادرة لجديدة، مشاركة الدكتور عصام حجي في المبادرة الجديدة، كما نفت بعض بعض البنود التي تم نشرها في مواقع الصحف، أمس، في الوقت التي لم تنفي فيه وجود المبادرة. وشارك في إعداد الوثيقة، القيادي بحزب الحرية والعدالة عبد الموجود الدريري، وأستاذ العلوم السياسية سيف الدين عبد الفتاح، ومنسق حركة شباب 6 أبريل في أمريكا سوسن غريب، والقيادي بحزب غد الثورة منذر عليوة، والمحلل السياسي مختار كامل، وأستاذ العلوم السياسية عماد شاهين، ونائب منسق حركة غربة محمد إسماعيل، والناشطة سوسن جاد.