باتت لعبة "بوكيمون" ظاهرة عالمية موجودة الآن فى أكثر من 30 دولة، وسرعان ما تنتشر، وهى تعتمد على تقنية الواقع الافتراضي، وتقوم فكرتها حول ملاحقة "البوكيمونات". التي تظهر على شاشة الهاتف الذكي، ونقوم باصطيادها في أماكن حقيقية حول العالم، باستخدام خاصية جي بي أس، وكاميرا الموبايل، لكن اللعبة مصحوبة بتحذيرات خبراء جراء الحوادث المتكررة التى تقع بسبب الانشغال بتتبع الدمى الصغيرة الافتراضية، فى ظل إغفال المحيط الحقيقى لنا عما إذا كان طريق سيارات أو سلالم، أو حتى مكان خطير. هوس اللعبة بلغ حد ترقب الشباب دخولها للدول، فمع أول دخولها "اليابان" قال صموئيل لوكاس، وهو أسترالي مقيم في اليابان ومن مدوني YouTube لبي بي سي: "ما أن اكتشفت أن الخوادم تعمل حتى قفزت من السرير، وارتديت ملابسي وركضت خارجا مع هاتفي وبطاريتين إضافيتين". وبالرغم من تفعيل الخدمة منذ وقت قصير باليابان إلا أنه بعد ساعات قليلة من الإطلاق، كان هناك بالفعل تقارير عن وقوع حادث، إذ قال المستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعية إن طالبا في جامعة أوساكا سقط من أعلى الدرج أثناء لعبة البوكيمون وتم نقله إلى المستشفى. كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، شهدت أيضًا حوادث فور انطلاق اللعبة بها يوم 6 يوليو الجارى، إذ تسبب شاب بالغ من العمر 26 عاما فى واحدة من أسوأ حوادث الطرق بعد التوقف فى منتصف الطريق السريع للقبض على "بيكاتشو" إحدى شخصيات "البوكيمون"، فيما أصيب شاب يدعى مايك شولتز، بالغ من العمر 21 عاما فى لونغ آيلاند، نيويورك، أثناء استقلاله لوح تزلج وهو يحدق فى هاتفه من أجل العثور على شخصيات البوكيمون المختلفة، مفيما عُثرت على جثة فتاة فى حديقة بالقرب من نهر، وهو الحادث الغريب من نوعه الذى تداولته وسائل الإعلام المختلفة. حوادث "البوكيومون" لم تقتصر على الحوادث التى تقع بسبب انشغال الأفراد بالنظر فى الموبايل، لكن هناك أزمة أخرى فى تنفيذ تعليمات اللعبة بالتوجه لمواقع معينة في محيطه السكني من أجل صيد "البوكيومون"، وارتكاز اللعبة على الأماكن المنتشرة، ومنها مراكز الشرطة الأكثر انتشارا بالصدفة في اللعبة. بمعنى أنك قد تكون مضطرًا للدخول إلى قسم الشرطة لصيد "بوكيومون" وهو الأمر أثار انزعاج شرطة مدينة داروين الأسترالية، إذ أزعجها المواطنين بالدخول إلى أقسام الشرطة بحثًا عن استكمال اللعبة، بما اضطر جهاز الشرطة إلى نشر إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي لمنع دخول المواطنين لذلك السبب، ورد فيه: ""لكل لاعبي بوكيمون حتى لو ظهر لكم مقر مركز الشرطة باعتباره موقع لصيد البوكيمون، فليس عليكم الدخول فعليا لقسم الشرطة للعب، وبالمناسبة سيكون من الأفضل أن تتركوا هواتفكم للحظة والنظر عبر الطريق عند عبور الشوارع ". وفى حين تعد تلك المخاطبة متسامحة فى صيغة نصيحة بالإثناء عن الدخول لأقسام الشرطة، ولفت الانتباه للتركيز عند عبور الطريق، إلا أن ذلك الرد يبدوا حالمًا فى مجتمعاتنا خاصة فى ظل التهديدات الأمنية وحوادث الإرهاب التى تتكرر من وقت للآخر، بما يصعب معه تصور دخول شخص ينظر فى الموبايل إلى قسم شرطة فى مصر بحجة "البوكيومون"، وبالطبع تزداد خطورة الأمر إذا طلبت اللعبة التوجه إلى مبنى من مبانى الأمن الوطنى، أو منشأة عسكرية محظور التصوير فيها، وهو ما يعرض الداخلين إلى تلك الأماكن لمواجهة اتهامات تقوده للسجن. ومع انتشار اللعبة وكثرة مستخدميها، بات وضع سيناريوهات لتعامل لاعبها مع مسؤلى الأمن فى مصر حتمًا، خاصة مع رؤية منشورات يكتبها مصريون عن "البوكيومون"، ومنها:منشور كتبه شاب مسلم "البوكيومون طلعلى فى كنيسة على بعد شارعين من بتنا، لا ياعم مش لاعب جى فيها فتنة طائفية"، بينما كتبت أخرى: "البوكيومون طلع لوليد فى الصينية اللى قدام مبنى أمن الدولة بتاع شبرا، تخيلوا لو كان اتجنن وقرر يصطاده واتقفش".
شادى عبد الطيف المحامى، استبعد فرضية استخدام اللعبة فى أعمال التجسس، مشيرًا إلى أن الأقمار الصناعية باتت تغنى الدول عن التجسس باستخدام أفراد للتصوير، لكن الأزمة فى الحوادث التى تنجم عن استخدام اللعبة، كما فى الخارج، وأبرزها حوادث الطرق، خاصة مع رؤية سائقى السيارات فى الوقت الحال ينشغلون بالإنترنت، فما بالنا بالاندماج فى لعبة باتت تمثل إدمان للكثيرين. وأضاف المحامى إلى وجود جرائم أخرى يمكن يجدها اللاعب منسوبة له، ومنها تصوير منشأة شرطية أو عسكرية، محظور التصوير فيها، ويتعرض مرتكبها إلى عقوبة بالحبس من سنة إلى ثلاثة سنوات، هذا إن لم تضاف له اتهامات أخرى، منها قائمة اتهامات الإرهاب التى تتضمن 7 أو 9 جرائم، منها الانضمام لجماعة إرهابية، وتكدير الأمن والسلم العام، والإضرار بالمصلحة العامة، وتعريض مواطنين ومنشآت حكومية للخطر .. وغيرها، وهى الاتهامات التى قد تقود صاحبها للسجن المؤبد. وأشار المحامى إلى أن فتح "الجى بى إس" وكاميرا الموبايل، والتوجه بها نحو قسم الشرطة بسبب اللعبة فى مصر، أمر قد يتفهمه بعض الضباط، ويصرفون الشخص بعد التحقق من هاتفه، بينما فى ظروف أخرى ربما يجد نفسه متهمًا، مصيره الحبس وتجديد الحبس لخمسة عشر يومًا أو أكثر، خاصة إذا ما ورد فى الاعتبار اتهامات الإرهاب، وهو عقاب كافى بخلاف ما سوف تصدره المحكمة بالبراءة أو الإدانة، وهو بالطبع ما نحن فى غنى عنه، خاصة غذا كان السبب "لعبة".