يده ملطخة بدماء 97 صحفيا، بايدن يعتزم إلقاء خطاب خلال عشاء مراسلي البيت الأبيض واحتجاجات في انتظاره    حزب الله: وجهنا ضربة صاروخية بعشرات صواريخ الكاتيوشا لمستوطنة ميرون الإسرائيلية    ما شفتش لمسة اليد، أول تعليق من مخرج مباراة الأهلي على إلغاء هدف مازيمبي    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة الزمالك ودريمز وتوتنهام وآرسنال    الفرح تحول إلى جنازة، لحظة انتشال سيارة زفاف عروسين بعد سقوطها بترعة دندرة (صور)    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    روسيا: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره مزلقان بقليوب    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل عن 65 عاما    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    أمطار رعدية على هذه المناطق.. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (لا تنخدعوا)    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    لأول مرة بالمهرجانات المصرية.. "الإسكندرية للفيلم القصير" يعرض أفلام سينما المكفوفين    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اجتماع مع تذكرتي والسعة الكاملة.. الأهلي يكشف استعدادات مواجهة الترجي بنهائي أفريقيا    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    سكك حديد مصر تعلن عن رحلة شم النسيم من القاهرة إلى سيدي جابر    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    الإثنين.. وزير الخارجية الأمريكي يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار بغزة    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    شرايين الحياة إلى سيناء    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحومهم المسمومة ولحومنا المشويّة! أشرف توفيق
نشر في التحرير يوم 15 - 07 - 2013

أبو القاسم علِىّ بن الحسن بن عساكر الدمشقى، العلّامة، محدِّث الشام ومؤلف الكتاب الشهير «تاريخ دمشق»، الذى صار علامة فى طريقة تأليف تاريخ المدن.. كل هذا جميل ومشرِّف.. ولكن ما حكاية ابن عساكر هذا معنا؟
الحكاية أن ابن عساكر هو الذى قال «لحوم العلماء مسمومة».. هذه الجملة التى قلما أن يخلو منها حديث بين طرفين، أحدهما «إسلامى» التوجه.. تبدأ المناقشة سهلة ممتعة، يدافع كل منهما عن حجته وعن أفكاره وقراءاته، يحتدم النقاش، يذكر الطرف الثانى أمثلة من سقطات شيوخ ورموز الطرف الأول، فلا يجد الطرف الأول سبيلا للرد -وخصوصا إذا كانت السقطات واضحة جلية- سوى أن يقذف هذه العبارة فى وجه صاحبه: احذر.. لحوم العلماء مسمومة.
ولهذا فبالرغم من أن الحكمة ملك للجميع، فإنه فى هذه الحالات ينبغى أن نعود قليلا لنعرف السبب من قول هذه الجملة أو الحكمة لنضعها فى موضعها الصحيح، فابن عساكر كتب هذه الجملة فى كتابه «تبيين كذب المفترى» وذلك لخلافاته المتكررة والصارمة بين مذهبه «الأشاعرة» وبين مذهب مخالفيه «الحنابلة»، الذين عادوه أشد العداء ووقفوا له ولأفكاره موقف الخصم، وذكروه بالسوء سرا وعلنا.. إذن فابن عساكر قال هذه الجملة للحنابلة -السلفيين ومن وافقهم من الإخوان الآن- الذين يردون بنفس الجملة الآن على من ينتقد مشايخهم.
نعود إلى نص ما كتبه ابن عساكر فى كتابه: «واعلم يا أخى.. أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة، وعادة الله فى هتك أستار منتقصيهم معلومة، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمر عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور مرتع وخيم».. نكتشف من النص أنه حتى الاستشهاد بما قاله ابن عساكر للذود عن المشايخ والدفاع عن كل رمز دينى مقدّس هو استشهاد باطل، فقد حدد ابن عساكر براءة العالم مما هو منسوب إليه، وأن يكون ما يقال عنه زورا.. طيب.. ولو كانت سقطات الشيخ السحيقة وتأويلاته الباطلة وآراؤه الفاسدة واضحة للعيان ومسجلة صوتا وصورة، فكيف نعصم ألسنتنا من رده وتقويمه وانتقاده؟ وكيف نعصم قلوبنا من الشك فيه والبعد عن فتاواه؟
مر صحابيان جليلان على الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه زوجته، فأسرعا، فاستوقفهما النبى وقال لهما: على رِسلكما، هذه زوجتى صفية، قالوا: أفيك نشك يا رسول الله؟ قال: لئلا يدخل الشيطان عليكما.. فهذا رسول الله أراد ببساطة أن يزيل الشك من قلوب الصحابة رغم أنه رسول الله الذى كان قرآنا يمشى على الأرض، أراد أن يستأصل النبتة الخبيثة التى من الممكن أن تنمو فى قلوب أصحابه.. لو حدث هذا الآن لشيخ من الشيوخ، وأردت الاستفسار لصرخ فيك صاحبك: احذر.. لحوم العلماء مسمومة، كأن مجرد إطلاق لقب «شيخ» على أحد هو بمثابة العصمة التى تمنعه من سهام الظن وإرهاق المناقشة والجدل.. هذه إذا تغاضينا أصلا عن الفرق الشاسع بين العالِم، وبين كل من يُطلق عليه لقب «شيخ».
إذن فالمشكلة الأولى فى جملة «لحوم العلماء مسمومة» -التى هى قول مأثور وليست قرآنا أو حديثا قدسيا أو نبويا- ظنُّ البعض أنه بموجبها يصبح العلماء فوق النقد وفوق المناقشة وفوق سوء الظن المترتب عادة على أفعال باطلة منهم واضحة وضوح الشمس.. أما المشكلة الثانية فهى قصر «السم» على لحوم العلماء، كأن لحومهم مسمومة ولحوم غيرهم كباب وكفتة بالهنا والشفا. والحقيقة أن الله سبحانه وتعالى عندما نهى عن الغيبة والنميمة لم يحدد أكان اللحم الميت لعالم أم لجاهل، الكل سواء، والقذف والطعن واللعن والمعايرة والتعريض كلها آفات يتساوى فاعلها سواء أكان إسلاميا أو ليبراليا، ويعانى منها المفعول به سواء أكان عالما أو جاهلا. أما من يقول إن مناقشة العلماء -أو الشيوخ- والحط من شأنهم هو هدم للإسلام، فلا يسعنى سوى أن أقول له: لا خوف على الإسلام فهو باق، وإنما الخوف كل الخوف مما يفعله المسلمون بالإسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.