بات خبرًا معتادًا من فترة إلى أخرى، أن تلقى قوات الأمن على مجموعة ينظمون حفلًا، بتهمة أنهم "عبدة الشيطان"، فى حين يؤكد آخرون أن عزفهم الصاخب ورقصهم معه، مجرد نوع من الموسيقى اسمه "الميتالك"، تتم مهاجمته لأنه عزف حاد وغير مألوف والأزياء الغريبة التى يرتديها العازفون، ولأن القانون لا يخضع للأهواء بين رافض لشىء كتلك الحفلات أو مؤيد لها، فلابد من التساؤل لماذا يتم القبض على منظمى تلك الحفلات؟ وما الاتهامات التى تنسب لهم؟ وما مصيرهم؟ وما العبرة فى إدانتهم أو تبرئتهم إن كانوا موضع اتهام. "الميتالك" لفظ غربى، يعرفه أصحابه بأنه لون من ألوان موسيقى الروك، تطور فى سبعينيات القرن العشرين من البلوز والهارد الروك، ويتسم "الميتال" بقوة الموسيقى وحريتها وصوت الجيتار القوى عالى التشويش، مع استعمال الطبول، وتختلف كلمات الأغانى بدءًا من استعمال فرقة «سبتنولوف» الأمريكية، لمقطوعة من «ولد ليكون متوحشًا»، لتتسع وتضم أغانى عن الموت والقصص الخيالية "الفنتازيا" والحروب والحزن والمشاكل الاجتماعية والسياسية وغيرها. ودخل على مجتمعاتنا العربية الكثير من الأدوات والمظاهر الغربية، ومنها "الميتالك" الذى أقيمت له حفلات داخل مصر، لكنها بقيت موضع شك واتهام، خاصة مع اقترانها بأفكار كعبادة الشيطان، والظن بارتكاب طقوس آثمة فيها مثل "قتل الأطفال" أو "الجنس الجماعى"، وهو بالطبع ما يعد جريمة لا يختلف عليها اثنان، لكن لم يثبت اقتران أى من القتل أو الفجور بحفلات الميتالك، بما يأخذنا للسؤال عن سبب القبض على منظميها. - القبض على 3 متهمين ينظمون حفلًا ل600 شخص بأكتوبر قالت قوات الأمن، إنه وردت معلومات إلى اللواء خالد شلبى مدير الإدارة العامة للمباحث، بتجهيز قرابة 60 شخصًا لحفل عبدة الشيطان بفيلا بدائرة قسم أكتوبر أول وبإجراء الفحص والتحرى أسفرت التحريات التى أجريت برئاسة العميد محيى سلامة، رئيس مباحث قطاع أكتوبر، أن عددًا من ممارسى تلك الأفعال والاعتقادات أعدوا لحفل داخل فيلا بكومباوند مراكش على طريق دهشور بأكتوبر، وأعدوا عددا من معدات الصوت والضوء. وتحركت قوة أمنية برئاسة العميد سعيد عابد، مفتش مباحث أكتوبر أول والمقدم أحمد نجم رئيس المباحث والرائد إسلام المهداوى معاون المباحث وتم منع الحفلة قبل إقامتها وألقت قوات الأمن القبض على منظم الحفل، واثنين آخرين "مسئولى الصوت والضوء" بالحفل بعدما تبين عدم حصولهما على التراخيص اللازمة لإقامة حفل وممارسة طقوس غريبة، وتم تحرير محضر بالواقعة، وأحالهم اللواء أحمد حجازى مدير أمن الجيزة إلى النيابة العامة للتحقيق. - تعدد حفلات الميتال بساقية الصاوى تقترن حفلات "الميتالك" بشبهة الاتهام، لذلك قد نجد منظموها يلجأون إلى إخفاء أو تبديل مواعيدها، وكأنهم ينظمون شيئا فى الخفاء، وأثارت حفل ميتالك تم تنظيمها بساقية الصاوى فى 17 سبتمبر الماضى، حالة من الجدل، بعد إعلان البعض أنهم منعوا الحفل، واتضح فى النهاية أن الحفل تمت إقامته فى موعد عرفه الحاضرون فقط، بتقديم من فرقة الفنان المصرى نادر صادق. ولم يكن ذلك الجدل هو الأول من نوعه لساقية الصاوى وحفلات "الميتال"، فسبق فى عام 2010 ساقية الصاوى، وتم إلقاء القبض على فرقة تقيم حفلًا لتلك الموسيقى بساقية الصاوى، واتهامهم بأنهم من عبدة الشيطان، كما وجهت الاتهامات حينها ضد عبد المنعم الصاوى، الذى نفى تمامًا أن تكون هذه الفرقة من فرق «عبدة الشيطان»، وأن ما قدموه هو نوع من الموسيقى يدعى «موسيقى الميتال»، وأشار الكثير من أعضاء الفريق، والذى أُسس بالإسكندرية، وتراوحت أعمار أعضائه ما بين الستة عشر عامًا والثمانية وعشرين عامًا، أن الموسيقى لا تتعلق مطلقًا بعبادة الشيطان، لكنه نوع من الموسيقى يمكّن الفرد من إخراج طاقة الغضب التى تكمن بداخله، وانتهت القضية حينها بإخلاء سبيلهم والتحفظ على المحضر. - حفل قصر البارون فى التسعينيات تعد البداية الأبرز لاصطدام الشرطة فى مصر بالحفلات التى يشتبه فى أنها لعبدة الشيطان، فى عام 1997 حين تسلل مجموعة من الشباب ليلاً إلى قصر ''البارون''، فى حى مصر الجديدة بالقاهرة، وأقاموا العديد من الحفلات الصاخبة، راقصين على أنغام موسيقى ''الميتال'' الصاخبة، وبسبب الأضواء الساطعة التى كانت تخرج من القصر ليلاً أبلغ الجيران عنهم، وتم القبض عليهم، وانتهى الأمر بحفظ المحضر وإخلاء سبيلهم. وقال خالد عمر المحامى، إن القانون يفرق بين كون ما جرى حفلًا، أو طقوسًا تخالف شرائع الأديان السماوية، وفى الحالتين تصنف الوقائع كجرائم جنح، أقصى عقوبة فيها الحبس 3 سنوات أو الغرامة. وأوضح عمر أن الحفلات إذا كانت بتذاكر، فلا بد من الحصول على تصاريح لإقامتها، من نقابة الموسيقيين، وشرطة المصنفات الفنية، وشرطة السياحة والآداب إن كانت تُقدم فى فندق أو منشأة سياحية، وإذا كان مقدمو الحفل أجانب وجب استصدار تراخيص عمل مؤقتة لهم بالحفل، وإن لم يحدث ذلك، فإنهم يواجهون تهمة العمل دون تصريح، مشيرًا إلى أن وجود أمور أخرى تخرج عن القانون بتلك الحفلات، يكون له عقوبات إضافية، مثل تعاطى المخدرات، أو خمور خلال الحفل. وأشار المحامى إلى أن ممارسة طقوس "عبادة الشيطان" لا نص قانونى مخصص للتعامل معها فى القانون المصرى، لكنها تقع تحت طائلة قانون ازدراء الأديان، والخروج عنه يعد جنحة تصل عقوبتها إلى الحبس 3 سنوات، خاصة أن جميع الأديان السماوية تعتبر الشيطان عدوًا للإنسان، وكان سببًا فى خروج آدم من الجنة، ولا خلاف على ذلك بين أصحاب الديانات السماوية، التى لا يوقرها أتباع إبليس، حد وصفه.