يطالبون الدولة بدعمهم بعد مضاعفة أسعار الأسمدة تشتهر محافظة سوهاج بزراعتها لمحصول القصب السكري، بعد أن بات من المحاصيل الرئيسية الذي يُعتمد عليه بشكل رئيسي في صناعة السكر والعسل الأسود وعسل العود، وكذلك استخراج عصير القصب الطازج الذي يتناوله الغالبية العظمى من المواطنين في مصر، واشتهرت أغلب مراكز المحافظة الجنوبية والشمالية بزراعته، لكنه يواجه اليوم مشاكل عديدة، وأضحى الفلاح يشكو حال محصوله لله تعالى. "التحرير" ترصد هذه المعاناة من أرض الواقع.. محافظة سوهاج التي تشتهر بكونها من المحافظات الرائدة في صعيد مصر وعلى مستوى الجمهورية في زراعة محصول قصب السكر، خاصة أنها كل عام تزرع 18 ألف فدان، وبها مصنع للسكر بجرجا الذي يلتهم هذا المحصول نظرًا لكبر طاقته الاستيعابية. في كل عام ينطلق موسم زراعة قصب السكر في شهر يناير وحتى شهر مايو، ومنذ ذلك الحين يعتبر الفلاحون في محافظات صعيد مصر، خاصة سوهاج، هذا المحصول، كمحصول استراتيجي في المقام الأول بالنسبة لهم، فهم يعقدون آمالًا عريضة في النيل من ورائه أرباح كثيرة تعوّضهم عما أصابهم من خسائر فادحة من زراعة باقي المحاصيل. يتعاقد فلاحو سوهاج مع مصانع السكر وصناعة العسل الأسود ومعاصر القصب على شراء محصولهم، لكن خيبة الأمل تلاحقهم دومًا، بعد شقاء وكد في زراعة المحصول طيلة العام، وصرف الأموال الطائلة عليه من حرث للأرض وأسمدة عضوية وكيماوية وكسر المحصول ونقله على حسابهم الخاص. يقول وسام الورداني، ابن أحد كبار مزارعي القصب بقرية برخيل في مدينة البلينا، أن الفدان يحتاج إلى 20 كيس سماد والجمعية الزراعية لا تسلّم سوى 16 كيس نترات أو 13 كيس يوريا، ما يجبر المزارعون على شراء ما تحتاجه الأرض من أسمدة على نفقته الخاصة - بضِغ سعر السماد في الجمعية الزراعية. يضيف الورداني: "الدولة تقف مكتوفة اليد ولم تحاول مساعدة الفلاح في زراعته لهذا المحصول الهام؛ بل إنها جعلته كالبهيمة في ساقية الرحى مطحون في مشاكل عدة، فلم تعمل على استنباط أصناف جديدة تعمل على زيادة الإنتاجية لهذا المحصول في الأرض منذ 33 عامًا وعدم وجود خطة لتلاشي أمراض زراعات القصب من نوعية س 9، وكذلك عدم صرف مستحقات توريد المحصول في موعدها للفلاحين، وعدم إعادة النظر في العقود المبرمة بين مزارعي القصب وشركة السكر للصناعات التكاملية منذ الستينيات، بجانب عدم تطهير الترع لضمان وصول مياه الري بصورة سهلة للمزارعين، كما أنها توفر الأسمدة والكيماويات اللازمة لزراعة هذا المحصول بسعر في متنازل اليد". يتابع حسن حامد - أحد مزاعين القصب بسوهاج:" الفلاحون يعانون أيضًا من مشكلة نقل هذا المحصول من الأرض إلى مصانع السكر أو إلى مصانع صناعة العسل أو المعاصر، خاصة أن محصولهم يتعرض للسرقة من قبل بلطجية الطريق من ناحية ومن المؤسف أيضًا أن هذا المحصول حينما يصل لمصانع السكر بسوهاج، يُترك محملا على السيارات لأيام خارج المصنع عرضة للشمس التي تتلف أغلبه وكل هذه المشاكل تصب على الفلاح السوهاجي صبًا وتقسم ظهره". ويوضح عبدالناصر أحمد عبدالعال، أنه يعاني من أعباء العمال في زراعة هذا المحصول، خاصة أن الفدان الواحد يأخذ من 30 إلى 40 عاملًا وأجره اليومية ما بين 70 إلى 85 جنيه، بالإضافة إلى حاجته لعمال شحن يتقاضون على الطن الواحد ما بين 40 إلى 50 جنيه. يطالب مزارعو بسوهاج، الحكومة المصرية، بضرورة رفع سعر طن قصب السكر وعدم ترك سيناريو تدني سعره يكون بهذا الشكل المخزي للغاية، وكذلك الموافقة على رفع سعر طن القصب إلى 500 جنيه للطن، بدلًا من 400 جنيه مع قيام شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، بتسلم قصب السكر من المزارعين بسعر 400 جنيه على أن تتولى الهيئة العامة للسلع التموينية بالتنسيق مع وزارة المالية، سداد مبلغ 100 جنيه عن كل طن متسلم من المزارعين خصمًا من الموازنة العامة للدولة المخصصة للدعم، وكذلك بضرورة تحقيق الاستفادة القصوى من قصب السكر الذي يمُكن أن يُساهم في إنشاء 22 صناعة تكميلية مختلفة. محمود صبري - صاحب عصارة الزهراء بمحافظة سوهاج، أكد أنه كان يشتري فدان القصب من المزارعين والتجار، بمبلغ لا يتعدى 22 ألف جنيه، وفوجئ منذ أول أمس الجمعة، بوصول سعر الفدان إلى 45 ألف جنيه، بالإضافة إلى سعر القيراط الذي وصل إلى 2200 جنيه بعد أن كان 1200 جنيه، بما يعني زيادة الأسعار بشكل متضاعف، مرجعًا أسباب زيادة ارتفاع القصب إلى زيادة الطلب من مصنع سكر جرجا على المحصول هذا العام، أو اتفاق سري بين التجار لزيادة الأسعار. من جانبه أكد المهندس مراد محمد حسين، وكيل وزارة الزراعة بمحافظة سوهاج، أن المساحة المزروعة بمحصول القصب على مستوى محافظة، تبلغ 14 ألف فدان تقريبًا، منهم 10 آلاف فدان ونصف يتم تورديهم لمصنع سكر جرجا وباقي المساحة تباع، خاصة في مراكز شمال، ولا تكفي للطاقة الإنتاجية لمصنع السكر بجرجا، ويستكمل المحصول من محافظة قنا، وتحديدًا نجع حمادي وأبو تشت وتتركز مساحات القصب في دار السلام، حيث تعتبر نصف مساحة المحافظة بذلك المركز؛ كونه يحتوي على حيازات زراعية كبيرة، مؤكدًا أنه عندما يتم استكمال الكوبري العلوي الرابط بين دار السلام حتى المطار الدوري - مرورًا بمصنع سكر جرجا، ستزداد المساحة بدار السلام. تابع وكيل وزارة الزراعة بسوهاج: "مجلس المحاصيل السكرية بالقاهرة يدعم مزارعي القصب، يتم الحرث السطحي والتسوية بالليزر على حساب المجلس ويتم معالجة التي تظهر بالمحصول الحشرية والمرضية التي تظهر بقصب السكر على حساب المجلس بالتعاون مع شركة السكر والبحوث الزراعية التي تساهم في استنباط أصناف جديدة في القصب تكون عالية الإنتاج وبها نسبة عالية من السكر ومقاومة للآفات والأمراض، وكذلك يتم تشكيل لجان إشرافية من مديريات الزراعة، لمتابعة أعمال الشحن والتوريد والوزن و،خذ عينات من القصب لفحصها وتقدير نسبة الشوائب"، مؤكدًا أنه بالتعاون مع مهندسي شركة السكر، يتم حل أي مشاكل تواجه زراعة القصب، لارتقاء بهذا المحصول التستراتيجي.