«لقد اعتنقت الفكرة المثالية لمجتمع ديمقراطى وحر يعيش فيه الناس جميعًا معًا فى وئام ويتمتعون فيه بالفرص المتساوية.. إنه مثال آمُل أن أعيش من أجله وأن أحققه. لكن إن لزم الأمر، فإننى مستعدّ للموت من أجله». الكلمات لزعيم خالد من أبرز السياسيين الذين عرفهم العالم، الذين ناضلوا من أجل نظام ديمقراطى فى جنوب إفريقيا يعتمد على التعددية العرقية بدلًا من التمييز العنصرى. أصبح مانديلا أيقونة للتسامح والمصالحة لا يتخيلها الملايين، لا فى جنوب إفريقيا وحدها بل فى كل أنحاء العالم، وهم يحبسون أنفاسهم وهم يتابعون الأخبار التى تطيرها وكالات الأنباء حول الحالة الصحية لمانديلا، وأحدثها دخوله المستشفى فى بريتوريا لإصابته بالتهاب رئوى. وحسب مكتب الرئيس جاكوب فإن حالة مانديلا «خطيرة ولكن مستقرة». قضى مانديلا 27 عاما فى السجن، ماتت خلالها والدة مانديلا وقُتل ابنه الأكبر فى حادثة تصادم مرورى ولم يُسمَح له بحضور جنازتيهما. ورغم هذا الثمن الفادح الذى دفعه الرجل فإنه لا يبدو عليه شعور بالمرارة للمعاملة القاسية التى عاناها على أيدى النظام العنصرى. ويتميز مانديلا بشخصية كاريزمية مما جعله يحظى بالقبول فى مختلف أنحاء العالم. انضم مانديلا المولود عام 1918 إلى المؤتمر الوطنى الإفريقى عام 1943، وأصبح بعد ذلك مؤسسًا ورئيسا لرابطة الشباب فى الحزب. وقاد مع صديق كفاحه أوليفر تامبو حملة ضد التمييز العنصرى فى مطلع الخمسينيات، لكن قمع سلطات الفصل العنصرى وضع نهاية للمقاومة السلمية فى نهاية الستينيات. وقاد مانديلا، الذى كان بالفعل نائبا لرئيس لحزب المؤتمر الوطنى الإفريقى، حملة تخريب اقتصادى ضد النظام العنصرى، قبل إلقاء القبض عليه واتهامه بالتخريب المتعمد ومحاولة الإطاحة بالحكومة من خلال استخدام العنف. وظل فى السجن بجزيرة روبن ل18 عاما قبل نقله إلى سجن بولسمور الرئيسى عام 1982. وفى عام 1980 دشن أوليفر تامبو، الذى كان فى المنفى، حملة دولية لإطلاق سراح مانديلا. وقام المجتمع الدولى بتشديد العقوبات ضد نظام التمييز العنصرى وأثمرت الضغوط، ففى عام 1990 رفع الرئيس دى كليرك الحظر المفروض على المؤتمر الوطنى، وأطلق سراح مانديلا، وبدأت محادثات حول تشكيل نظام ديمقراطى جديد يتسم بالتعددية العرقية.