أعدت صحيفة "الجارديان" البريطانية تقريرًا مطولًا عن الأوضاع التي وصلت إليها صناعة السياحة في معظم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا، بعد الهجمات الارهابية التي عصفت باستقرار هذه الدول، ما أدى لتأثر اقتصادها سلبيًّا بما يؤدى لانتشار التطرف بسبب انهيار السياحة. "الجارديان" رأت أن سلسلة الهجمات والمخاوف من تكرار العنف والتحذيرات الرسمية من السفر، أدت إلى انهيار كارثي في قطاع السياحة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي كانت الرحلات الموسمية والشمس والرمال دعامة هامة لاقتصاداتها.
مصر وقالت الصحيفة في تقريرها "قبل عام كانت محمية "رأس محمد" المصرية في البحر اﻷحمر مزدحمة مع وجود السياح في قوارب في المياه ومئات الغواصين تحت الماء، انخفضت اعداد السياح عقب سقوط الطائرة الروسية بعد وقت قصير من إقلاعها من شرم الشيخ العام الماضي؛ حيث تم إلغاء معظم الرحلات للمنطقة. كان التراجع في أعداد السياح أبطأ ولكنه مدمر، ففي 2010 زار مصر 14 مليون سائح، ولكن بعد الثورة في 2011 وحالة عدم الاستقرار التي عمت البلاد زعزعت ثقة السياح، ولم تتجاوز أعداد السياح الذين زاروا البلاد عن 10 ملايين منذ ذلك الوقت، وسط توقعات بانخفاضها ل 9 ملايين خلال 2015 مع تفجير الطائرة الروسية والهجمات على السياح، بجانب المخاوف بشأن العنف. ورصدت الصحيفة الأوضاع في المناطق السياحية في مدينة دهب وشرم الشيخ والغردقة حيث أصبحت الشواطئ ومواقع الغوص فارغة أو يكاد يكون بها عدد قليل من السياح، والفنادق الشاطئية التي لا تزال مفتوحة أغلقت المطاعم، والأجنحة، وقلصت الأنشطة، ورغم بعدها عن سيناء التي تعتبر قاعدة "داعش" التي أعلنت مسؤوليتها عن تفجير الطائرة الروسية، تضررت القاهرة والإسكندرية وأسوان والأقصر بشدة من غياب السياح. ونقلت عن أحمد سمير مساعد مدير مبيعات في سلسلة فنادق الماريوت قوله" الآن ليس لدينا سياحة ترفيهية، كلها مؤتمرات وأعمال، نحن نعاني كثيرًا في غياب السياح". تونس وأضافت أنه على بعد آلاف الأميال على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، يقف حارس أمن تونسي يدعى كريم سحلول ليستكشف الشاطئ في منتجع سوسة الذي أصبح خاويًا بعد هجوم إرهابي أسفر عن مقتل 38 شخصًا من السياح البريطانيين، وهو ما أدى لهروب السياح وعدم رغبتهم في العودة مرة أخرى. ونقلت الصحيفة عن سحلول قوله بصوت حزين "سوسة ليست مثل السابق.. الآن هي هادئة جدًّا ومظلمة للغاية.. الكثير من الناس الآن بدون عمل المطاعم ومراكز التسوق مغلقة، والجميع يشعر بذلك". وأشارت إلى أنه بالرغم من شجاعة حراس الأمن التونسيين وبينهم سحلول على حماية السياح خلال الهجوم الارهابي وهو ما أشاد به الجميع، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا بالنسبة للحكومات الغربية التي اصدرت عدة تحذيرات للسفر إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. من جانبها حذرت وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي، من أن القطاع الذي يوظف حوالي 400 ألف شخص، وصل إلى "مرحلة الأزمة وانهياره يهدد بتأجيج حلقة مفرغة من التطرف، الفنادق تغلق أبوابها والسياحة تحتضر، وأحد مصادر الإرهاب "فقدان الأمل"، قائلة: فقدان اﻷمل ليس المحرك الوحيد للتطرف، لكنه واحد من اﻷعمدة الهامة". تركيا وأشارت الصحيفة إلى أنه في تركيا أيضًا، يستعد قطاع السياحة في تركيا لصدمة مماثلة بعد هجوم إرهابي تبناه "داعش" قتل خلاله 10 سياح خارج المسجد اﻷزرق في إسطنبول، حيث كان معظم القتلى من ألمانيا، وسط توقعات بإلغاء كافة الحجوزات وتدهور القطاع في سنة سوداء بالفعل مع احتمال أن يغير أكثر من 4.5 مليون سائح روسي وجهتهم من تركيا بعد إسقاط الجيش مقاتلة روسية دخلت أجوائها، بجانب العمليات العسكرية ضد المتمردين الأكراد، كل ذلك أدى إلى تفاقم الشعور باﻷزمة. ونقلت الجاردين مقطتفات من مقال لكاتب تركي نشر بصحيفة "حريت" التركية، قال فيه "إن الأمور تزداد سوءًا بالنسبة لقطاع السياحة في تركيا، مع وقوع أزمات متلاحقة، الوضع سيئ وعلينا أن نتقبل ببساطة أن هذا العام عام ضائع على السياحة". إسرائيل والضفة الغربية وفي إسرائيل والضفة الغربيةالمحتلة أيضًا، حيث بدأت السياحة في التعافي من آثار حرب غزة عام 2014، القطاع يتراجع من جديد بعد أكثر من ثلاثة أشهر من العنف شبه يومي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فبالرغم من الآمال التي علقتها إسرائيل على منتجعها بإيلات، ليكون بديلًا للسياح الروس الذين تجنبوا مصر وتركيا، فإن النتائج لم تكن جيدة. وأوضحت أن البلدان اﻷقل تأثرًا بالاضطرابات اﻹقليمية لم يسلم قطاعها السياحي من التأثيرات، فالمغرب التي لم تتعرض ﻷي هجوم إرهابي منذ 2011 يعاني قطاع السياحة لديها أيضًا. واختتمت الجارديان تقريرها بأنه مع انهيار قطاع السياحة في أغلب البلدان، تسعى الدول ﻹيجاد طرق لجذب السياح خاصة مع غياب اﻷوروبيين والأمريكيين، ففي مصر أعلنت الحكومة الشهر الجاري أنها ستمنح السياح الصينيين تأشيرات الدخول عند وصولهم كوسيلة لتعزيز السياحة، وتونس تسعى لجذب السياح من الجزائر لمحاولة إبقاء القطاع على قدميه.
