"بذاءات.. سباب.. شتائم.. ألفاظ خارجة.. فضائح.. تصفيق"، بهذا يمكن أن نلخص حال المشهد الإعلامي الذي نعيشه في الوقت الراهن، في ظل صمت تام من الدولة إلى جانب غياب الدور الرقابي من الأجهزة المنوط بها مراقبة كل ما يقدم على الشاشات، ليجد المشاهد نفسه فريسة أمام أبواق إعلامية كل ما يشغلها هو التصفيق لكل ما يقدمه النظام الحالي دون تقديم أية دلائل أو أسباب موضوعية لأسباب تأييدهم لقرارات النظام أو سياساته. وفي لقاء الرئيس السيسي مع مجموعة من شباب الصحفيين والإعلاميين على هامش افتتاح مصنع «أحادي وثلاثي سوبر الفوسفات المحبب ٢»، بمجمع شركة النصر للكيماويات الوسيطة بمحافظة الفيوم، أمس الخميس قال السيسي حول المفضل لديه من الإعلاميين، (أنا باحب صاحب الأخلاق الرفيعة، الماهر والمخلص)، وذلك حسب تأكيد الإعلامي رامي رضوان. سباب وبذاءات.. إعلام المرحلة حالة الفوضى التي يعيشها الحقل الإعلامي، تسببت في حدوث انقسام في جبهة الإعلاميين بين مؤيدين يُغدق عليهم النظام بمنحه وعطاياه، حتى وصفهم البعض نتيجة قربهم من النظام وتلازمهم مع الرئيس في كل جولاته وزياراته الخارجية بلفظ "المُبشرين"، مثل الإعلامي أحمد موسى وسيد علي ووائل الإبراشي وعبد الرحيم علي وأماني الخياط ويوسف الحسيني وعمرو أديب. في حين يأتي الفريق الآخر المعارض للرئيس الذين يصفهم البعض ب"المغضوب عليهم" نتيجة آرائهم المعارضة للنظام الحالي وسياساته مثل باسم يوسف وريم ماجد ويسري فودة. مناوشات بين الإعلاميين على الهواء وصل المشهد الإعلامي لذروة الفوضى، حينما شهدت شاشات الفضائيات حلقات من السجال بين الإعلاميين بعضهم البعض، كان أبرزها المشادة الكلامية على الهواء مباشرة بين الاعلامي "عمرو أديب" و"خالد صلاح" بسبب مقال نشره الأخير عن تقصير أمني فى حادث استهداف قضاة العريش، وهو ما تسبب في أزمة كبرى بين الطرفين كادت أن تصل لحد المحاكم لولا أن انتهت بالصلح بين الطرفين. وتكرر الأمر في مشادة أخرى بين الإعلامي أحمد موسى وخالد صلاح بسبب قيام الأول بعرض صور فاضحة للنائب والمخرج خالد يوسف، وهو ما أثار انتقاد صلاح وتحولت منصات الإعلام بينهما لحلقات من المناوشات الكلامية والهجوم المتبادل. أحمد موسى.. وجبة دسمة للسوشيال ميديا أصبح الإعلامي أحمد موسى وجبة دسمة لمواقع التواصل الاجتماعي، تنديدًا بمواقفة المؤيدة باستمرار لسياسات النظام الحالي وهجومه اللاذع على المعارضين للرئيس السيسي، والتي كان آخرها هجومه على حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي، بعد التدوينة التي كتبها الأخير على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حينما قال إن تراب كفر شكر أطهر ممن يحاولون اغتيال صوت يوسف الحر، على خلفية نشر الأول صورا فاضحة للمخرج والنائب البرلماني خالد يوسف. وقال موسى، خلال برنامجه "على مسئوليتي" المذاع على فضائية "صدى البلد": "اخرس اللي طالع يتطاول من شوية وهو عارف نفسه.. إنت بالذات تتلم وإلا هاقعدك في بيتك"، مستطردا "إنت مين علشان تقفل برنامجي إنت طالبت بمحاكمتي وحبسي مش إنت اللي تقول برنامجي يتقفل.. هو أنا باكلمك ولا باكلم الخونة اللي إنت بتدافع عنهم، باكلم شعبي وجمهوري إنت آخر واحد تتكلم". وأضاف: "تطلع تقول اللي قولته من شوية، قسمًا بالله العظيم لو هاقعد في بيتي هخلي الناس تضربك بالجزم في الشارع". وفي السياق نفسه، نشر موسى مكالمة مسجلة، زعم أنها للإعلامي محمد الغيطي، وذلك بعد هجوم الأخير عليه، بسبب نشره صورًا مخلة للمخرج خالد يوسف. وأظهر التسجيل المسرب، مكالمة بين القيادي بجماعة الإخوان، الدكتور عصام العريان، والإعلامي محمد الغيطي، والتي يحاول فيها الأخير إقناع العريان بالحضور لعرض مسرحي عن ثورة 25 يناير. وقال موسى في برنامجه "على مسئوليتي"، المذاع على فضائية "صدى البلد"، موجهًا حديثه للغيطي: "يا أخي غطي نفسك الأول". توفيق عكاشة.. إعلامي في البرلمان وقعت مشادة كلامية حادة، مؤخرًا بين الإعلامية إيمان أبو طالب، ورئيس قناة "الفراعين"، توفيق عكاشة، الذي حصل على مقعد البرلمان، الخاص بدائرة طلخة ونبروه في محافظة الدقهلية. وأثناء مداخلة هاتفية ل«عكاشة»، مع إيمان أبو طالب، مقدمة برنامج «نواب 2015»، عبر فضائية «إم بي سي مصر 2»، قال إنه حصل على أعلى الأصوات بانتخابات مجلس النواب، بنحو 94 ألف صوت، لافتًا إلى أنه سيترشح لانتخابات رئاسة البرلمان، فعلقت: «ليه يا دكتور»، فرد مستنكرًا: «هو أنا كنت رشحت نفسي في البرلمان ليه يا أستاذة، علشان خاطر المرحلة الجاية تتطلب رئيس برلمان له مميزات خاصة، أولها ممارسة العمل السياسي لفترة طويلة». وخاطبته مقدمة البرنامج، قائلة: «من حقك ومن حق كل من نجح في دخول البرلمان أن يترشح»، فعلق عكاشة: «الكلمة دي معناها إنك بتستهزئي بيّا، إنتي بتكلمي مفجر الثورة»، فردت: «أنا مش بستهزأ بيك ولا حاجة، وبعدين أنا باكلم نائب برلمان زي أي نائب آخر، أنا مابكلمش مفجرين ثورات، هذا ليس حقيقيا»، فقال: «القناة اللي إنتي بتشتغلي فيها دي غلط، يلا مع السلامة»، فاختتمت: «دكتور عكاشة باشكرك، لأنك خرجت عن حدود المكالمة وحدود السياق أيضًا». سيد علي .. ألا لا يجهلن أحد علينا في سياق موازٍ، دخل سيد علي في مشادة كلامية مع معتز الدمرداش، حينما هاجم الإعلامي سيد علي، تصريحات الإعلامي، معتز الدمرداش، التي انتقد فيها قناة "العاصمة" حينما قال "يعمل دكتور الأعشاب، كأنه بيبيع مخدرات". وهو ما أثار انتقاد سيد علي قائلا: "دمك تقيل قوي يا معتز، وأنا مش عايز أفكرك قناة الحياة عملت معاك إيه، ومشيت من قناة المحور إزاي". وتابع على خلال حديثه ببرنامج "حضرة المواطن"، المذاع على قناة "العاصمة": "ماتستخفش دمك يا معتز لأن سيد علي والعاملين بالقناة لهم أنياب وأظافر، وماتضحكش على المشاهدين بتوعك، فيه حاجات كتيرة أنا مش عايز أقولها". أماني الخياط.. سفيرة الأزمات الدبلوماسية وفي واقعة كادت أن تسبب أزمة دبلوماسية بين مصر والمغرب، هاجمت الإعلامية أماني الخياط الحكومة المغربية في برنامجها على قناة "أون تي في" واتهمت الشعب المغربي بممارسة الدعارة تحت شعار الترويج للسياحة لدعم اقتصادها، واعتبار المغرب من الدول التي تحتل مراتب متقدمة في الإصابة بمرض الإيدز، وهو الموقف الذي جعل الكثير من المغاربة يطلبون تقديم اعتذار رسمي من الحكومة المصرية، لما بدر من "الخياط"، وتشويهها صورة المواطن المغربى، مما جعلها تتقدم باعتذار صريح للشعب المغربي على الهواء مباشرة. ودشن عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من المغاربة هاشتاج بعنوان الإعلامية المتصهينة ردا على ما قالته أماني الخياط. خالد أبو بكر: السيسي ترك الإسكندرية غارقة واجتمع برئيس "سيمنز" قال خالد أبو بكر إن الرئيس ترك الإسكندرية غارقة لأيام متواصلة واجتمع مع رئيس "سيمنز" الألمانية، مؤكدًا أنه كان يجب أن يكون هذا اللقاء مع وزير الكهرباء وليس مع رئيس الجمهورية. السيسي: مايصحش كده وانتقد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ما قاله الإعلامي وقال بشكل غاضب: ”هو فيه أيه.. أيه الكلام ده هو ينفع اللي بيتقال ده وحاجة صعبة اوي وميصحش كده“. وأضاف السيسي في كلمته: “فيه ناس بتنشر الجهل ومش فاهمة حاجة ولا عارفة أي حاجة في الدنيا ولا ينشرون وعي حقيقي بين الناس". خبراء إعلام: الإعلام في مصر تشبع بالتسريبات والتسجيلات الكثير من المتخصصين والمراقبين للأداء الإعلامي، أجمعوا على أن صمت الدولة على ما يعرض على الشاشات سواء تسجيلات أو تسريبات تتعلق بالنشطاء أو عرض صور فاضحة أو الاتجاه للانشغال بقضايا الدعارة والإثارة التي تثير الجدل في الرأي العام، نتيجة طبيعية لحالة الفوضى التي تشهدها وسائل الإعلام، مشيرين إلى أن غياب التشريعات الصحفية والإعلامية سبب رئيسي فيما يحدث، فضلا عن عدم وجود رغبة جادة لدى الدولة في إصلاح المناخ الإعلامي. وقال يحيى قلاش نقيب الصحفيين، إنه من غير المعقول أن يكون هناك بعض المذيعين الذين ليس لهم علاقة بالمهنة يخاطبون الجماهير لمدة أكثر من 5 ساعات يوميا على الشاشات، و"يفتون في أكثر من شيء فهذا غير معقول" حسب تعبيره، وهو ما يتطلب أن يكون هناك نقابة للإعلاميين تعطي ترخيصا لمزاولة المهنة، وتحاسب أعضاءها. وأشار إلى أن الإعلام تشبع الفترة الماضية بالتسريبات والتسجيلات وانتهاكات خصوصيات المواطنين والقانون، مما تسبب في حدوث حالة من الفوضى العارمة في مجال الإعلام. وأضاف قلاش، أن هناك التباسًا في المشهد، بما يعني أن هناك خلطا بين الإرهاب والحريات العامة، كما أن هناك محاولات من رموز مبارك للعودة للضغط من جديد، وهو ما جعل وسائل الإعلام تصنع نوعًا من الإحساس العام الذي يجعلها تقيم رقابة ذاتية على نفسها وتصبح ملكية أكثر من الملك. ولفت إلى أن التباس المشهد يجعل هناك أشياء يتم التعامل معها على أنها حقائق موجودة بالفعل، وخطورة هذا أنه حينما يتم تكريس ذلك خاصة إذا ما نُسب لدوائر قريبة للرئيس أو محسوبة عليه تصبح هناك مشكلة كبيرة. وتابع قلاش أن مهنة الإعلام أصبحت تستباح بشكل واضح بسبب تجاوزات بعض العاملين بالمهنة، متسائلًا: "ما الذي يجعل رجال أعمال يضخون ملايين في هذه الفضائيات ويستقطبون إعلاميين من أجل الإثارة من أجل برامج تنجح ويجعلونها سيركا لأي أحد؟". وأوضح نقيب الصحفيين، أن هؤلاء لم يتجاوزوا فقط التقاليد المهنية ولكن تجاوزا أيضًا كل الخطوط الحمراء الأخلاقية رغم أن الفضائيات تدخل كل بيت. القنوات الخاصة.. أذرع إعلامية لرجال الأعمال ومن جانبه، قال الدكتور حسن عماد مكاوي وكيل المجلس الأعلى للصحافة وعميد كلية الإعلام سابقًا، إن الرئيس يحاول استمالة الإعلاميين لكي يكونوا في صف الدولة وليس بجانبه، ولكن ما يحدث أن الإعلام في حد ذاته في حالة تخبط، حيث لا توجد تشريعات أو قوانين أو ضوابط لعمل وسائل الإعلام، وبالتالي يحدث خروج عن القيم والمألوف التي يجب الالتزام بها بصفة عامة. وأكد مكاوي أن الإعلام الخاص له أجنداته التي يعمل في إطارها، وإذا استشعر رجال الأعمال أن هناك خطرا على مصالحهم يبدأ الإعلاميون في الهجوم على قيادات النظام ويصل أحيانًا لمهاجمة الرئيس نفسه، وهذا هو الموقف الملتبس الذي نعيشه، لعدم وجود أية قواعد لضبط الإعلام. وأشار إلى أن كافة الشواهد والقرائن توضح أن الرئيس لا يتدخل في عمل الإعلام على الإطلاق، موضحًا أن السيسي يتمنى أن يكون الإعلام على مستوى المسئولية فيما يتعلق بالموقف الحالي الذي تمر خلاله البلاد. وأضاف مكاوي أن دور نقابة الصحفيين ليس كافيًا وحده، وإنما يجب أن يكون هناك أيضًا نقابة للإعلاميين والعاملين في الإذاعة والتليفزيون، ورغم أن القانون موجود لدى مجلس الوزراء منذ عدة أشهر إلا أن شيئًا لم يحدث على أرض الواقع، وبالتالي الإعلام بحاجة إلى أن يحصل على أولوية كبرى في العام التالي للرئيس، وأتصور أن الأولوية تأتي من خلال إقرار التشريعات الجديدة بشكل يضمن استقلالها وفي نفس الوقت محاسبة من يخرج عن القواعد المهنية. الكنيسي: نقابة للإعلاميين هي الحل الوحيد ومن جهته أوضح الإعلامي حمدي الكنيسي رئيس الإذاعة المصرية السابق، أن الإعلام انزلق لحالة من الفوضى والانفلات بصورة خطيرة للغاية خلال الفترة الماضية، مؤكدًا أن مسار الإعلام تحول لمنعطف خطير، موضحًا أن الإعلام لو استمر بهذا الوضع المأساوى سيؤدي إلى انهيار القيم والمبادئ، حيث أصبح يؤدى إلى حالة انشقاق ليس فقط في الشارع إنما بين أفراد الأسرة نفسها. وذكر الكنيسي أن الحل الوحيد هو تفعيل نقابة الإعلاميين لأنها المنوط بها الارتقاء بمستوى المهنة وإصدار ميثاق الشرف الإعلامي ومدونة الإعلام، وباعتبارها تمثل المجتمع المدني فهي الوحيدة صاحبة الحق في مراجعة ومتابعة ومحاسبة كل إعلامي، مشيرًا إلى أنه بدون الضوابط والقيادة فلا أمل للإعلام أن يستعيد توازنه.