كتب الأستاذ أحمد أمين فى كتاب "فجر الإسلام" أن العقل العربى مختلف تماماً عن العقل الغربى بسبب اختلاف الموروث الثقافى والتاريخى والموقع الجغرافى. باختصار، العقل العربى لا يميل أو يستسيغ فكرة التفكير العميق والتفلسف والتحليل والتعليل وفهم الصلة والارتباط بين العلة والمعلول فهماً تاماً! يفضل العقل العربى التفكير المادى أو الظاهرى للأشياء والحكم بأحكام الماهيات والغالب عليهم الفطرة والطبع بدلاً من النظر إلى الأشياء نظرة عامة شاملة. إذًا نستطيع أن نستنتج أن مشكلة "الفشل المزمن" المصاحب للدولة المصرية (إلا فى فترات قصيرة ومتباعدة) يرجع إلى عدم التحليل والتعليل والربط بين السبب والمُسبب مما يعنى عدم تحليل الاخطاء من أجل الاستفادة من التجارب أو المواقف السابقة! قد يختلف البعض معنا على أساس أن العقل المصرى ليس مثل العقل العربى تماماً بما أننا أصحاب تجربة تاريخية وثقافية مختلفة. وهذه قد تبدو وجهة نظر صائبة ولكن منذ الثمانينيات وما حدث من هجرة كثير من المصريين إلى الدول العربية ومع تصديرهم لنا للفكر الوهابى السلفى المظلم، نستطيع أن ندعى بكل أريحية أن العقل المصرى الآن يشابه كثيراً العقل العربى فى عدم الميل إلى التفكير العميق وإلى التفلسف. على سبيل المثال، يعتبر المجتمع المصرى أن عامل الخبرة من أهم مقومات النجاح! لكن المصيبة تكمن فى تعريفنا وتحليلنا لها على أساس عدد سنين العمل أو الوظيفة وهذا خطأ فادح. أغلبية المجتمع المصرى ما زالت واثقة فى فئات معينة (ذو خلفيات أو وظائف محددة) لإدارة الدولة من منطلق مفهوم الخبرة! خد بالك، إن عمل موظف فى وظيفة واحدة ثابتة ومحددة، وبدون تغيير فى المهام أو الاختصاصات، لمدة عشرة سنوات مثلاً، سيكون من الخطا أن أدعينا أن هذا موظف ذو خبرة عشرة سنوات. الخبرة الحقيقية تُثقل من تعدد التجارب والمواقف وأختلاف المهام ومن مدى الاستفادة من الاخطأ والتجارب الفاشلة بعد عملية التحليل والتعليل والتعمق فى التفكير! قال حكيم مغمور مُعرفاً الخبرة بأنها القدرة على عدم الوقوع فى الأخطاء الكثيرة التى وقعت بها أو تورط فيها مسبقاً! أسئلة للتدريب على التحليل والتعليل! ما هو الوصف الادق للنظام الاسبق، فاسد أم فاشل؟ تعريف الفساد هو سؤء أستخدام للقوة أو السلطة العامة (أو الخاصة فى حالة التعامل بين الافراد فى حياتهم الشخصية) من أجل تحقيق مصالح شخصية. أما تعريف الفشل هو تكرار الاخطأ وعدم القدرة على التعلم والاستفادة منها! وبناءً عليه نستطيع أن نصف النظام الاسبق بالفاسد وليس بالنظام الفاشل. يعنى، سنكون مخطئين أن أتهامنا أحداً من رموز النظام الاسبق بالفشل بل كانوا معلمين وأساتذة فى الفساد (لا قدر الله، كله براءة يا ظلمة)! فى الختام، سؤال للقارئ طبقاً إلى ما ورد ذكره، ما هو الوصف الأدق للنظام الحالى؟ فاسد أم فاشل؟! إن انزعج البعض من الإجابة ومن المقال، ما لنا غير تكرار ما قاله صلاح جاهين: دي مزكرات وكتبتها من سنين، في نوتة زرقا لون بحور الحنين، عترت فيها، رميتها في المهملات وقلت صحيح، أما صحيح كلام مخبولين، عجبي!