أثار انتشار ما يسمى ب"المصحف البناتي"، غضب الرأي العام، فذلك المصحف الذي يحمل زخرفات ورود، وصفحات مطبوعة بألوان الطيف، يمثل حرجًا كبيرًا للمؤسسات الدينية، وفي القلب منها مشيخة الأزهر الشريف، والإمام الأكبر، أحمد الطيب. فتلك النسخ من المصحف توزع في الأحياء الشعبية، مثل السيدة زينب والسيدة نفيسة والجمالية والحسين، الذي يبعد خطوات من مقر المشيخ، دون أن يتحرك ساكن داخلها، ما اعتبره البعض فقدان لسيطرة الأزهر، وصمت على انتهاك صريح لقدسية كلام المولى عز وجل. وأوضح الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن تداول المصحف الملون، أو كما درج تسميته ب"البناتي"، يؤكد التقصير في التعامل مع القضايا الدينية، خاصة وأنه يحتوي زخرفة من ورود وألوان، ما يجعل توزيعه حرام شرعًا، فإصدار مصحف ذي زخرفة مبالغ بها وألوان مبهرجة، عمل مكروه بإجماع الفقهاء. وأضاف كريمة، في تصريحات ل"التحرير"، أن الواقعة "كبرى"، ولابد من تحرك جميع المؤسسات الدينية للتصدي لها، على أن يتم، وبسرعة، إنشاء مطبعة خاصة بالأزهر لطباعة المصحف، مع تجريم تداول النسخ الأخرى بقوة القانون، منوهًا بأن المملكة العربية السعودية خصصت مجمع الملك فهد لطباعة المصاحف، لأجل هذا السبب. وذكر أن المسئولية القانونية، التي يجب أن تطال القائمين على توزيع وطباعة تلك النسخ، يجب أن يضم إليها رئيس لجنة المصحف بمجمع البحوث الإسلامية، باعتباره، وفقًا لصفته المهنية، المسئول المباشر عن إعطاء تصاريح طباعة المصاحف. ومن جهته، نفى الدكتور عبد الكريم إبراهيم، رئيس لجنة المصحف ب"البحوث الإسلامية"، تقصير اللجنة في التعامل مع قضية المصحف الملون، مشددًا على أن اللجنة اجتمعت خلال الساعات الماضية بحضور رئيس المجمع، الدكتور محيي الدين عفيفي، وتم مناقشة القضية والاتفاق على العديد من الخطوات في التعامل مع الأزمة، ورفع تقرير موسع لشيخ الأزهر، أحمد الطيب. ونوه إبراهيم بأن الزخرفة التي تجوز شرعًا للمصحف الشريف، لابد أن تحفظ هيبته ووقاره، أما مثل تلك النسخ، فتمثل انتهاكًا لكرامة ومكانة المصحف، مشيرًا إلى إبلاغ الجهات المعنية للتعامل مع الأزمة. ومن جانبها، قالت الدكتوره آمنه نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة، إن توزيع المصحف "البناتي" بمثابة "بيزنس كبير"، وليس مجرد طباعة عدد معين من المصاحف، لافتة إلى أنه أذا لم يكن للأزهر موقفًا واضحًا من تلك الأزمة، ستنتشر تلك النسخ في أنحاء الجمهورية؛ لإقبال البنات عليها، وعقبت بأن تلك التجارة "تكشف موت الضمير الذي سمح لنفسه بأن ينال من هيبة كتاب الله من أجل الربح". وحول حديث البعض عن غياب سيطرة الأزهر على طباعة المصاحف، ذكرت أن طباعة المصحف تتطلب الحصول على تصريح من قبل المجمع، والتصريح يخرج بناءً على النسخ محل الطبع، التي تقدم بيضاء دون أي زخرفة، وبالتالي يصعب بعد ذلك السيطرة على عملية الطباعة. وأكدت مصادر داخل المشيخة، أن الطيب سيعقد لقاءً مع مسئولين بالدولة خلال الساعات القليلة المقبلة؛ للتنسيق معهم لإيجاد مطبعة خاصة للأزهر لطباعة المصاحف؛ تخوفًا من العبث بالمصحف تارة بالألوان، وأخرى بحذف آيات، إذ ما ترك الأمر على وضعه الحالي.