12 خطوة تمكنك من الالتحاق بمعهد معاوني الأمن.. وهذا موعد التقديم| إنفوجراف    مدير «مستقبل مصر»: الإعداد لإنشاء شركة تحول رقمي بالتعاون مع وزارتي الزراعة والري    الرئيس السيسي: «لو عندنا مياه تكفي زراعة 100 مليون فدان كنا زرعناهم»    زراعة 110 أشجار مثمرة في مركز المنيا للحد من التلوث وتوفير مساحات خضراء    جنوب أفريقيا: نرحب بتغيير موقف الرأي العام الدولي بعد قضيتنا في «العدل الدولية»    «فاينانشيال تايمز»: آمال بايدن الانتخابية تتراجع مع ارتفاع الأسعار والتضخم مرة أخرى    وزيرة التضامن تتوجه للبحرين للمشاركة في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال    «فورين أفيرز» الأمريكية: الناتو لا يمكنه الصمود بدون الولايات المتحدة    أدار نهائي الكونفدرالية.. طاقم تحكيم كيني لمباراة مصر وبوركينا فاسو    مديرية التعليم ببورسعيد تعقد اجتماعا لبحث استعدادات امتحانات الشهادة الإعدادية    محافظ القاهرة: استمرار الحملات التفتيشية على الأسواق والمحال والمطاعم والمنشآت    السكة الحديد: تشغيل قطارات إضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    «البحوث الإسلامية» يفتتح أول فرع لإصدارات الأزهر العلمية    لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟.. الأزهر للفتوى يوضح    صحة أسيوط تعلن وصول جهاز الأول من نوعه في العلاج الطبيعي للمحافظة    وزيرة خارجية جنوب إفريقيا: نطمح في وقف إطلاق نار دائم بغزة    وزير التعليم يستقبل الأمين العام للمدرسة الرقمية (تفاصيل)    هل ويست هام قادر على إيقاف مانشستر سيتي؟ رد ساخر من ديفيد مويس    مرسيدس تتخلى عن خطة إنتاج سلسلة موديلات تقتصر على السيارات الكهربائية اعتبارا من 2028    جامعة بني سويف التكنولوجية تفوز بجائزة التميز في تكنولوجيا البيئة والطاقة الخضراء    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي الخامس عشر    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    إحالة المتهم بقتل جاره بالأميرية إلى محكمة الجنايات    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    مدحت العدل: ليس مطلوب من محمد هنيدي أن يقدم أعمالاً ناجحة    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    روسيا: مقتل15 شخصا على الأقل في هجوم على مجمع سكني في بيلجورود    مؤتمر أنشيلوتي: بعد هذه الخسارة أصبحت الأمور أفضل.. وهؤلاء يمكنهم التدريب    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    عودة أنشطة حديقة الفنون بمناسبة بدء الإجازة الصيفية    مصر تُبلغ "رسالة" لوسطاء مفاوضات غزة.. مصدر رفيع المستوى يكشفها    مدير «مستقبل مصر»: الرئيس السيسي كلفنا بإدارة التصنيع الزراعي في قها وإدفينا    عبدالرزاق يفتتح أعمال الجلسة العامة للشيوخ لمناقشة السياسات المالية والضريبية    مد فترة التقديم على وظائف المدارس التطبيقية الدولية حتى 20 مايو الجاري    بالفيديو.. لماذا حج سيدنا النبي مرة واحدة؟.. أمين الفتوى يجيب    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي 15 بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    "صدر المنصورة" تحصد المركز الأول ضمن فعاليات مؤتمر جميعة الأمراض الصدرية    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    قبل جلساته لمناقشة "قانون العمل".. ماذا تعرف عن المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي بشأن العمل؟    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    للسيدات.. تعرفي على أعراض سرطان المبيض    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الترسانة يواجه ديروط لحسم بطاقة التأهل الأخيرة لترقي الممتاز    مبابي يستفيد من هدية استثنائية في ليلة التتويج بالدوري الفرنسي    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«فساد عابر للقارات».. ننشر فضائح شركة «إيني» صاحبة اكتشاف غاز «شروق»
نشر في التحرير يوم 18 - 09 - 2015

غياب استراتيجية متكاملة للطاقة في مصر، جعل الحكومة تُبرم اتفاقات ظالمة مع الشركات الأجنبية للكشف عن حقول الغاز والبترول في الأراضي المصرية، تلك الاتفاقات التي تجعل النصيب المصري من ناتج الحقل المكتشف، سواء كان غاز أو بترول، يقل عن 50% من إجمالي الناتج الكلي للحقل، وتذهب النسبة الأعلى المتبقية إلى الشركات الأجنبية كمقابل لما تنفقه الشركة من مصروفات على لتنقيب وغيره.
وبمقتضي تلك الاتفاقيات؛ يقوم الشريك الأجنبي بالإنفاق على عمليات الاستكشاف والبحث والتنقيب والاستخراج، وفي حالة عدم اكتشافه خلال العقد المبرم بين الطرفين لا يسترد ما ينفقه، وإذا ما تم الاكتشاف، فإنه يسترد نسبة ما ينفقه من خلال نسبة من الأنتاج الكلي، غالبا ما تتراوح بين 35% إلى 40% مقابل نفقاته التي يستمر في الحصول عليها سنويا حتي يكتمل السداد، أما ما تبقي بعد حصة سداد النفقات، فإن الشريك الأجنبي يحصل على نسبة إضافية تقدر ب 25% مما تبقي بعد حصة استرداد النفقات، ثم تحصل مصر على ما يتبقي، وهو أقل من 50% فقط من الإنتاج.
هذه الإتفاقات، بالصورة الموضحة سالفًا، حوّلت أصبحت مصر إلى أكبر مستورد لمنتجات البترول والغاز في الشرق الأوسط، رُغم ما تتمتع به من كشوف لحقول غازية ونفطية، حيث أصبح استهلاكها المحلي يتجاوز نصيبها من الإنتاج الكلي، وهو ما يدفعها إلى تغطية هذا العجز بالشراء من نصيب الشريك الأجنبي بالعملة الأجنبية وبالأسعار العالمية وقت الشراء، ما يترتب على ذلك تراكم الديون المستحقة للشركات الأجنبية،ودفعها للتهديد بالتوقف عن تنمية الحقول المكتشفة، مالم تحصل على باقي مستحقاتها، إلى حد أصبحت فيه تلك الشركات «دولة داخل الدولة».
ومثال على تلك الاتفاقات، وقّعت الحكومة المصرية اتفاقية في يونيو الماضي للتنقيب عن الغاز،وقبل شهرين من الاكتشاف الأخير الأكبر لحقل الغاز المصري مع شركة "أيوك برودكشن بي في"، الممثلة لشركة "إيني" الإيطالية لإنتاج الطاقة لتنفيذ أنشطة استكشافية وتنموية بملياري دولار علي مدار ثلاثة أعوام .
"إيني" .. رحلة التنقيب والفساد العابر للقارات في حقول الغاز العالمية
وخلال رحلة البحث عن معلومات حول الشريك الإيطالي الجديد "إيني" بصفته صاحب الاكتشاف الأكبر لحقل الغاز المصري "شروق"، توصلنا إلى أن معظم اتفاقيات "إيني" للتنقيب بعدد من الدول العربية والإفريقية والأسيوية، محل اتهامات بالرشوة، والفساد، والتواطؤ مع مسئوولين تنفيذيين بهذه الدول، التي نستعرض بعضها على سبيل المثال لا الحصر، لتوضيح نشاط الشريك الأجنبي، واستثماراته في العديد من الدول التي تتولى الشركة إدارة البحث والتنقيب في حقول الغاز الخاصة بها، ثم نعود ثانية لوضعها في مصر خلال الفترة الماضية ...
الجزائر..197 مليون يورو تدفعهم "إيني" رشاوى لوسطاء حكوميين
في الجزائر، طالب المحققون الإيطاليون بمحاكمة "إيني" وشركتها التابعة لها "سايبم" للهندسة والاستكشاف النفطي والتي تمتلك "إيني" نحو 43% منها، وذلك بتهمة دفع رشاوى لمسؤولين ووسطاء حكوميين بالجزائر، ليفوزوا بعقود التنقيب، بحسب ما نشرت وكالة أنباء "رويترز" بتاريخ 12 فبراير 2012
وجاء نص ما أوردته رويترز أن شركة "إيني" دفعت 197 مليون يورو "224 مليون دولار" كرشاوى تم تقديمها على أنها تكاليف وساطة لوسطاء حكوميين لتعاقدات ب 8 مليار يورو مع شركة "سوناطراك الجزائرية" التي يواجه فيها عدد من المسئولين تهما في القضاء الجزائري.
وحسب ما نشرت وسائل إعلام جزائرية من بينها؛ "الجزائر تايم"، و"ميدل إيست" فقد تم منح 123 مليون دولار رشاوى من "إيني" تم حجزها لمسؤول جزائري يُدعى فريد بجاوي، الذراع الأيمن لوزير الطاقة الجزائري السابق شكيب خليل، في إطار فضيحة فساد تورط فيها عملاق النفط الإيطالي "إيني" بالجزائر.
كما أن مدير شركة "Saipem" بيترو تالي اضطر للاستقالة في ديسمبر 2012 بسبب تلك القضية، بينما أوقفت المجموعة الإيطالية "احتياطيا" بيترو فارون، مسئول قسم الهندسة والبناء بالشركة والذي يعتبر حلقة الوصل في عملية الفساد في نفس اليوم الذي صدر فيه أمر توقيف فريد بجاوي في 28 يوليو 2012.
لكن الشراكة الإيطالية الجزائرية التي بدأت منذ عام 1981، ورغم ما نُشر عما يشوبها من فساد، جعلت الشركة تتوسع في نفوذها، وأصبحت لديها مصالح واسعة في الجزائر والبلاد الغنية بالغاز، وحاصلة على سلسلة من تراخيص التنقيب عن الغاز والتنمية، خاصة أن الجزائر واحدة من موردي الغاز الرئيسي في إيطاليا، وتوفر مصدر بديل للغاز الروسي.
ليبيا.. مدفوعات غير شرعية لمسئولين ليبيين من قبل شركة "إيني"
وفي دولة أخرى، يجري حاليا في ليبيا التحقيق مع نفس الشركة "إيني" الإيطالية عن مدفوعات غير شرعية لمسئوليين ليبيين، خلال عهد الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، بما يعد انتهاكا لقانون ممارسات الفساد الأجنبية ، وتتولى التحقيق "لجنة الأوراق المالية والبورصات" الليبية.
وقالت "إيني" في تقريرها السنوي أنها تلقت طلب قضائي من "لجنة الأوراق المالية والبورصات" لتسليم وثائق تتعلق بعملها في ليبيا خلال الفترة من 2008 إلى 2011، للتحقيق بشأن مدفوعات غير مشروعة لمسئولين ليبيين، رغم أنها تعد واحدة من شركات الطاقة الأولى العاملة في مجال التنقيب عن الغاز وتصل إيرادتها في ليبيا وحدها إلى نحو 13 % من عمليات الحفر والاستكشاف هناك قبل الحرب التي أغلقت الأبواب أمام كثير من العاملين في مجال الطاقة، حينما فرضت قوات حلف شمال الأطلنطي الحظر الجوي حينذاك لشن حملة عسكرية ضد نظام القذافي في نهاية ديسمبر 2011.
رشاوي مقدمة لإثنين من مدراء شركة"إيني" مقابل عقود تنقيب عن النفط من الباطن في العراق والكويت
وفي الكويت والعراق، قامت النيابة العامة في ميلانو بتحقيق شامل بشأن فساد "إيني" ورشاوى مقدمة لاثنين من المديرين التنفيذيين بالشركة (نائب رئيس شركة سايبم نييرو كابانا ومدير شركة إيني دييغو براغي) وثلاثة وسطاء من شركات الهندسة والبناء الإيطالية في مقابل عقود من الباطن للتنقيب عن النفط في الزبير بالعراق، والحقول الجوراسية بالكويت، وأعلنت الشركة في بيان لها أن شركتي "إيني"، و"سايبم" اتخذتا إجراءات تأديبية وقائية ضد الأفراد المعنيين لحماية مصالحها وسمعتها.
وقال مصدر قضائي قريب من التحقيقات أن الرشاوى والعمولات أيضا تتعلق بشركات أخرى إيطالية، من بينها: "بوناتي، أنسالدو، أليترا انيرجيا، رينسو، أليترا بروجيتي" منذ عام 2009، في حين منحت شركة سايبم العام الماضي عقدا لهندسة وبناء منشآت النفط ومعالجة الغاز في الكويت.
وكانت سايبم، وخمسة من أعضاء مجلس إدارتها، مثلوا للمحاكمة في ميلان منذ أبريل 2010 بتهم متعلقة برشاوى قدموها في عامي 1995، 2004 للحصول على عقود في نيجيريا، حيث كانوا جزء من طاقم دولي، وتم تغريم شركة "إيني" والشركة التابعة لها بنحو 365 مليون دولار في عام 2010 من قبل السلطات الأمريكية.
شبهات فساد واتهامات بالرشاوى وراء استبعاد "إيني" من تونس ورفض البرلمان تمديد رخصتها
وبعد ثورة تونس وسقوط نظام "زين العابدين بن علي" خرجت "إيني" بعد 80 عاما من "التنقيب" في حقول غاز تونس، إثر شبهات فساد، ورفض المجلس التأسيسي "البرلمان" تمديد رخصتها بمنطقة برج الخضراء، نظرا لعدم التزامها بالحلول الفنية المتفق بشأنها مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بامتياز "آدم" الذي بلغت قيمة الغاز المحروق به 93 مليون متر مكعب خلال عام 2010 بحسب ما ورد في تقرير دائرة المحاسبات، فضلاً عن معدل التأخير لمدة فاق ال6 سنوات ليصل إلي 14 عاما في إنجاز عمليات التدقيق في مصاريف الامتيازات الغازية في كل من "وادي الزار، جبل قروز، آدم" التابعة لشركة إيني فاق، ما يزيد من معدلات النفقات المتعلقة بأعمال الاستكشاف وفق التقارير الخاصة بالتدقيق، ويبلغ عدد هذه التقارير 27 تقريرا بإجمالي 1361 مليون دولار"نفقات الشركتين التونسية والإيطالية" .
533 مليون دولار رشاوي لمسئولين ووسطاء نيجيريين لشراء امتيازات حقل نفطي
وفي نيجيريا، تم الكشف عن فساد مرتبط بعقد "إيني" لشراء حقل OPL-245 النفطي، حيث أن قيمة كبيرة من العقد دفعتها إيني رشاوى، وهو ما دفع النيابة الإيطالية لمطالبة بريطانيا بتجميد 85 مليون دولار لمسئوليين في شركة إيني للتآمر برشوة مسؤولين نيجيريين.
على أثر ذلك، تم وضع مدير الشركة التنفيذي السابق باولو سكاروني والمدير الحالي كلاوديو ديسكالزي قيد التحقيق بتهمة الفساد الدولي المحيطة بصفقة أوبل "245" لشراء امتياز الحقل النفطي البحري عام 2011 من الحكومة النيجيرية.
وبحسب ما نشرته رويترز على لسان ممثلو الإدعاء الإيطالي في الرسالة التي بعثوا بها إلى مكتب الإدعاء الملكي في المملكة المتحدة، أنه تم دفع ما لايقل عن 533 مليون دولار لمسئولين ووسطاء نيجيريين ساعدوا في تأمين عملية البيع، مطالبين الإدعاء الملكي بتجميد الأصول المشتبه بها.
وأعلن المركز الأفريقي للطاقة عبر موقعه الرسمي على الإنترنت في العاشر من أكتوبر الماضي أن العقد مليئ ببنود تم التفاوض عليها بشكل سيئ يخدم مصالح إيني بدلا من غانا.
وفي البرازيل، تم إلغاء الاتفاق مع "إيني" للتعاقد بشروط جديدة بعد كشف
احتياطي ضخم من الغاز بحقل مجاور لإيني، حيث كشفت صحيفة "الوول ستريت" أن السلطات البرازيلية تتهم شركة"سايبم" الإيطالية المملوكة ل"إيني" بالتورط في مخطط الفساد التي تورطت فيها الشركة البرازيلية التي تديرها الدولة للنفط "شركة بترومليو SA" أحدث شركة دولية، لتصبح متورطة في فضيحة واسعة النطاق.
"غاز مصر".. آخر ضحايا الشركة الإيطالية في الشرق الأوسط
قائمة طويلة من الدول العربية والإفريقية التي تعاملت مع الشركة الإيطالية والشركة الأخرى التابعة لها "سايبم"، وسلسلة من البلاغات والاتهامات بالفساد والرشاوى التي تحيط بأنشطة الشركتين للتنقيب والاستكشاف في عدد من دول العالم التي ذكرناها سابقا، إضافة إلى أنجولا، وموزمبيق، والجابون، وكازاخستان، وغانا، وصولا إلى شركة "غاز مصر"..
ففي نهاية الشهر الماضي أعلنت شركة "إيني" التابعة للحكومة الإيطالية عن اكتشافها أكبر حقل للغاز في البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل المصرية، بما يكشف عن 30 تريليون متر مكعب من الغاز في مصر وحدها، ويعادل نحو 5.5 مليار برميل من المكافئ النفطي ويغطي مساحة تصل إلى 100 كيلو متر مربع.
32 مليار دولار.. خسائر مصر بتوقيع اتفاقية "بريتش بتروليوم" البريطانية
الشركة الإيطالية لم تكن الأولى في مجال التنقيب والاستكشافات البترولية في مصر، بل سبقتها شركات أخرى عديدة، آخرها شركة "بريتش بتروليوم" البريطانية التي ورثت الإتفاقية الأولى بالإسكندرية طبقا للقانون رقم 15 لسنة 1992 والتي كانت موقعة بين الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة "ريبسول" الأسبانية لتبدأ العمل رسميا عام 1998 بإعلانها اكتشاف حقل هائل في منطقة الإمتياز "شمال الإسكندرية"، لكنها لم تقدم لمصر حصتها المقدرة بنسبة 70% أو غرامة التأخير طبقا لبنود الإتفاقية، ومنذ ذلك الحين لم تحفر الشركة بئرا واحدا رغم تجديد امتيازها طوال 20 عاما .
وفي عام 2008 طلبت الشركة البريطانية تعديل بعض بنود عقد التنمية بدعوى ارتفاع تكلفة الحفر والإنتاج، ومضاعفة مكسب الشركة 24%، ومن ثم كانت تلك أول مخالفة منها لقاعدة "لا عقود تنمية إلا بعد تحقيق اكتشافات"، والذي تكرر مرتين بعد ذلك، في المرة الأولى تمت الموافقة على تعديل الربح ليصل إلى 64 % مقابل 36 % للهيئة العامة للبترول، رغم ارتفاع سعر الغاز خلال تلك الفترة إلى 3 دولار للمليون وحدة حرارية.
الهيئة العامة للبترول تستورد الغاز من الحقول المصرية!
بعد ذلك تنازلت حكومة أحمد نظيف للشركة البريطانية عن 13 مليار دولار، وأنهت العمل بنظام تقاسم الإنتاج لتصبح هي المالك الوحيد طوال فترة التنقيب والإستثمارات المقدرة ب 20 عاما، لتتحول الهيئة المصرية العامة للبترول إلى مستورد داخلي للكميات المنتجة من حقولها، فضلا عن تحملها كافة الضرائب نيابة عن الشركة فيما يعرف بمرحلة "ما بعد الاستثمار" .
وهو ما تكرر للمرة الثالثة مع حكومة هشام قنديل خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي ومنحها نحو 11 مليار دولار إضافية في صورة استثمارات لمساعدتها في استخراج الغاز من البحر المتوسط، كرسالة إيجابية للمستثمر الأجنبي، والأمر ذاته تكرر للمرة الرابعة على هامش المؤتمر الاقتصادي الأخير المنعقد بشرم الشيخ.
في المقابل طالبت الشركات الأجنبية الحكومة المصرية في الخامس عشر من يونيو الماضي بالإسراع برفع أسعار شرائها للغاز المنتج من الحقول المصرية إلى أربعة دولارات للمليون وحدة حرارية، حتى تبدأ تلك الشركات في عمليات التطوير والتنمية للحقول غير المستغلة، فضلا عن مطالبة الشركاء الآخرين للهيئة المصرية بالحصول على نفس امتيازات الشركة البريطانية، الأمر الذي وافقت عليه الحكومة المصرية الممثلة في وزارة البترول في الخامس من يوليو الماضي على رفع أسعار الغاز من شركتي "إيني" و"أديسون" الإيطاليتين إلى 100% لتشجيع المستثمرين.
ووافقت الحكومة المصرية في النهاية، على رفع السعر من 2.65 دولار للمليون وحدة حرارية إلى 5.88 دولار، وذلك وفقا للكميات المنتجة، في ظل غياب كامل للمؤسسات الرقابية بالدولة.
وبنهاية شهر أغسطس الماضي، صرح كلاوديو ديسكالزي، المدير التنفيذي لشركة "إيني" الإيطالية في مقابلة له مع صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية بأنه يمكننا بيع حصة من الغاز، ولكننا لم نفعل ذلك لتغطية احتياجات السوق المصري، وفي سياق الخبر: "إيني" تقول إنها لن تفعل ذلك بالضرورة والغاز الجديد يهدف السوق المحلي بأسعار"لا" ترتبط بأسعار النفط.
لكن عدم ربط السعر بأسعار النفط يجعلنا نتساءل عن الآلية التي تم على أساسها رفع السعر إلى 5.88 دولار؟ ولماذا الشركة الإيطالية بالذات؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه.
تفاصيل الاتفاقية المجحفة الموقعة مع الشركة الإيطالية في امتياز حقل "شروق"
الشركة الإيطالية بدأت العمل داخل حقول الغاز في مصر منذ عام 1955 عبر شركة "IEOC" بالتعاون مع عدد آخر من شركات الاستخراج والتنقيب الأجنبية، وتضاربت التصريحات الرسمية عن تفاصيل الاتفاق المبرم مع "إيني"، خاصة حصص الملكية والاستحواذ، بداية مما ورد في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات لعام 2014 تحت عنوان "فساد منظومة الشراكة مع شركات اقتسام الإنتاج وأزمة نقص الطاقة داخل قطاع البترول المصري وسيطرة الشريك الأجنبي على ذلك القطاع الإستراتيجي"، مرورا بعدد من التصريحات الرسمية المتضاربة التي تكشف فشل الطرف المصري في توقيع اتفاقيته المجحفة مع الجانب الإيطالي، بما يجعل مصر مدينة لها بالمليارات، في ظل العجز الدائم في مصادر الطاقة.
وبحسب تصريحات رئيس شركة "إيجاس" بأن الغاز المكتشف من الحقل المصري سيقسم بنسبة 40 % ل"إيني"، والباقي منه 35 % لإيني و 65% لمصر، بما يعني أن حصة مصر ستكون أقل من 40 % من إجمالي الاكتشاف حتى يتم استرداد التكاليف (في فترة متوقعة من 4 إلى 5 سنوات.
تصريح آخر منسوب إلى حمدي عبد العزيز، مستشار وزير البترول، قال فيه إن شركة "إيني" ستحصل على 35% من حقل الغاز، والدولة ستحصل على 65%، بينما نشرت إحدى الجرائد المستقلة أن الاتفاقية تُحمل مصر80% من تكاليف الإنتاج، في حين تتحمل "إيني" 20% فقط من الكُلفة التشغيلية، وهو ما يجعل مصر تحصل على أقل من 40% الإنتاج، فضلا عن مضاعفة سعر الشراء بما يعني تخفيض حصتها حسابيا إلى النصف، وهذا يعني في النهاية أن حصة مصر تتضاءل بصورة كبيرة، وربما تصل إلى درجة يصبح معها الشراء من السوق العالمي أجدى اقتصاديا كما حدث مع شركة بريتش بتروليوم البريطانية !!
كوارث في تقرير "المركزي للمحاسبات" عن الشريك الأجنبي في قطاع البترول والطاقة
وفي تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن الشفافية الصادر خلال عام 2014، ورد به أن "الشريك الأجنبي يتمتع بمزايا يخجل القلم عن ذكرها ولا توجد في أي دولة أخرى، حيث لا يتحمل الشريك الأجنبي الإتاوة التي هي حق الدولة مقابل نضوب الحقول، بصرف النظر عن المكسب والخسارة، كما لا يتحمل الشريك الأجنبي أي ضرائب عن أعماله في مصر، وإنما تتحمل الهيئة المصرية العامة للبترول هذه الضرائب نيابة عنه، إضافة إلى قيام هذه الهيئة بإعطاءه شهادة سنوية تعفيه من الخضوع للضرائب في دولته الأجنبية، وهو ما يعني إعفاءه من الضرائب بالدولتين! كما لا يتحمل الشريك الأجنبي أية جمارك، ويُعفي منها على جميع وارداته من الخارج، وتتمثل الجانب الأكبر من النفقات، كما يعفي من عدد كبير من القوانين التي تحكم أنشطة الشركات الأخرى غير البترولية.
الأخطر من كل ما سبق، أن العقود المبرمة بين الحكومة المصرية والشريك الأجنبي لا تتضمن أي نصوص تتعلق بالمتغيرات السعرية خلال العقد طويل الأجل (من 25 إلى 30 سنة تقريبا) وبالتالي لا يتم تعديل هذه العقود في حالة ارتفاع الأسعار العالمية، ومن ثم يحتكر الشريك الأجنبي الأرباح الاستثنائية، بما يخالف المبادئ القانونية المستقرة في هذا المجال، والتي تحكم العقود طويلة الأجل والتي تتضمن ضرورة تعديل العقود لإعادة التوازن بين طرفي العقد، في حين أن دولة قطر يتضمن عقود تصديرها للغاز نصا يجيز لها تحويل الشحنة المتجهة للمستورد إلى جهة أخرى يرتفع السعر فيها دون أن تلتزم بالتصدير التعاقدي الأقل.
ويزيد على انفراد الشريك الأجنبي بالأرباح الاستثنائية، حصوله على ثمن تغطية العجز في احتياجات مصر من البترول والغاز بالسعر العالمي، متضمنا الأرباح الاستثنائية وبالعملة الأجنبية، وليس بالسعر المطبق بالعقد المبرم بين الطرفين وقت التوقيع عليه، وبهذا أصبحت خسارة مصر خسارتين، الأولى في عدم حصولها على نسبة من الأرباح، وخسارة في سداد التزامها فيما تحصل عليه مقابل ما تشتريه من هذا الشريك الأجنبي لتغطية استهلاكها المحلي بالسعر العالمي لا سعر التعاقد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.