خروف العيد، الذكرى الباقية من ماض بعيد، ما زالت بقاياه عالقة في ذهن الرجل الستيني، شاهدة على علاقته بعيد الأضحى، حين كان طفلًا صغيرًا يصحبه أبوه لشراء الخروف، حتى اختلفت الأيدي فصارت يده هى الأعلي ويد ولده الصغير هي الدنيا، واليوم لأول مرة تتشابك الأكف سويا، الجد والابن والحفيد، في ذات الرحلة المعتادة كل عام، لشراء «خروف العيد». «المدبح».. البداية بدأت الرحلة بشارع المدبح، لكنه لم يكن المحطة الأخيرة، بل قرر الحاج "منير" أن يطيل أمدها ليجمع بين الميزتين، أفضل خروف بأفضل سعر: «الخرفان في المدبح سعرها نار الكيلو ب40 جنيه»، لأيام عديدة تابع الرجل الستيني أسعار الخراف الحية في بورصة الأسعار، التي تقدمها نشرات الأخبار ومانشيتات الصحف كوجبة يومية لقارئها، قبل أيام قليلة من عيد الأضحي: «عرفت إن القوات المسلحة والتموين منزلين عروض كويسة لخروف العيد فقررت أروح وأشوف بنفسي». بين المصري والسوداني الطريق إلى الخروف يبدأ بالبحث على الإنترنت، حاول الحاج منير أن يعرف من خلاله مواقع منافذ القوات المسلحة والتموين، التي تبيع الخراف الحية، لكن لا حياة لبحث فى الفضاء الإلكترونى، لم يجد الرجل بدًّا من اصطحاب ولده وحفيده معه فى رحلة بدأت من الدراسة، حيث يسكن مرورًا بالعباسية، وصولا إلى مدينة نصر للبحث عن شادر القوات المسلحة. بعد أسئلة عديدة ومحاولات جادة لمعرفة أقرب الأماكن والشوادر، انتهى به التاكسى إلى استاد القاهرة، حيث أشارت اللافتة إلى «شادر القوات المسلحة للخراف الحية». أرض فضاء 500 متر فى محيط الاستاد استأجرها المعلم شريف حامد، من القوات المسلحة، لإقامة سوق للخراف الحية على مدار شهر سبتمبر، وذلك وفقًا للأسعار التى حددتها القوات المسلحة في إعلاناتها عن دعم اللحوم الحية استعدادًا لعيد الأضحي: "دي أول سنة نبيع هنا لكن إحنا شغالين من 17 سنة في المعادي". 3000 آلاف رأس ماشية تنوعت بين الضان والكندوز، حملت الجنسية المصرية ورافقتها الجنسية السودانية، تسيران جنبا إلى جنب يجمعهما الماعون نفسه والنهاية نفسها، حيث سينتهي الأمر بكليها تحت سكين جزار في أول أيام عيد الأضحى بلا فارق كبير: «اللحمة السوداني الضاني أحسن من البلدي المصري صافية ومافيهاش دهون لكن الكندوز البلدي أحسن وأطعم». وقف المعلم شريف يشرح للحاج منير وولده فوارق البهائم بحثًا عن أفضل ذبيحة للعيد: «الخرفان هنا على مسئوليتنا الشخصية، والجيش مش بيشرف بس الاتفاق على السعر ملزم"، الأسعار تراوحت بين 33 جنيه للكيلو الحي السوداني، و34 جنيه للخراف البلدية، بينما يبدأ سعر العجل البلدي من 12 ألف ليصل إلى 30 ألف: "وكل واحد وإمكانياته". مع الخروف العسكري.. ذلك أفضل جدًّا مشادة بين أطباء حملة التموين ورجال الشادر دفعت الحاج منير إلى التراجع عن فكرة الشراء فى هذا التوقيت مفضلا العمل بمقولة: "خد فكرة واشتري بكره"، اليوم ما زال في بدايته فقرر الرجل أن يبحث عن خروف آخر في مكان مختلف: «شوفنا خرفان العسكري نجرب خرفان المدني، ونبص علي عروض الوزارة". في السيدة زينب، لم يختلف شادر التموين كثيرًا عن شادر القوات المسلحة، لكنه كان فقط للخراف، ولم تظهر به العجول، خراف أسترالية، وبرقي: "بلدي" بأسعار تراوحت بين 34 للأسترالي، 38 للبلدي و42 للخراف البرقي التي تشتهر بها مرسى مطروح"، فارق الأسعار بين خراف القوات المسلحة وخراف وزارة التموين هو ذاته الفارق الذي يجده الحاج منير في كل شىء تشرف عليه القوات المسلحة "دي ناس بتهمها راحتنا". لم تنته رحلة منير بعد بالخروف المطلوب، لكنه أصابه من لحمها نصيبا: "قلنا نجرب اللحمة السوداني اللي في الوزارة قبل ما نشتري الخروف". * * * * * *