فى الوقت الذى مر فيه المسرح المصرى بأزمات عديدة لدرجة أن مسرح القطاع الخاص توقف تقريبا وأغلق أبوابه، ظهرت عديد من التجارب المسرحية التى يتم تقديمها خصيصا للعرض على القنوات الفضائية وتعتمد على الشباب مثل عروض «تياترو مصر» و«مسرح مصر»، وبالفعل نجحت هذه التجارب فى تقديم نجوم جدد إلى الساحة الفنية، لدرجة أن البعض يقارنها بتجارب محمد صبحى ولينين الرملى، لكن بعض الآخر من المتخصصين يعتبرون أنها لم تضف جديدا إلى الحركة المسرحية. الكاتب والمخرج المسرحى نادر صلاح الدين، مخرج سابق لعروض «تياترو مصر»، ومخرج عروض «مسرح مصر» حاليا قال: «طبيعة الكتابة فى (تياترو مصر) تعتمد على التغيير الدائم والشخصيات المختلفة والمتعددة وتعتمد على بناء الموقف الضاحك حتى يسهل على الممثلين تقديم الأفكار الكوميدية، ومعظم الموضوعات تدور فى إطار اجتماعى، والتجربة بها نسبة من المغامرة فى إسناد هذه المسرحيات إلى وجوه جديدة، لكن الجيد دائما يثبت نفسه، وهؤلاء الشباب أثبتوا أنهم على قدر كبير من المسؤولية، ويمكن لكل منهم أن يتحمل بطولة عمل منفردا، فهم حققوا نجاحا فى المسرح، بعد أن قدموا 40 عرضا، لكنهم ما زالوا فى حاجة إلى اكتساب مزيد من الخبرات، بالإضافة إلى أن مشاركة الفنان أشرف عبد الباقى دعمتهم ونقلت لهم خبراته الاحترافية». وأوضح صلاح الدين أنه يقدم ثلاثة نصوص شهريا ويقوم فى نفس الوقت بإخراجها، مشيرا إلى أنه يتبع مدرسة الارتجال فى الكتابة، ولكن ليس معنى هذا أن يظهر الممثل على المسرح ويقول ما يحلو له، ولكن من خلال الموضوع والشخصية، ويحاول الممثل أن يرتجل بعض الجمل الحوارية، وهذا يحتاج إلى حرفية عالية جدا خصوصا على خشبة المسرح. وأضاف: «قدمت مع أشرف عبد الباقى حتى الآن 32 عرضا، وأعتقد أن هذا المشروع ساهم فى عودة الجمهور إلى المسرح، والموضوعات التى نقدمها تعتمد على نقل الأحداث الجارية، والإقبال الجماهيرى على العروض يدفعنا إلى الاستمرار، وهذه التجارب ساهمت فى تحريك المياه الراكدة فى المسرح خصوصا بعد اختفاء المسرح التجارى، فهناك بعض التجارب المسرحية تقوم على تسويق العرض تليفزيونيا دون أن تفتح له شباك عرض، لكن التجربة التى قدمناها فى (تياترو مصر) مثلا كانت تعنى بربط الجمهور بخشبة المسرح». الكاتب المسرحى لينين الرملى لفت قبل الإدلاء برأيه فى الموضوع، إلى أنه رجل مسرح لا مجرد كاتب للنصوص، فهو يقوم بمتابعة كل تفاصيل العروض، خصوصا التى لا يقوم بإخراجها، موضحا: «المسرح ليس مجرد نص، بل هو تصور متكامل»، مشيرا إلى أنه قدم 15عرضا مع وجوه جديدة، «رغم أن التعامل مع الوجوه الجديدة مغامرة، لكنها سنة الحياة»، حسب كلامه. وأضاف الرملى: «فى أعمالى أقدم التراجيديا إلى جانب الضحك، لذلك أحتاج إلى ممثل لا شخص فكاهى، أما الأعمال المسرحية التى تقدم حاليا، فلا يمكن أن نعتبرها تجارب جادة، وأعنى تلك الأعمال التى تعد خصيصا للعرض التليفزيونى، فهناك فن زائف لا يعيش مع الوقت، ومعظم هذه الأعمال لا تمس الجمهور، لذلك تضيع مع الوقت». ووصف المشاريع المسرحية التى تقوم بإنتاجها الفضائيات من أجل إعادة عرضها حصريا على شاشتها بأنها تشبه (الاسكتشات) التى ترتبط ببعض دون الاعتماد على نص أو فكرة محددة، مؤكدا أن «محاولات اكتشاف وجوه جديدة مغامرة، لذلك يجب أن توظف هذه المواهب بشكل صحيح حتى لا تفشل التجربة». من جانبه، قال الناقد المسرحى جرجس شكرى: «الإقبال الجماهيرى على أى عمل فنى لا يعنى أنه عمل جيد، فهذه المسرحيات لو كانت تهدف فى المقام الأول إلى اكتشاف المواهب الشابة، فإنه كان على صناعها الاهتمام أكثر بالنص، فالفنان محمد صبحى والكاتب المسرحى لينين الرملى قدما فى تجربتهما المسرحية (استوديو 80) عددا من المسرحيات المهمة جدا منها (بالعربى الفصيح) (تخاريف) و(وجهة نظر)، وقدما بالفعل مجموعة كبيرة من الشباب للحركة المسرحية، مثل عبلة كامل، فرغم أنها كانت لها أعمال سابقة، فإنها ظهرت بشكل مختلف فى (وجهة نظر)، كما أفرزت هذه التجربة عددًا من الوجوه الجديدة التى لمعت فى ما بعد وأصبحوا نجومًا، مثل منى زكى وهانى رمزى، وكان من أكثر عوامل نجاح تلك التجربة وجود مؤلف موهوب مثل لينين الرملى، ومخرج وممثل محترف مثل محمد صبحى، والنص كان العامل الأساسى، فتجربة (استوديو 80) كانت رهانا على المسرح فى زمن ابتعد فيه الناس عن القطاع الخاص واتجهوا إلى الدولة، لكن لينين الرملى دافع منذ البداية عن استقلالية المسرح بعيدا عن المؤسسة الرسمية، وقدم رؤية للواقع بشكل جيد واستطاع أن يكسب جمهورا كبيرا». وعن مشروع مسرح «تياترو مصر» قال شكرى: «الفرق كبير بين التجربتين، ف(استوديو 80) كان مشروعا مسرحيا خالصا، لكن مشروع أشرف عبد الباقى أقرب إلى مسلسلات ال(سيت كوم) منه إلى المسرح، تمت صناعته خصيصا لعرضه فى التليفزيون، وهو مشروع ضعيف جدا على المستوى الفنى، والتجربة متواضعة وتعانى من ضعف النصوص، فهى مشاريع تليفزيونية تم تفصيلها للعرض التليفزيونى على مقاييس الجذب الجماهيرى، لتكون مجرد خلطة معتمدة على الإيفيهات لتجذب الجماهير بعيدا عن فن المسرح». وأضاف: «تجربة لينين الرملى ومحمد صبحى أثمرت عن حراك مسرحى فى الثمانينبات، وامتدت حتى التسعينيات، وقدمت هذة التجربة 6 مسرحيات مهمة جدا، ما زالت تحقق نسبة مشاهدة حتى الآن، وما زالت تطرح علينا أسئلة اللحظة التى نعيشها، أما مشروع أشرف عبد الباقى فهو للاستهلاك الفضائى ولن يعيش مع الوقت».