توهم بعض الحمقى من العرب العاربة والعرب المستعربة اشتعال سرمدى لنار العداء المقدّس بين الولاياتالمتحدةوإيران، عقب عملية احتجاز رهائن أمريكيين داخل سفارتهم فى طهران، وأن 99% من أوراق الصراع الأموى الصفوى أصبحت فى يد العم السام، فتورطوا بالوكالة فى حروب ضروس لا ناقة لهم فيها ولا جمل، استنزفت مقدراتهم المادية والبشرية. فعندما كان ضجيج الملاسنات الزاعقة المشهرة خصيصا للاستهلاك العربى يصمّ الآذان كان «الأعداء الأصدقاء» يهمسون بنشوة الحب المحرم دون خجل فى أجواء باريسية ساحرة جمعت جورج بوش الأب والرئيس الإيرانى أبو الحسن بنى صدر، فأثمرت عن صفقة مدوية ببيع 3000 صاروخ «تاو» مضادة للدروع، وصواريخ «هوك أرض جو» مضادة للطائرات، لترجيح كفتها فى حربها ضد العراق حليف أمريكا آنذاك، مقابل إخلاء سبيل 5 من رعاياها قيد الأسر فى لبنان. ولك أن تعلم أن مهندس الاتفاق هو أرى بن ميناشيا، مندوب «الموساد»، الذى أشرف بنفسه على نقل الأسلحة من إسرائيل إلى إيران. والمدهش والعجيب أن عراب الصفقة والواجهة المالية لها كان الملياردير السعودى عدنان خاشقجى! يا إلهى كيف التقى كل أولئك الغرباء الشيعة الروافض مع اليهود الملاعين، بجوار الوهابيين المتشددين، تحت لواء الشيطان الأكبر، هل هى إحدى روايات يوجين يونسكو عبقرى المسرح العبثى؟ أعتقد أن الغرب ما زال ينظر باحترام إلى الأمة الإيرانية ويقدر إرثها الثقافى والحضارى، ويرى الخلاف معها ما هو إلا صراع نفوذ وطموحات توسعية لا أكثر، ويقيم جيرانها العرب على أنهم قبائل لها أعلام تتغيّر فيها الأهواء بتغير الحكام، لذلك اقتضت أحداث المنطقة الملتهبة أن يتوافق الغريمان لمجابهة العدو المشترك من الجماعات السنية الجهادية، فرقصا معا التانجو فى أفغانستانوالعراق واليمن، وربما قريبا فى سوريا، فجَنَيا فى دروب السياسة ما لم يزرع فى حقول الدماء، فكان اتفاق «5+1» هو ذروة معادلة الفوز للكل، التى جعلت الجميع سعداء حتى إسرائيل، وإن أنكرت فهناك 200000 مهاجر إيرانى مرجعهم الحاخام الأكبر يديديا شوفط، المقرّب من دوائر الحكم الإيرانية، يشكّلون لوبيا نافذا فى قيادة الجيش والمقاولات والتجارة، و200 شركة إسرائيلية تستثمر أكثر من 30 مليار دولار خصوصا فى المجال النفطى الإيرانى، وفى طهران وحدها 200 كنيس يهودى أكثر من كل مساجد المسلمين السنة! أخشى أن تجد مصر نفسها هى الوحيدة التى لا تدرك تغيّر العالم، لأنها كان بإمكانها استغلال افتتاح القناة وتدعو روحانى إلى الحضور وفتح صفحة جديدة، لكنها تصر أن تكون ملكية أكثر من الملك سلمان، الذى لديه سفارة أنيقة فى وسط طهران، لو لم يكن ميكافيللى إيطاليًّا لوددت أن يكون مصريًّا.