كتب: محمد حمدي وأمل مجدي لم يكن مشروع القانون الذي تعدّه الحكومة حاليًا لتعديل المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا؛ لإضافة فقرة نصها "إذا كان الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة يترتب علية بطلان انتخابات مجلس النواب، فلا يسرى إثر هذا الحكم على مجلس النواب، الذى يتم انتخابه وفقًا للنصوص المقضي بعدم دستوريتها، وذلك دون الإخلال بحق المدّعي في التعويض" المحاولة الأولى لتحصين البرلمان من الحل. فما تقوم به الحكومة حاليًا ووفقًا لآراء الخبراء الدستوريين، لا يختلف كثيرًا عما جاء فى الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المعزول، محمد مرسي، في نوفمبر عام 2012، وأثار ضجة كبيرة وقتها، وتضمن في المادة الخامسة منه، عدم جواز حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، لوضع الدستور عن طريق أي جهة قضائية. المحاولة الثانية كانت في عهد الإخوان أيضًا، ومن خلال دستور 2012 الذي نص في المادة 177 منه على عرض قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية على المحكمة الدستورية قبل إقرارها، وضرورة الأخذ برأيها في القوانين، وإلغاء الرقابة اللاحقة على تلك القوانين، وكان الهدف أيضًا، تحصين البرلمان من الحل. وعلّق الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستوري، على مشروع القانون الذي أعدّته الحكومة لتحصين البرلمان المقبل من الحل، قائلًا: "هذا كان من الممكن أن يطبق عند عمل لجنة الخمسين في وضع الدستور، إذا كان لديها النية آنذاك، حيث كان من الممكن أن تضع نص في الدستور يقول أن الأحكام التي تصدر من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قوانين الانتخابات البرلمانية لا تسري إلّا بعد انتهاء الفصل التشريعي للبرلمان القائم". أوضح فرحات، أن فكرة عدم تقييد المحكمة بمواعيد لنظر الدعاوي المتعلقة بقوانين انتخابات النواب، كالتزامها بمواعيد في الانتخابات الرئاسية نظرة وراءها فلسفة سياسية تدل على عدم إبداء احترام كافٍ لمبدأ مشروعية البرلمان وأهميته، مضيفًا: "الحكومة الآن تتبع نفس المنهج الذي وضعه الرئيس السابق محمد مرسي، بتحصين مجلس الشورى ومنعه من الحل وتحصين قراراته كرئيسًا للجمهورية، وهو أمر مخالف للدستور". أشار الفقيه الدستوري، إلى إنه إذا جرى تعديل حكم الدستورية، بناءً على رغبة الحكومة، وتم النص على أن أحكام المحكمة بعدم دستورية قوانين البرلمان، لن تؤدي لحل البرلمان، سيكون هذا النص مخالف للدستور، لأن نص قانون المحكمة الدستورية العليا والدستور، يجعلان من أحكام الدستورية ملزمة لجميع أجهزة الدولة بما فيها السلطة التشريعية، مستدركًا: "إذن لا يجوز دستوريًا أن أسمح ببقاء برلمان قائم على أسس غير دستورية". أكد فرحات، أن هذا القانون لن يتم تطبيقه، لأن إذا عرض على المحكمة الدستورية العليا، فأغلب الظن إنها لن توافق على إقراره وحتى إذا وافقت وأقره رئيس الجمهورية، خاصة أنه يجوز الطعن عليه مستقبلًا أمام المحكمة الدستورية، والموافقة عليه لن تمنعها من الحكم بعدم دستوريته. تابع فرحات: "القائمون على شؤون التشريع في مصر الآن، يسترون عجزهم وعدم قدرتهم على وضع قوانين دستورية، بتحصين العوار الدستوري في قوانين البرلمان نتيجة أخطائهم". واعتبر الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، مشروع القانون الذي أعدته الحكومة بشأن تحصين البرلمان المقبل من الحل، غير مقبول من حيث الصياغة والمبادئ الدستورية، ويعد قانون غير دستوري، مشيرًا إلى أنه لا يمكن لأحد إلزام المحكمة الدستورية العليا بموعد لتحديد الأحكام، بل هى المختص بذلك. أضاف السيد، أن الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية على قوانين الانتخابات الذي نص عليها دستور 2012، كانت رقابة دستورية، لأن هدفها اطمئنان الدولة للنصوص المنظمة للعملية الانتخابية، وكان هناك التزامًا أمام الدولة بأن تنتهي من إعداد قوانين دستورية قبل إصدار القانون، لافتًا إلى أن هذة الرقابة تختلف تمامًا عن تحصين البرلمان. أشار السيد، إلى أن هذا القانون يشبه الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس السابق محمد مرسي لتحصين قراراته ومجلس الشورى بموجبه، وقُضي بإنه غير دستوري وإلغاه الرئيس السابق". شدد السيد، على حق المحكمة الدستورية في تأجيل الحكم وفقا للظروف والوضع الأمنى والمصلحة العامة، ولكن لا يمكن أن يكون تأجيل الحكم لعدة سنوات، لافتا إلى أن هذا الأمر ينطبق على قانون الضرائب بعد أن قضت المحكمة فيه، وفقا للظروف العامة تأجيل تطبيق الحكم ولكن لفترة صغيرة وليس لخمس سنوات. وقال أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، الدكتور فؤاد عبدالنبي، أن مشروع القانون الذى أعدته الحكومة لتحصين البرلمان المقبل من الحل، غير دستورى ويتعارض مع المادة 97 من الدستور التى تنص على حظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء، ومع المادة 94 من الدستور التى تنص على سيادة القانون. أضاف عبدالنبي، أن مشروع القانون الحالى لا يقل جرماً عما ارتكبه مرسي فى الإعلان الدستوري الذى أصدره فى شهر نوفمبر عام 2012، وحصن فيه مجلس الشورى من الحل، وشانه شأن النص على الرقابة السابقة على قوانين الانتخابات فى دستور 2012 الذى صدر فى عهد الإخوان، وكان الهدف من النص أيضاً تحصين البرلمان. أشار عبدالنبي، إلى أن قوانين الانتخابات التى أعدتها الحكومة؛ سواء تقسيم الدوائر أو قانون مباشرة الحقوق السياسية أو مجلس النواب فيها شبهة عدم دستورية بسبب ما وصفه بالعك الدستوري في نصوص الانتخابات، وهو ما تحاول الحكومة تفاديه بتحصين البرلمان. وصف عبدالنبي، مشروع القانون الجديد بأنه اتجاه لديكتاتورية مجلس النواب في قالب جميل، وعودة إلى عهد أن يكون المجلس سيد قراره.