الهزيمة البرلمانية التي ضربت حزب العدالة والتنمية التركي في الصميم مؤخرًا أصبحت هي الدافع الآن وراء سلم التنازلات الذي يهبط عليه مسئولو الحزب وحكومته مبدين "انفتاحهم" للائتلاف مع المعارضة، الأمر الذي طالما رفضه الجالسون على عرش أنقرة منذ أكثر من عقد. وأعلن رئيس الوزراء التركي داود أوغلو، أحد أقطاب العدالة والتنمية، أن التاريخ أظهر عدم ملاءمة الحكومات الائتلافية لتركيا لكن حزبنا الحاكم مستعد لجميع الاحتمالات، موضحًا بقوله "لقد استخدمنا نماذج الحكومات الائتلافية في السبعينيات والتسعينيات كأمثلة لنبرهن أن الائتلافات ليست مناسبة لتركيا، لكن وسط المشهد السياسي الحالي فالحزب الوحيد الذي يمكن أن يقدم حلولاً واقعية هو العدالة والتنمية، نحن منفتحون على أي احتمالات في تركيا تستند على التطورات الأخيرة". الرسالة الثانية التي أكد بها نظام أردوغان استسلامه، جاءت عبر دنيز بايكال - النائب التركي المعارض- والذي خرج بعد اجتماع مع الرئيس التركي ليؤكد أن الأخير "أعطى انطباعًا بأنه منفتح على كل الاحتمالات المتعلقة بتشكيل ائتلاف"، مضيفًا "يجدر بالأحزاب السياسية التشاور في ما يتعلق بالائتلاف، وأن الرئاسة لن تمنع أي إجماع"، كاشفًا أن الاجتماع عقد بطلب من أردوغان. هذا في الوقت الذي أعلن فيه كمال كليتشدار - رئيس حزب الشعب المعارض - أن حزبه يعطي الأولوية للائتلاف مع المعارضة، وأنهم سيبحثون الخيارات الأخرى في حال فشل أحزاب المعارضة لتحقيق ذلك، في إشارة لحزب العدالة والتنمية. وأضاف "حين تم تكليف رئيس حزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو، بمهمة تشكيل الحكومة، سيقوم بمقابلة رؤساء أحزاب المعارضة، وسيقدم لنا مقترحات بهذا الخصوص، سنعقد وقتها اجتماعًا مع مسؤولي الحزب لتقييم هذه المقترحات.. لكننا نفضل بالدرجة الأولى تشكيل حكومة ائتلافية خالية من العدالة والتنمية". من جانبه أبدى حزب الحركة القومية المعارض انفتاحًا على تشكيل ائتلاف حكومي مع العدالة والتنمية، وقالت صحيفة "حريت" التركية إن "زعيم الحزب دولت بهتشيلي، سيرد بالإيجاب إذا طلب منه رئيس الوزراء أغلو موعدًا بعد تكليفه بتشكيل حكومة". في المقابل اتهم صلاح الدين دمرتاش - زعيم حزب «الشعوب الديمقراطي» الموالي للأكراد - حكومة أنقرة بالوقوف عمدًا في موقف المتفرج، فيما يتصاعد العنف بالمنطقة التي يغلب على سكانها الأكراد في جنوب شرق تركيا، مضيفًا "أناس يتخذون خطوات لدفع البلاد نحو حرب أهلية ورئيس الوزراء والرئيس مختفيان". أما ميدانيًا، اندلعت اشتباكات بين مجموعة ملثمة مجهولة الهوية وقوات الشرطة في حي"أوك ميداني"بوسط إسطنبول"، حيث أشعل الملثمون النيران بوسط الشوارع الرئيسية والفرعية وألقوا عبوات المولوتوف على قوات الشرطة، والتي طاردت أعضاء المجموعة الملثمة في محاولة لإلقاء القبض عليهم بعد استخدامها كميات كبيرة من قنابل الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه. من ناحية أخرى أحالت مديرية الأمن العام التركية 118 من مدراء الأمن للتقاعد ووفقا لصحيفة "راديكال" التركية فإن "القرار جاء فى إطار حملة حكومة العدالة والتنمية لتصفية أنصار الداعية الإسلامى فتح الله جولن - الخصم الأكبر لأردوغان- في أعقاب الكشف عن فضيحة الفساد والرشاوى في ديسمبر 2013"، مشيرة إلى أن أحد شروط حزب العدالة والتنمية لتشكيل حكومة ائتلافية هي مواصلة مكافحة عناصر "الكيان الموازي" في مؤسسات الدولة.