رئيس جامعة المنوفية يهنئ الأقباط بعيد القيامة المجيد    رئيس الوزراء: مصر لديها فرصًا واعدة في جذب الأجانب لشراء العقار    البورصات الأوروبية تغلق عند أعلى مستوياتها منذ أكثر من شهر    البورصات الخليجية تغلق على تراجع شبه جماعي مع تصاعد التوتر بالشرق الأوسط    وفد النادي الدولي للإعلام الرياضي يزور معهد الصحافة والعلوم الإخبارية في تونس    أمين عام الأمم المتحدة يطالب إسرائيل بفتح معبري رفح وكرم أبو سالم «فورا»    رئيس وزراء فرنسا يعرب مجددًا عن "قلق" بلاده إزاء الهجوم الإسرائيلي على رفح    رضا سليم وعمر كمال ضمن 5 تغييرات بتشكيل الأهلي ضد الاتحاد السكندري    ضبط 18 كيلو حشيش بحوزة عنصر إجرامي بالإسماعيلية    محمد رحيم ل إليسا بعد طرح ألبوم "انا سكتين": "هيكسر الدنيا كالعادة"    جامعة القاهرة تعلن انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض الطويلة    خالد الجندي يشيد بدعم الدولة المصرية للقضية الفلسطينية (فيديو)    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    سام مرسي يتوج بجائزة لاعب الموسم لفريق إيبسويتش تاون بعد مساهمته في صعوده للبريميرليج (صور)    وزير الدفاع يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية    خطة الزمالك لتأمين شبابه من «كباري» الأهلي (خاص)    «مهرجان التذوق».. مسابقة للطهي بين شيفات «الحلو والحادق» في الإسكندرية    كيف يمكنك ترشيد استهلاك المياه في المنزل؟.. 8 نصائح ضرورية احرص عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر السابق: تعليم وتعلم اللغات أمر شرعي    كاتب صحفي: المقترح المصري للتهدئة في قطاع غزة حظى بردود فلسطينية إيجابية    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بقرى الرواتب والحسينات وبخانس بأبوتشت    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ    وزير الصحة يؤكد أهمية نشر فكر الجودة وصقل مهارات العاملين بالمجال    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    الشامي: حسام حسن علمني الالتزام في الملعب.. وأخبرني أنني أذكره بنفسه وهو صغير    الرئاسة الفلسطينية تحمل واشنطن تبعات الاجتياح الإسرائيلي لرفح    نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    البوصة تطلق المرحلة الأولى من المشروع المتكامل لتطوير ورقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية (GDR)    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    ضبط نصف طن أسماك مملحة ولحوم ودواجن فاسدة بالمنيا    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    إيرادات «السرب» تتجاوز 16 مليون جنيه خلال 6 أيام في دور العرض    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    مدحت شلبي يعلق علي رفض الشناوي بديلًا لمصطفى شوبير    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرض اسمه «السيارات القديمة» في شوارع القاهرة
نشر في التحرير يوم 25 - 05 - 2015


تصوير- أحمد رشدي:
فى معظم دول العالم لا يكاد يمرّ على السيارة المستعملة 5 أعوام حتى يتم استبدال أخرى حديثة بها، مقابل تقديم تسهيلات وخصومات خاصة للمستهلك الذى يُقدم على تلك الخطوة، للخروج من أزمات التكدس المرورى التى تسببه، وحماية البيئة والصحة العامة من الانبعاثات السامة للغازات من عوادم تلك السيارات القديمة، فضلًا عن توفير كميات الوقود الكبيرة التى كانت تستهلكها، والحد من نسبة حوادث الطرق والمواصلات التى تنتج عنها، نتيجة كثرة الأعطال التى تعانى منها، لانتهاء عمرها الافتراضى من ناحية وعدم كفاءتها للسير على الطرقات من ناحية أخرى.
منذ عام 2009 كان أول مقترح مصرى يتم عرضه على وزارة الصناعة والتجارة الخارجية حينذاك وضع استراتيجية كاملة لعملية إحلال السيارات الملاكى القديمة التى مضى على عمرها السوقى نحو 20 عامًا، واستبدال سيارات أخرى حديثة بها، يتم دفع ثمنها على أقساط، ودعم صاحب السيارة المستبدلة بمبلغ نقدى كتعويض له عن سيارته القديمة.
«التحرير» توصلت إلى وجود ما يقرب من 500 ألف سيارة ملاكى ونصف نقل وميكروباص مصنعة منذ السبعينيات والثمانينيات، وما زالت تسير فى الشوارع المصرية، وهى تمثل نحو 60% من سيارات العاصمة، التى يوجد بها نحو 2.14 مليون مركبة، حسب ما ورد فى آخر تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، من إجمالى عدد المركبات المرخصة البالغة 7.51 مليون مركبة، وكثيرًا ما تتسبب تلك السيارات القديمة فى تعطيل الحركة المرورية، بالإضافة إلى ما تثيره من تلوث وانبعاثات تهدد الصحة العامة، نتيجة الغازات السامة التى تخرج من عوادم تلك السيارات.
قرار جمهورى بإلغاء تراخيص السيارات القديمة
يعد المقترح الذى أعدته الجمعية المصرية لسلامة المرور والنقل والمواصلات، التابعة لوزارة النقل والمواصلات والنقل البحرى، بمثابة طوق النجاة للخروج من أزمات تكرار حوادث الطرق، وزيادة رقعة التلوث، عبر منع ترخيص وتسجيل السيارات التى يزيد عمرها الافتراضى على 20 عامًا، أى المصنوعة عام 1995 فما دون، على أن يعقب ذلك تقليص العمر الافتراضى لتسجيل المركبات إلى 15 عامًا، ويحسب فيها عام 2005 حدا أدنى «لموديلات» المركبات المقبول تسجيلها وترخيصها، وصولا إلى 10 سنوات كحد أقصى لسير السيارات المستوردة بالشارع المصرى.
منذ عامين صدر قرار جمهورى فى عهد الرئيس الأسبق المستشار عدلى منصور، بشأن إلغاء تراخيص السيارات الأجرة والنقل التى مر على تصنيعها 20 عاما والواردة بالمادة «4» بند «2» من قانون المرور الصادر عام 1973 بعد مرور ثلاث سنوات من انتهاء الترخيص بالنسبة إلى سيارات الأجرة، وبعد الأول من أغسطس 2015 بالنسبة إلى سيارات النقل العام للركاب، وهو ما أعطى القائمين على سوق السيارات فى مصر بارقة أمل فى صدور قرار جمهورى آخر بشأن السيارات الملاكى القديمة، خصوصًا فى ظل تطبيق اتفاق الشراكة الأورومتوسطية، بين مصر والاتحاد الأوروبى، الذى يقضى بتخفيض الجمارك على السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبى بواقع 10% من قيمة الجمارك المفروضة عليها التى تصل إلى 40%، على أن يتم إلغاء الجمارك عليها نهائيا بنهاية عام 2019 لتصل إلى «صفر جمارك»، الأمر الذى يدفع المواطن إلى سرعة التخلص من سيارته القديمة لاستبدال أخرى جديدة دون جمارك بها.
بداية الطريق فى أغسطس المقبل
الشريحة الأولى كانت مطبقة منذ عام 2009، وتوقفت خلال عامى 2011 و2014، بسبب الأحداث السياسية التى مرت بها مصر وضغوط بعض المستوردين وأصحاب المصانع، خصوصًا أن هناك بندًا فى الاتفاقية ينص على أنه يجوز لبعض الدول التى تمر بظروف استثنائية أن تعطل الاتفاقية لمدة عامين لحماية مصالحها الخاصة واقتصادها، ويجوز التفاوض لمدها مرة أخرى إذا تطلب الأمر، ولكن الخفض المتدرج للضرائب حتى يكون «صفرًا» فى عام 2019 تقابله ضريبة مبيعات بنسبة 15% ورسوم البيئة بنسبة 3%، وهذه العوامل تقلل من تأثير الاتفاقية، حسب ما يؤكده عفت عبد العاطى، رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، الذى أوضح أن من بين بنود اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبى أن تكون السيارة المستوردة موديل نفس عام استيرادها، وهذا يضر بمصانع السيارات فى مصر، لأنها تخرجها من المنافسة، مشيرًا إلى أن السوق المصرية تستوعب نحو 280 ألف سيارة مستوردة كل عام.
وعن الضريبة التى تفرضها الحكومة المصرية على السيارات المستوردة من الخارج، يقول أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين، إنها تنقسم إلى ثلاث فئات، أولاها فئة أقل من ال1600 سى سى، وتبلغ قيمتها 15%، بينما تتضاعف تلك النسبة إلى 30% على السيارات الأكثر من 1600 سى سى، وحتى 2000 سى سى، بينما تبلغ نحو 45% على السيارات المستوردة الأكثر من 2000 سى سى.
ويضيف شيحة أن خفض التعريفة الجمركية على السيارات الأوروبية لن يؤثر كثيرًا على الحصيلة الجمركية لتلك السيارات التى تشكل نحو 30% فقط من إجمالى الحصيلة الجمركية للسيارات سنويا، وتعتمد الحصيلة الأكبر على السيارات ذات المنشأ الآسيوى، حيث تسهم بنسبة 70%، وبحلول عام 2016 ستتخطى مبيعات تلك السيارات فى مصر حاجز 500 ألف سيارة، على حد قوله.
سلوكيات خاطئة وقوانين غائبة
كَم هائل من السيارات التى تعج بها الطرقات والشوارع المصرية انتهى عمرها الافتراضى، بشكل يشعرنا أن هناك 20 مليون نسمة يقيمون فى القاهرة وحدها، وأن أكثر من نصفهم يمتلك سيارات، بل حتى أولئك الذين لا يسمح لهم فى محافظاتهم بقيادة سيارة أو لا يقدرون على اقتنائها، فإنهم فى العاصمة تأتى السيارة على رأس قائمة أولوياتهم، ولم يعد امتلاك سيارة فى بلادنا مرتبطا بمستوى معيشى معين أو دخل شهرى معين، بل مَن كان فى مقدوره توفير 3000 جنيه شهريا، فى وسعه أن يكون مالك سيارة موديل قديم لا تكلفه الكثير.
وهكذا تحولت طرقاتنا مع كل هذه الأفواج من البشر وأطنان الحديد التى تسير فيها إلى «خنقة» و«زحمة» حقيقية، بسبب الكثافة العددية للسيارات، ولأن بعضها قديم، وبعضها جديد، بل وآخر موديل، إلى جانب عشرات الآلاف من السيارات تأتى «مستوردة» من اليابان وكوريا وألمانيا وأمريكا وكندا والصين وغيرها من دول العالم، حتى أصبحت الطرق المصرية ساحة ل«مخلفات» مصانع السيارات فى العالم، فضلًا عن الملوثات البيئية التى تخلفها وراءها وانعدام الوعى والثقافة المرورية لدى قائديها، فلا التزام ولا دراية بالنظام ولا القانون، هذا فى وقت نجد دولا أخرى فقيرة ربما لا يجد المرء فيها قوت يومه تمنع استيراد سيارات أقل من 3 سنوات من موديل العام.
12٪ من السيارات تجاوزت حد انبعاث العادم
بنظرة سريعة إلى الغرامات التى تفرضها وحدات المرور على تلك السيارات القديمة التى تنبعث منها غازات سامة ملوثة للبيئة نتوصل إلى أن الحكومة لا توقع الغرامات المستحقة على المخالفين لتطبيق المواصفات القياسية للبيئة واعتمادهم الشروط والمعايير العالمية للحدود القصوى لعوادم السيارات، ولا تفرض عليهم أى إجراءات أخرى صارمة من أجل احتياطات الحفاظ على البيئة دون تطبيق أى معايير محترمة للكشف عن صلاحية السيارات خلال إجراءات تجديد التراخيص، ممّا يجعل موقفها هذا من السيارات القديمة محل شك كبير.
وحذرت دراسة بمعهد بحوث النقل من إصابة شوارع القاهرة بالشلل فى حالة زيادة تراخيص السيارات الملاكى القديمة، وكذلك ارتفاع نسبة تلويثها للبيئة، حسب ما تشير النتائج الأولية إلى أن نسبة المركبات التى تجاوزت الحدود المسموح بها من انبعاثات العوادم تراوحت ما بين 6% و12%، حسب نوع الملوث.
وفى هذا الإطار يقول المهندس محمود مروان، مدير الإدارة العامة للمركبات بجهاز شؤون البيئة، إن الوزارة تقوم بفحص السيارات والميكروباصات بشكل يومى، وإذا ثبت أنها ملوثة للبيئة يتم سحب رخصة القيادة، ودفع غرامة مالية تتراوح ما بين 200 و400 جنيه، بالإضافة إلى إلزام السائق بإصلاح سيارته، وذلك طبقًا لقانون 94 لسنة 2009.
وأوضح مدير إدارة المركبات بجهاز شؤون البيئة أن نسب العوادم هذه مقسمة إلى شرائح على حسب موديل السيارة، فالسيارات ما قبل عام 2003 يجب أن لا تتعدى نسبة أول أوكسيد الكربون الناتج عنها نحو 4٫5%، بينما لا يجب أن لا تتعدى نسبته 2٫5% لموديلات ما بعد عام 2003، مؤكدًا أن الغرامات التى تقع على السيارات المخالفة يحددها جهاز شؤون البيئة بعد إنذار قائدى السيارات وعمل محاضر ضدهم يرفق معها تقرير فنى عن حالة السيارة.
الورش الصغيرة السبب فى ارتفاع أسعار السيارات القديمة
كما توصلنا إلى أن انتشار الورش الصغيرة بكثافة وبناءها على أراضى الدولة الزراعية وهى التى تقع على الطرق مباشرة جعلا تلك السيارات التى انتهى عمرها الافتراضى منذ وقت طويل قابلة للإصلاح فى تلك الورش، فضلًا عن وفرة بنزين رخيص الثمن، مثل بنزين 80 الذى يجعل تكاليف تشغيلها محتملة، وحينما يصبح لتلك السيارات سعر فلا بد من رفع سعر الأفضل منها فقط، وعلى سبيل المثال: سيارة «بيجو 504» التى مضى على إنتاجها أكثر من خمسة وثلاثين عاما، لكن بسبب انتشار هذه الورش وتلك النوعية من البنزين يوجد من يبالغ فى سعرها، لتصل إلى أكثر من 30 ألف جنيه فى سوق السيارات.
4 اتفاقيات تحكم سوق السيارات فى مصر
وقَّعت مصر عديدًا من الاتفاقيات التجارية خلال السنوات الأخيرة، بما يسهم فى إنعاش سوق السيارات الحديثة فى مصر، وتخفيض الجمارك المفروضة عليها، منها اتفاقية الشراكة الأوروبية، واتفاقية «أغادير» بين مصر والمغرب والأردن، بالإضافة إلى اتفاقية «التجارة الحرة» مع تركيا، لكى تصل الجمارك إلى صفر مع حلول عام 2019، بالإضافة إلى «معاهدة 58» وهى معاهدة القياسات النسبية التى تعد الخطوة الأولى فى بناء حجر جديد إلى معايير الجودة والمواصفات القياسية، كل هذه الاتفاقيات فى ظل وجود صناعة محلية مكونة من 17 مصنعًا تقدر قيمتها ب17 مليار جنيه، بالإضافة إلى الصناعات المغذية للسيارات.
أما اتفاقية السوق المشتركة «الكوميسا»، فبناء عليها تقوم الدول الأعضاء بتخفيض وإزالة كل الرسوم الجمركية نهائيا، وكذا الرسوم ذات الأثر المماثل المفروضة أو المرتبطة باستيراد السلع التى تخضع لمعاملة التعريفة فى السوق المشتركة.
«حماية المستهلك».. التخفيض الجمركى يسهم فى تخريد السيارات القديمة
فى المقابل يرى اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، ضرورة خروج السيارات القديمة التى مضى على إنتاجها أكثر من 20 عامًا من السوق، لأنها تستهلك وقودًا أكثر، وتتسبب فى اختناقات مرورية لكثرة أعطالها، بالإضافة إلى سهولة الحصول على سيارات حديثة بعد خفض الجمارك عليها، موضحًا أن المستهلك فى الوقت الحالى لن يشعر بقيمة التخفيضات، لا سيما السيارات ذات السعات اللترية الأقل من «1600 سى سى»، لكنها تؤثر فى أسعار السعة اللترية بداية من «2000 سى سى» فما فوق، لكن تأثيرها سيكون واضحًا عندما تصل نسبة الجمارك إلى «صفر»، فعلى الجميع الاستعداد فى تخفيض أسعاره وزيادة عوامل الجودة بالسيارات المحلية.
وعلى صعيد آخر فإن التخفيضات الجمركية سوف تسهم فى إقبال المواطنين على تسليم سياراتهم القديمة لتخريدها، ومن ثم إنعاش شركات تمويل السيارات الحديثة وشرائها «بالتقسيط»، وذلك لرغبة المستهلك فى شراء سيارة حديثة، وبمواصفات أوروبية وبأسعار أقل وشريحة كبيرة ستتجه إلى هذه الشركات لشراء سيارتهم.
وعلى أصحاب المصانع ومعارض السيارات تخفيض الأسعار للمستهلك المصرى بشكل إجبارى أو الخروج من السوق، لأن المستورد سيكون أقل سعرًا من المنتج المحلى أو السيارة المحلية.
السلامة المرورية.. 10 سنوات كافية
ومن جانبه يقول الدكتور عادل الكاشف، رئيس الجمعية المصرية لسلامة المرور والنقل والمواصلات، إن منع نقل ملكية السيارات التى يزيد عمرها على 10 سنوات لتسجيلها فى الدولة هو عين العقل، فاعتبارًا من 2020 يمنع تسجيل سيارات موديل 2010، مما يعنى أنه لن يكون فى مقدور أى شخص أن يقود سيارة ويخلف وراءه مآسى، ومثل هذا القانون مطبق فى كثير من الدول بالتخلص من السيارات التى تمضى أكثر من 20 عاما فى الطريق، باستثناء الرياضية منها، التى تدخل فى السباقات، مما يساعد على حماية البيئة من ناحية وانتعاش حركة التجارة فى سوق السيارات من ناحية أخرى، فليس من المنطقى أن ترتفع قيمة بعض السيارات بمرور الوقت رغم استهلاكها، وهذا ما يدل على خلل واضح فى تنفيذ السياسات والقرارات، حسب تعبيره، وفرصة للتربح غير المفيد للاقتصاد، مثله كمثل ظاهرة «تسقيع الأراضى»، لكن انتعاش سوق السيارات سيؤدى إلى مزيد من فرص العمل المصاحبة لمثل هذا الانتعاش.
استبدل سيارتك وخد فلوس.. فى ألمانيا
فى المقابل ذكر يعقوب أنه لا يجوز فرض ضريبة على ضريبة، حيث إن ضريبة الترخيص تُضاف إلى سعر السيارة المستوردة، بعد إضافة ضريبة المبيعات ورسم تنمية الموارد والجمارك التى تمثل فى السيارات ذات المحرك الأعلى من «1600 سى سى»، ويمكن أن تصل فى السيارة المستوردة الكبيرة إلى 900 ألف جنيه، ويتم دفع رسم الترخيص بنسبة 2% من قيمة السيارة، وبالتالى قد تصل فى بعض الأحيان إلى 18 ألف جنيه سنويا.
عدد من الدول الأوروبية نجح بصورة كبيرة ليس فقط فى تشجيع المستهلكين على شراء السيارات الصغيرة الموفرة للوقود، بل ابتكر طرقا حديثة للتخلص من الموديلات القديمة ذات الاستهلاك العالى للوقود، أبرزها ألمانيا التى تدفع نحو 2500 يورو لمن يستبدل بسيارته القديمة أخرى جديدة، ومن المتوقع أن يتم استبدال نحو 200 ألف سيارة فى ألمانيا وحدها وفقًا لخبراء فى مجال صناعة السيارات.
كما تسهم المملكة المتحدة فى تقديم تسهيلات وخصومات خاصة للمستهلكين تصل إلى نحو 2000 جنيه إسترلينى على السيارات الجديدة، مقابل استبدالها بالقديمة التى مر عليها 5 سنوات، وكذلك تسعى الحكومة البريطانية إلى استبدال سيارات كهربائية حديثة بأخرى قديمة، ووفقًا لخبراء فى مجال صناعة السيارات فإنه من المتوقع أن يتم استبدال نحو 100 ألف سيارة فى لندن وحدها.
خبراء نقل يطالبون بفرض تشريعات بتحديد حد أقصى لعمر السيارة
رغم أننا نعانى بالفعل من السيارات القديمة وأعطالها الكثيرة التى يتحملها الجميع فى الشارع وليس مالكها فقط فإن البعض يرى ذلك القرار غير قابل للتطبيق فى مصر، لأن الحكومة هى أول من ستعارضه، فمئات الأوتوبيسات والمينى باصات التابعة لهيئة النقل العام، المسؤول الرئيسى عن كم لا بأس به من التلوث والتشويه الحضارى للعاصمة، لا يمكن استبدالها بسهولة، بل إنه من المستحيل أن تتحمل الهيئة تكاليف استبدال ما لا يقل عن 75% من سياراتها.
وهو ما يصفه الدكتور حسن حميدة، أستاذ هندسة الطرق بجامعة الإسكندرية ووزير النقل الأسبق خلال عهد السادات، بالقرار «المتسرع»، خصوصًا إذا أضفنا سيارات الهيئات الحكومية الأخرى وعشرات الألوف من السيارات الملاكى والميكروباصات التابعة للأفراد يتضح أن مثل هذه القرارات ليست لدول فقيرة مثل دولتنا، حتى إن كان القرار صحيحًا من الناحية النظرية، ومن ثم فإن مثل هذه القرارات يحتاج إلى مزيد من الإجراءات لتتم على أكمل وجه، وإذا ما تأملنا سبب أغلب الاختناقات المرورية فى القاهرة فسنجد أن أغلبها بسبب عطل ما فى سيارة متوقفة فى عرض الطريق وتتسبب فى أزمة تكدس مرورى، وغالبًا ما تكون «موديل قديم» مر عليه أكثر من 30 عامًا، على حد قوله.
وفى سياق متصل أكد الدكتور أسامة عقيل، أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، أن المواطن وحده هو من يتحمل فاتورة أسطول السيارات القديمة التى انتهى عمرها الافتراضى فى الشوارع عبر التعرض للتلوث المنبعث من عوادمها، كما تتحمل الدولة الجزء الأكبر فى دعم الوقود لتلك المركبات، فضلًا عن تعطيل المرور وازدحام الطرق والمواصلات، ومن ثم فإن كل الأطراف خاسرة، وبالتالى فمن المفترض أن تكون هناك تشريعات صارمة فى القانون بتحديد حد أقصى لعمر السيارة ورفع قيمة الضريبة عليها، كلما زاد عمر السيارة كما يحدث فى كل دول العالم بخلاف ما يحدث فى مصر، التى تحصل ضريبة أقل كلما كانت السيارة جديدة، ولكن فى الخارج مع مرور كل عام فى عمر السيارة تزيد الضريبة المفروضة عليها، وبالتالى مع مرور الوقت كلما زاد عمر السيارة اقترب حجم الضريبة من سعرها، وهو ما يجعل صاحبها يسارع للتخلص منها، لأنها صارت تمثل عبئًا كبيرًا عليه.
وتزداد قيمة الضريبة، لأن تلك السيارات تكون أكثر استهلاكا للوقود وأكثر تلويثًا للبيئة وأكثر تعطيلًا للمرور، ومن ثم فلا بد من تحصيل ضريبة أعلى منه على كل ما سبق، ولكن لا يوجد فى التشريعات ما يحكم ذلك، وهو ما وصفه أستاذ هندسة عين شمس قائلا: «خايفين من الدخول فى تصادمات مع ملاكها»، الأخطر من كل ذلك أن نعوشًا متحركة تسير فى الشوارع، على حد وصفه.
وطرح عقيل، ل«التحرير»، عدة حلول يراها متكاملة للخروج من أزمة السيارات القديمة، بداية من رفع قيمة الضريبة عليها، مرورًا بتوفير وسائل النقل الجماعى الجيدة التى تليق بآدمية المواطن وتحترم مواعيد عمله، حتى لا يحتاج إلى اقتناء سيارة قديمة، وهو ما يقلل من حجم الطلب على تلك السيارات المستعملة، بالإضافة إلى أنه مع كل سنة يتم فيها ترخيص تلك السيارات يجب أن ترتفع قيمة ضريبة الترخيص، حتى تقل القيمة السوقية للسيارة تدريجيا، وهو ما يدفع صاحبها للتخلص منها والبحث عن أخرى حديثة برخصة أقل، حتى لا تكون مصروفاتها عالية، وذلك بتسليم سيارتة القديمة إلى ما يسمى ب«مقابر السيارات» لتخريدها وتقييمها مقابل مبالغ مالية بسيطة، تتراوح ما بين «3 و5» آلاف جنيه عن السيارة الواحدة.
بينما قالت الدكتورة لميس سرحان، رئيس قسم الطرق بهندسة عين شمس، إن أسوأ شىء فى العالم أن تعجز الدولة عن وضع الحلول المناسبة، فتصدر قانونا يمنع أو يلغى، على سبيل المثال البعض فى مصر لا يسيرون على الرصيف ويسيرون فى الشوارع، وبالتالى تخرج الأصوات التى تنادى: «لماذا لا نلغى الرصيف؟» وهذا ما نسير عليه فى الخطط والرؤى والسياسات، رغم أن هذا ليس اختراعا للعجلة كما يظن البعض، فالعالم كله يسير على تلك السياسات، فمثلا إذا لم يرتكب قائد تلك السيارات أى مخالفات فيتم تخفيض قيمة رخصته وإعفاء نسبة كبيرة منها حين التجديد، ولكن فى المقابل إن ارتكبت مخالفات تعدت مستوى معينًا ترتفع قيمة الضريبة بصورة تلقائية، لأن «التأمين عليها بيزيد»، وهذا ما يمثل رادعا قويا لأصحاب تلك السيارات القديمة.
وأضافت سرحان أنه فى الخارج توجد مجموعة سياسات متكاملة تحول دون سير مركبة مر عليها أكثر من 5 سنوات فى الطريق العام، عبر رفع تكاليف امتلاك السيارات، وكذلك ارتفاع تكاليف انتظار تلك السيارات فى «الجراجات»، مؤكدة أنه فى حالة إلغاء الجمارك على السيارات المستوردة لمواجهة أسطول السيارات المستعملة القديمة فلا بد من فرض مجموعة من القيود عليها، منعًا لإغراق السوق المصرية بالسيارات المستوردة، أبرزها أن ترفع الضرائب عليها، وتكلفة الوقود وأماكن الانتظار، وتوفر فى المقابل وسيلة نقل جماعية آدمية للمواطنين.
سألنا أصحاب السيارت المتهالكة: لماذا لا تستبدلونها؟
طرح هذا الاقتراح على أصحاب السيارات الملاكى قُوبل بالرفض التام والمعارضة، واصفين هذا القرار بأنه سيكون عادلا لو كانت أسعار السيارات فى مصر تسمح للناس بتغييرها كل فترة بسعر عادل، لكن فى ظل تلك القيود المفروضة على امتلاك المواطن سيارة خاصة بسعر معقول، فى الوقت الذى لا توفر له الدولة فيه وسائل نقل جماعى آدمية يكون القرار بشكله الحالى متعجّلًا.
هناك حالة أخرى تخص المواطنين من أصحاب المزارع والعزب، ويعتمدون فى تنقلاتهم لتلك المشاوير على هذه السيارات القديمة، وهؤلاء لا علاقة لهم بالزحام وتلويث البيئة، حسب ما قال أحدهم، ويدعى هشام القاسمى، لأنهم ببساطة موجودون فى أماكنهم التى يرتبطون بها، فضلًا عن وجود عائلات رباتها أرامل ومطلقات لا يقوين على شراء سيارات حديثة، هؤلاء ربما استحقوا النظر إليهم كحالات تستثنى أو تراعى بشكل أو بآخر دون الإخلال بالقرار المقترح حسب مطلبه.
بينما طالب آخرون بضرورة توفير امتيازات بديلة لهم كتسهيلات ائتمانية من البنوك الوطنية المقترح تمويلها لهذه المشروعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.