بدأت حكومة المهندس إبراهيم محلب، دراسة عروض التصالح الجديدة المقدمة من عدد من رموز مبارك أبرزها مبادرات أحمد عز وحسين سالم ورشيد محمد رشيد، وعدد كبير من رجال الأعمال المتهمين بالاستيلاء على أراضي الدولة. وبدأ مسلسل التصالحات مع رموز نظام مبارك الذين تم تبرئتهم من القضايا الجنائية، في الدخول إلى حيز التنفيذ، وتتجه سياسة الدولة للتصالح مع كل رموز نظام ما قبل 25 يناير، باستثناء الرئيس المتنحي ونجليه، واصبح الامر قيد دراسة جادة من الدولة مع عروض كبيرة للتنازل عن اجزاء كبيرة من ثروات رجال مبارك وان الدولة ستبدأ مفاوضات سرية مع كبار الرموز وقالت مصادر إن الدولة تصالحت مع أكثر من 55 مستثمرا ورجل أعمال مصري وعربي خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن مفتاح المصالحات هو المادة 18 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية، التي تم تعديلها مؤخرا. وتعطي المادة حق التصالح لرئيس الوزراء الذي يخاطب النيابة بإلغاء العقوبة، إذ لم تعد المصالحات من اختصاص النيابة العامة بما يعني أن التفاوض يكون ماليا وسياسيا وليس قانونيا. شفيق يختار القضاء وكشفت مصادر عن أن أبرز مفاجآت التعديل الجديد، هو إمكانية استفادة رئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق، للتصالح في القضايا المتهم فيها، وأبرزها قضية "أراضي الطيارين"، إلا أن شفيق لم يتقدم بأي عرض مصالحة إلى الدولة حتى الآن. وأفادت المصادر أن شفيق يرفض التصالح لإصراره على تبرئته من خلال القضاء وعدم رد أي شيء وتمسكه بأنه لم يحصل لنفسه أو لغيره على شيء بشكل غير قانوني، وأن تصالحه يعني الاعتراف بتلك الجرائم. وأكدت المصادر أن رجل الأعمال الهارب حسين سالم أبرز المستفيدين من المادة 18 مكرر، حيث قدم عرضا لرد 4 مليارات جنيه إلى الدولة مقابل إلغاء كل الأحكام ورفع التحفظ عن أمواله، وأن يكون له حق العودة دون مطارة قضائية، حيث تسمح المادة "18 مكرر ب" من قانون الإجراءات الجنائية، بالتصالح مع أى متهم ولو بعد صدور حكم بات، خاصة أن المبالغ المالية التى قضت محاكم الجنايات بتغريمه بها تتجاوز 8 مليارات دولار. وتقدم سالم بالفعل بعرض رسمي إلى رئيس الوزراء للاستفادة من التصالح في كافة القضايا بالتنازل عن نصف ثروته وفق ما قدره وكل أملاكه في مصر الموجودة تحت التحفظ، وتبحث الدولة التفاوض مع حسين سالم مقابل إلغاء الأحكام وإبلاغ النيابة العامة تنفيذها. ولا يتبقى لسالم بعد التصالح إلا قضية واحدة وهي قضية "غسيل الأموال"، حيث قضت محكمة الجنايات بمعاقبته بالسجن 7 سنوات فيها وتغريمه 2 مليار و400 مليون دولار، غير أن هناك تعديل آخر لقانون "غسيل الأموال"، يتيح التصالح أيضا في هذه القضية. ويتصالح حسين سالم أيضا في القضية التي قضت فيها محكمة جنايات الإسكندرية بالسجن 10 سنوات وإلزامه بدفع مبلغ 26 مليون جنيه، لاستيلائه على الأموال العامة، و10 سنوات أخرى فى قضية أرض البياضية غيابيا، وإلزامه بدفع غرامة 800 مليون جنيه. عز يتفاوض للبرلمان وقالت المصادر، إن أحمد عز تقدم أيضا بعرض للتصالح في عدد من القضايا بالكسب غير المشروع والاستيلاء على المال العام "في قضية الاستيلاء على الدخيلة"، يتضمن دفع 2 مليار جنيه. وفي قضية الكسب غير المشروع ينتظر جهاز الكسب غير المشروع تقرير الخبراء ومراجعة تقارير الذمة المالية لعز عن سنوات عمله في مجلس الشعب منذ عام 2005، لاستكمال التحقيقات. وبدأ عز مفاوضات التصالح من خلال فريق من المحامين حتى يتم رفع قرار التحفظ عن أمواله، ليستطيع التقدم مرة أخرى للترشح بانتخابات مجلس النواب المقبلة. ووصلت المفاوضات مع رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق، إلى مرحلة متقدمة بعد تقديمه عرضا للتصالح في القضية المحكوم عليه فيها بمعاقبته وابنته علياء بالسجن غيابيا 15 سنة وغرامة 522 مليون جنيه، وفى حال تصالحه سيتمكن من إسقاط عقوبة السجن الجنائى عليه باعتبار أن القانون نص على التصالح حتى فى حالة الحكم الغيابى. غالي يقرر الصمت ولم يتقدم وزير اقتصاد مبارك يوسف بطرس غالى، بأي عرض للتصالح، حيث يمكنه التصالح فى كافة القضايا المتهم فيها، و‘لغاء عقوبات تصل فى مجموعها إلى ما يزيد على 30 عاما سجن فى قضايا تتعلق بالفساد المالى، وإلزامه برد 35 مليون جنيه وغرامة مماثلة فى واقعتي اتهامه بتخصيص 6 سيارات فارهة لنفسه من أصل 102 سيارة متحفظ عليها بمصلحة الجمارك، وقيامه بتوزيع الباقى على أصدقائه من الوزراء، مما أضر بالمال العام فى مبالغ قدرت بأكثر من 35 مليون جنيه. موجة المصالحات السرية لن يتم الإعلان عنها إلا أنها قد تكون الأكبر في تاريخ مصر، وهناك العديد من الدولة تطالب بإنجاز هذه المصالحات والاستفادة بهذه الاموال في ظل الظروف الاقتصادية. وتتيح المادة "18 مكرر ب" فى قانون الإجراءات الجنائية، التصالح فى قضايا الكسب غير المشروع واختلاس المال العام والرشوة، وتنص المادة على أنه: "يجوز التصالح فى الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات، والمتعلقة بقضايا اختلاس المال العام والرشوة، ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء، ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذا إلا بهذا الاعتماد. ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقا له وبدون رسوم، ويكون لمحضر التصالح فى هذه الحالة قوة السند التنفيذى ويتولى مجلس الوزراء إخطار النائب العام سواء كانت الدعوى ما زالت قيد التحقيق أو المحاكمة. ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين فى الواقعة إذا تم الصلح قبل صدور حكم بات، فإذا تم التصالح بعد صدورالحكم باتاً وكان المحكوم عليه محبوساً نفاذاً لهذا الحكم جاز له أو وكيله الخاص أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعا بالمستندات المؤيدة له. ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعا بهذه المستندات ومذكرة برأى النيابة العامة وذلك خلال 10 أيام من تاريخ تقديمه، ويعرض على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة فى غرفة المشورة لنظره لتأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائيا، إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كل الشروط والإجراءات".