كشف تقريرٌ قضائي، أعده المستشار محمد إسماعيل نافع، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، عن وجود خلل وفساد في عملية تأليف وطبع الكتب الدراسية بوزارة التربية والتعليم عن عمد بقصد تقاضي مكافآت باهظة بدون وجه حق وإهدار مئات الملايين من الجنيهات في إعادة طبع الكتب القديمة مع تغيير الغلاف فقط للإيهام بتطوير المناهج. وأكدت النيابة الإدارية أنَّ وزارة التربية والتعليم كانت تشكل لجانًا وهميةً لتطوير المناهج، وتعقد لجانًا مختصةً تتقاضى مبالغ مالية ضخمة، وتكون النتيجة أنهم يغيرون فقط غلاف الكتاب ويقتبسون المادة القديمة كما هي دون زيادة أو نقصان أو تغيير حتى ولو حرف واحد، مما كلَّف خزانة الدولة مكافآت تقدر بالملايين بدون وجه حق وإعادة الطبع بمئات الملايين من الجنيهات. الواقعة حملها تقرير قضائي للنيابة الإدارية في القضية رقم 111 لسنة 57 قضائية، ويذكر: "مع كل شروق شمس يوم جديد تخرج علينا وزارة التربية والتعليم بمخالفة جديدة تظهر مدى الفساد التي تتمتع به هذه الوزارة ومدى الاستخفاف بمستقبل الطلاب والعبث بمستقبل هذه الأمة والسعي لتخريج شباب لا يستطيع أن يستفيد أو يفيد وطنه من خلال ما يقدم له من تعليم بالإضافة إلى تخريب اقتصاد الوطن ونهب أموال الشعب وتحميل موازنة الدولة مئات الملايين من الجنيهات دون مقابل". ورصد التقريرالمخالفات، التي شابت عملية تطوير وتأليف الكتب الدراسية للصفين الأول والثاني الثانوي الصناعي بنظام الثلاث سنوات، حيث تبيَّن إغفال لجنة التطوير ووضع المناهج المطورة إدخال ثمة تطوير وتعديل على المادة العلمية للمناهج الدراسية، الأمر الذى ترتَّب عليه إعادة تأليف وطبع الكتب الدراسية السابقة بذات المناهج الدراسية الملغاة، وإدراج بعض العاملين بديوان عام الوزارة بكشوف اختبار المؤلفين والمراجعين بتأليف الكتب الدراسية المطورة للصفين الأول والثاني الثانوي الصناعي نظام الثلاث سنوات، بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 366 لسنة 2007. وكشف التقرير عن نسخ الكتب الدراسية المطورة للصفين الأول والثاني الثانوي الصناعي نظام الثلاث سنوات، نسخًا حرفيًا من الكتب الدراسية القديمة الملغاة والادعاء كذبًا بتأليفها بمعرفة موجهي التعليم الفني بالوزارة، والإدارات التعليمية. تحقيقات النيابة الإدارية أكدت إهمال أعضاء لجنة المراجعة المشكلة من 20 أستاذًا من كلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان، وأعضاء لجنة الفحص الفني المشكلة من 20 عضوًا من العاملين بديوان عام الوزارة، وأعضاء لجنة الفحص النهائي المشكلة من عشرة أعضاء من قيادات الإدارة المركزية للتعليم الفني بالوزارة في مراجعة الكتب الدراسية المطورة المقررة للصفين الأول والثاني الثانوي الصناعي نظام الثلاث سنوات, الأمر الذي ترتَّب عليه الموافقة على طبعها, رغم عدم تضمينها مناهج دراسية مطورة ومطابقتها مطابقة حرفية للكتب الدراسية القديمة الملغاة. وبسؤال أعضاء لجان الفحص المشكلة لفحص ومراجعة الكتب الدراسية المطورة ومطابقتها بالكتب الدراسية القديمة الملغاة أمام المستشار محمد إسماعيل، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، اعترفوا بأنَّ الكتب الدراسية التي تم تطويرها وتأليفها وطبعها لا يوجد بها أي إضافة علمية جديدة للطالب أو المدرس ومطابقة مطابقة حرفيًا للكتب الدراسية القديمة الملغاة بقصد صرف مبالغ مالية كمكافآت دون وجه حق. وبسؤال حاتم سعيد عبد القادر، موجه مالي وإداري بديوان عام وزارة التربية والتعليم، قرر بأنَّ الكتب الدراسية المطورة المؤلفة للتعليم الفني الصناعي نظام الثلاث سنوات بلغت 216 كتابًا، ووافق الوزير حينذاك على إسناد تأليفها بالاتفاق المباشر نظير مكافأة تأليف 18 ألف جنيه للكتاب الواحد، وبلغ إجمالي المكافآت المنصرفة مبلغ ثلاثة ملايين و900 ألف جنيه، بخلاف تكاليف إعادة الطباعة. وبمواجهة 34 من قيادات التعليم الفني، أقروا بتأليفهم وفحصهم ومراجعتهم للكتب الدراسية المطورة للصفين الأول والثاني الثانوي الصناعي نظام الثلاث سنوات والتزامهم ببنود المنهج الدراسي المطور المحدد من لجنة التطوير والمعتمد من الوزير. وأكدت النيابة الإدارية في التقرير، عدم إدخال ثمة تطوير وتعديل على المادة العلمية وبنود المناهج الدراسية المطورة للصفين الأول والثاني الثانوي الصناعي نظام الثلاث سنوات، الأمر الذي ترتب عليه إعادة تأليف وطبع الكتب الدراسية القديمة الملغاة وإلحاق ضرر مالي بالدولة بلغ ثلاثة ملايين و900 ألف جنيه "قيمة المكافآت المنصرفة كمقابل تأليف ومراجعة وفحص للكتب الدراسية". وجاء بأوراق القضية أنه تم تكليف العاملين بديوان عام وزارة التربية والتعليم بتأليف الكتب الدراسية المطورة للصفين الأول والثاني الثانوي الصناعي نظام الثلاث سنوات بالمخالفة للحظر المنصوص عليه بالمادة الثامنة من القرار الوزاري رقم 266 لسنة 2007، والمنسوبة إلى لجنة اختيار المؤلفين والمراجعين والموقعين على كشوف الاختيار ونسخ الكتب الدراسية "المطورة للصفين الأول والثاني الثانوي الصناعي" نظام الثلاث سنوات نسخًا حرفيًا من الكتب الدراسية القديمة الملغاة، والادعاء كذبًا بتأليفها, الأمر الذى ترتَّب عليه الاعتداء على حق الملكية الفكرية المقرر قانونًا لمؤلفي هذه الكتب الدراسية بمقتضى نص المادة 143 من قانون الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002. وتبيَّن وجود إهمال في المراجعة والفحص الفني والنهائي للكتب الدراسية المطورة والمنسوب تأليفها بمعرفة موجهي التعليم الفني الصناعي, الأمر الذى ترتَّب عليه الموافقة على طبعها حال عدم تضمينها مناهج مطورة ومطابقتها حرفيًا للكتب الدراسية القديمة الملغاة، وصرف مكافآت بلغت ثلاثة ملايين و900 ألف جنيه مقابل تأليف ومراجعة دون وجه حق. وأكدت النيابة الإدارية أنَّ الأوراق والتحقيقات تنطق بثبوت النقل الحرفي للكتب الدراسية المطورة للصفين الأول والثاني الثانوي الصناعي نظام الثلاث سنوات من الكتب الدراسية القديمة الملغاة، ومن ثم التعدي على حقوق الغير بالنقل الحرفي من مؤلفاتهم، آخذًا مما خلصت إليه تقارير الرقابة الإدارية ولجان الفحص، التي أجمع كافة أعضائها على حدوث ذلك النقل الحرفي، مما كان يستوجب المساءلة التأديبية للمخالفين إلا أنَّ الثابت من الأوراق انتهاء خدمتهم بالإحالة إلى المعاش ومن ثم لا يجوز تتبعهم تأديبيًا. وأضافت النيابة الإدارية أنَّ الثابت من الأوراق اشتراك شاغلي الوظائف القيادية بقطاع التعليم الفني في أعمال وضع الخطة والمنهج الدراسي المطور واختيار المؤلفين والمراجعين، وتأليف الكتب الدراسية وإعمال الفحص الفني والنهائي لهذه الكتب الدراسية، وكذا تولي المكلفين الكتب الدراسية المطورة أعمال وضع الخطة والمنهج الدراسي المطور، وأعمال الفحص الفني والنهائي لهذه الكتب الدراسية المطورة، وتأليف بعضهم ما بين خمسة إلى عشرة كتب دراسية مطورة في غضون بضع شهور، بما لا يتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم الذهنية والعلمية واللغوية، ومن ثم يتبين صورية عملية التطوير والتأليف التي تمت وفقًا لما جرى عليه العمل كل بضع سنوات، بغية صرف المكافآت للعاملين بديوان عام الوزارة فى ظل غياب التعليمات المنظمة لذلك. وتبيَّن أنَّ المكلفين بمراجعة الكتب الدراسية المطورة محل التحقيق من أساتذة كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان الخاضعين لأحكام قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972. وطلب المستشار عناني عبد العزيز، رئيس هيئة النيابة الإدارية، من الدكتور محب صادق الرافعي، وزير التربية والتعليم، التدخل لإصلاح أوجه القصور والخلل بتعديل القرار الوزاري رقم 266 - 2007 بشأن اللائحة التنظيمية لإعداد الكتب والمطبوعات الدراسية، مع الالتزام بأحكام قانون المناقصات والمزايدات في طرح عملية تأليف الكتب والمطبوعات الدراسية عن طريق المناقصة العامة أو المحدودة أو الممارسة وحظر اللجوء إلى الاتفاق المباشر تحقيقًا للشفافية والمصداقية والمصلحة العامة واجتناب الشبهات، مشدِّدًا على أنه يحظر نهائيًا إسناد عملية تأليف الكتب والمطبوعات الدراسية إلى العاملين بديوان عام وزارة التربية والتعليم أو اشتراك شاغلي الوظائف القيادية بالوزارة في لجان وضع المناهج الدراسية واختيار المؤلفين والمراجعين وأعمال التأليف ولجان الفحص الفني والنهائي للكتب الدراسية نظير مقابل مادي تحت أي مسمى مع حظر الجمع بين أعمال وضع الخطة والمنهج الدراسي والتأليف للكتب الدراسية وأعمال لجان الفحص الفني النهائي، وتحديد مدة زمنية يتعين انقضاؤها قبل بدء طرح وإسناد عملية تأليف الكتب الدراسية.