برزت جهود دبلوماسية رفيعة المستوى، بين القاهرة وإديس أبابا والخرطوم، خلال اللحظات الآخيرة، من أجل التعامل مع نقطتي الخلاف في وثيقة سد النهضة، قبل التوقيع عليه ظهر اليوم الاثنين بالعاصمة السودانية. وقالت مصادر دبلوماسية إثيوبية رفيعة المستوى، إنَّ هناك جهودًا دبلوماسية مكثفة، تجري حاليًا للتعامل مع نقطتي الخلاف في وثيقة سد النهضة، والتي ليست ضمن المبادئ العشرة الأساسية، التي تتضمنها الوثيقة، لكنها تثير خلافًا محتدمًا بين الدول الثلاث. وأوضحت المصادر، التي رفضت الافصاح عن هويتها، أنَّ النقطة الخلافية الأولى تدور حول بند "الإلزام" بمبادىء الوثيقة، الذي يتمسك به الجانب المصري، والثانية طلب مصري بشأن المساهمة في جانب الربح أو الخسارة من السد، عن طريق المساهمة بمبلغ مالي، سواء من خلال التمويل أو شراء أسهم. ولفتت المصادر إلى أنَّ الجانب الإثيوبي يصر على رفض النقطتين، حيث يرى ضرورة النص على بند "احترام" وليس "إلزام"، فيما يرفض النقطة الثانية المتعلقة بالمساهمة المالية، على اعتبار أنها قضية تم تجاوزها منذ فترة طويلة وغير مطروحة حاليًا. وكشفت المصادر ذاتها عن اقتراح مصري يتعلق بمشاركة مصر في إدارة سد النهضة، وهو ما وافق عليه الجانب الإثيوبي، وتم التوافق على وجود مقر دائم للجنة الخبراء الوطنيين في أديس أبابا، يمكنه متابعة أي إشكاليات فنية خلال بناء السد، لافتةً إلى أنَّ مهمة هذا المكتب لن تنتهي بانتهاء مهمة المكتب الاستشاري الدولي. وأعلنت الرئاسة السودانية أنَّ مراسم توقيع إعلان مبادئ سد النهضة "بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا"، ستجري الساعة الثانية عشرة بالتوقيت المحلي، غير أنَّ التلفزيون المصري لفت إلى أنَّ التوقيع سيتأخر ساعة. ووصل الخرطوم، في وقت سابق اليوم، رئيس الوزراء الأثيوبي، هيلي ديسالين، والرئيس عبد الفتاح السيسي، للمشاركة في اجتماع القمة مع الرئيس السوداني عمر البشير. وفي وقت سابق أمس، قال مصدر دبلوماسي مصري إنَّ "الخلاف قد ينتهي خلال القمة المقررة بين الرئيس السيسي، والرئيس السوداني البشير، ورئيس وزراء أثيوبيا ديسالين، التي سيجرى خلالها مناقشة بنود الوثيقة، وفي حال الوصول إلى توافق بشأن بند "الإلزام" سيتم توقيع الوثيقة. ومضى: "هناك سيناريو آخر وهو إمكانية التغاضي عن هذا البند وإرجائه للمكتب الاستشاري للفصل فيه فيما يتم الاكتفاء بالتوقيع الإثنين على البنود الأساسية فقط". وبحسب المصدر، فإنَّ الوثيقة السياسية تتضمن مبادئ أساسية تحفظ في مجملها الحقوق والمصالح المائية المصرية، وتتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية، وأبرزها "مبدأ التعاون، والتنمية والتكامل الاقتصادي، والتعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، والاستخدام المنصف والعادل للمياه، والتعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوي، ومبدأ بناء الثقة، ومبدأ تبادل المعلومات والبيانات، ومبدأ أمان السد، ومبدأ احترام السيادة ووحدة أراضي الدولة، وأخيرًا مبدأ الحل السلمي للنزاعات". وتتخوف مصر من تأثير سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، على حصتها السنوية من مياه النيل التي تبلغ 55,5 مليار متر مكعب، بينما يؤكد الجانب الإثيوبي أنَّ سد النهضة سيمثل نفعًا لها خاصة في مجال توليد الطاقة، كما أنه لن يمثل ضررًا على السودان ومصر "دولتي المصب". وفي 22 سبتمبر الماضي، أوصت لجنة خبراء وطنيين من مصر والسودان وإثيوبيا، بإجراء دراستين إضافيتين حول سد النهضة، الأولى حول مدى تأثر الحصة المائية المتدفقة لمصر والسودان بإنشاء السد، والثانية تتناول التأثيرات البيئة والاقتصادية والاجتماعية المتوقعة على مصر والسودان جراء إنشاء هذا السد. وتتكون لجنة الخبراء الوطنيين من ستة أعضاء محليين "بواقع اثنين من كل من مصر والسودان وإثيوبيا"، وأربعة خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود.