أُغلق أول أمس بشكل نهائي باب الترشح للانتخابات البرلمانية، وأصبح حزب "النور" هو الحزب صاحب عدد المرشحين الأكبر على المقاعد الفردية وعددهم 229 مرشح، قبل استبعاد غير المستكمل أوراقهم، كما تقدم ب 120 مرشحا على مقاعد القوائم. في المقابل، شهدت اللجنة العليا للانتخابات تقدم عدد غير قليل من الأقباط المسيحيين للترشح على المقاعد الفردية في العديد من الدوائر الفردية، وهو ما يشير بأن 50% من الدوائر على الآخر، يتنافس بها مرشح لحزب النور وآخر قبطي. ويلعب التيار الإسلامي بصفة أساسية على الحشد من جانب الترويج لفكرة نصرة الدين، وعلى الجانب الآخر، تعد روابط الأقباط المحرك الأساسي لحشد أصوات مسيحيي مصر تجاه مرشح معين خاصة في صعيد مصر، وينظر لتلك الأساليب أنها أحد الأدوات المباحة لحشد الناخبين، خاصة في ضوء عدم سيطرة القضاء على استخدام الدين في الدعاية الانتخابية. ويحكم التصويت الطائفي بأي انتخابات قاعدة عامة، وهي؛ كلما تراجعت نسبة الأحزاب الدينية في الانتخابات، كلما تراجعت نسبة التصويت الطائفي والعكس صحيح، وزاد قانون تقسيم الدوائر الحالي حصة المقاعد الفردية إلى 420 عن الانتخابات الماضية، ما جعل المعركة البرلمانية أكثر شراسة وحدة، ومع حظر اللجنة العليا للانتخابات استخدام الشعارات الدينية، في العملية الانتخابية، يتوقف قدرة كل فصيل في الحشد على ما يملى عليه من قبل رجال الدين، في المساجد والكنائس. الثورة عمقت التصويت الطائفي وقد شهدت مصر عدة مراحل من التصويت الطائفي منذ انتخابات 1984 ، وأثناء تحالف الوفد مع الإخوان، وبروز الصوت المسيحى كمعادل موضوعى دينى للصوت الإسلامى. وتكرر ذلك في انتخابات 1987، و1990 و1995 و2000 و2005 و2010، وعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير دخلت تطور التصويت الطائفي ليصبح أحد المعادلات الرئيسية في الحشد، وظهر جليا باستفتاء التعديلات الدستورية 19 مارس 2011، والذي تم حشد قطاع كبير فيه من الناخبين تحت دعوة الحفاظ على الدين الإسلامي، وعدم ‘لغاء المادة الثانية من الدستور، كذلك انتخابات الرئاسة من عام 2012، والذي اتهم فيه التيار الإسلامي الكنيسة المصرية بتوجيه الناخبين لصالح المرشح أحمد شفيق خلال جولة الإعادة، ومن ثم مناداته باختيار محمد مرسي من أجل تطبيق الشريعة. حتى في انتخابات البرلمان الماضية، كانت معظم تقارير الرقابة المحلية تتحدث عن تصدر التصويت الطائفي للمشهد في أول يوم انتخابات. الريف والصعيد وثنائية التصويت وتعد المحافظات الريفية من أكثر المحافظات تأثرا بالخطاب الديني، خاصة القرى، نظرا لميل سكان تلك المحافظات إلى الأفكار المحافظة اجتماعيا، وبغض النظر عن وجود الأقباط بكثافة في تلك المحافظات أو لا، يصبح الوازع الأخلاقي والديني هو محرك أساسي في عملية التصويت، على عكس الحضر الذي يتأثر بشكل كبير بالخطاب المدني. وقد ظهرت ملامح تلك التركيبة في انتخابات مجلس الشعب عام 2011 بفوز الإخوان بأكثر من 70% من أصوات الريف، بينما فازت القوى المدنية في الحضر بنسبة 60%. أما صعيد مصر، فيشهد النسبة الأعلى في التصويت الطائفي، خاصة في محافظة المنيا، وأسيوط، التي تشهد كثافة عالية للأقباط، وهو ما أشارت له العديد من التقارير الرقابية في توجيه الحشد الانتخابي لصالح المرشح غير المدعوم من الكتله القبطية. ظاهرة لابد وأن تنتهي محمد أمين، المتحدث الرسمي لحزب المحافظين، يقول أن وجود حزب "النور" في المعادلة الانتخابية يزيد من فرص التصويت الطائفي في مصر، ومن المتوقع أن تشهد مصر ذلك خلال الانتخابات التشريعية القادمة ارتفاع ملحوظ في التصويت الطائفي، خاصة في محافظات الصعيد، والذي يتواجد به تيار الإسلام السياسي بكثافة. ويضيف أمين أن الديموجرافيا السياسية تفترض أن الناخب الأعلى دخلا يميل للتصويت لصالح الأحزاب الليبرالية فى الديمقراطيات الغربية، لذلك نجد نفوذ التيار الإسلامى يتعاظم فى المحافظات الفقيرة مقابل تزايد فرص حصول التيار المدنى على أصوات الناخبين فى المحافظات الغنية. ويؤكد أمين أن الأحزاب المدنية يقع على عاتقها مسئولية كبيرة في ضرورة تقديم برامج انتخابية قوية وواقعية مبنية على أساس علمي يستطيع أن يقنع به الناخب في الشارع المصري. من جانبه، يؤكد محمد مبروك سكرتير الهيئة العليا لحزب الوفد، أن استغلال دور العبادة في الانتخابات البرلمانية المقبلة أمر مرفوض تماماً، ويجب أن يكون هناك اجراءات قانونية رادعة ضد كل من يستخدم الشعارات الدينية من أجل توجيه الناخبين. وأوضح مبروك أن رجال الدين عليهم مسئولية دفع المسلمين والمسيحيين للمشاركة في الانتخابات القادمة، دون التدخل أو التلميح لأى مرشح أو قائمة على حساب الأخرى، مشيرا إلى أن "تجاربنا وتجارب الدول، مع الاستقطاب الدينى، كانت تجارب سيئة، ولم تنتج سوى أنظمة فاشية".